حذر رئيس الأركان العامة في المملكة المتحدة، باتريك ساندرز من وجود "ضرورة ملحة" لزيادة حجم الجيش البريطاني والاستعداد لـ"القتال في أوروبا مرة أخرى" في مواجهة روسيا، داعيًا إلى تدريب وتسليح "جيش مواطن احتياطي" على غرار ما تفعله السويد حاليًا، وهو ما أثار حفيظة رئيس الوزراء ريشي سوناك ليخرج متحدث باسمه ينفي نية المملكة إدخال التجنيد الإجباري مرة أخرى حيز التنفيذ.
ضرورة ملحة
وفي خطاب ألقاه في المؤتمر الدولي للمركبات المدرعة في لندن، قال "ساندرز" إن المملكة المتحدة يجب أن توسع حجم جيشها بشكل عاجل إلى نحو 120 ألف جندي في غضون ثلاث سنوات، أي ضعف القوة تقريبًا من قوتها الحالية التي تقل قليلاً عن 76 ألفًا، مقارنة بنحو 100 ألف في عام 2010.
وأكد في خطابه أن بريطانيا بحاجة إلى جيش مصمم للتوسع بسرعة، موضحًا أنه "في غضون السنوات الثلاث المقبلة، يجب أن يكون من المصداقية الحديث عن جيش بريطاني قوامه 120 ألف جندي، ينضمون إلى احتياطينا واحتياطينا الاستراتيجي. لكن هذا ليس كافيًا"، كما دعا إلى بذل المزيد من الجهود للتحديث وتجهيز القوات المسلحة.
وأضاف: "لن نكون محصنين، وعلينا كجيل ما قبل الحرب أن نستعد بالمثل، وهذا مشروع يشمل الأمة بأكملها لتدريب وتجهيز (جيش المواطن) يمكن تفعيله في حالة نشوب حرب افتراضية مع روسيا".
كما دعا قادة عسكريون كبار آخرون في حلف شمال الأطلسي "الناتو" مؤخرًا إلى الاستعداد لصراع محتمل، وسلطوا الضوء على الخطوات التي يتم اتخاذها في دول مثل السويد وفنلندا لوضع دولهم على حافة الحرب.
الاحتذاء بالسويد
واستشهد الجنرال بالسويد كمثال يجب أن تحذو المملكة المتحدة حذوه، مشيدًا بالدولة التي يزيد عدد سكانها قليلًا عن 10 ملايين نسمة لاتخاذها "خطوات تحضيرية" لوضع مجتمعها "على قدم وساق للحرب"، إذ أعلنت السويد، التي تمت الموافقة على انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، عن خطط في وقت سابق من هذا الشهر لإعادة تقديم التجنيد المدني، بعد أن أعادت التجنيد العسكري الإجباري في عام 2017.
وأعلن ساندرز أن "أوكرانيا توضح بوحشية أن الجيوش النظامية هي التي تبدأ الحروب، وجيوش المواطنين هي التي تفوز بها".
رد سوناك
اعتُبر بيان ساندرز على نطاق واسع بمثابة دعوة للتجنيد الإجباري، وأصدر مكتب سوناك بيانًا بعد ذلك بوقت قصير للتقليل من المخاوف بشأن التجنيد المحتمل.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء إن "الجيش البريطاني لديه تقليد فخور بكونه قوة تطوعية، ولا توجد خطط لتغيير ذلك". وأضاف المتحدث أن "الانخراط في حروب افتراضية لم يكن مفيدًا".
تحذيرات سابقة
هذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها الجنرال السير باتريك من التهديد المتزايد للحرب، ويعرب عن مخاوفه بشأن عدم استعداد بريطانيا، توقع ساندرز حربًا افتراضية مع روسيا في عدة مناسبات خلال العامين الماضيين، إذ أعلن في رسالة كتبها بعد أيام من توليه قيادة الجيش في يونيو 2022، أن "هناك الآن ضرورة ملحة لتشكيل جيش قادر على القتال إلى جانب حلفائنا وهزيمة روسيا في المعركة"، وأنه يجب اتخاذ الاستعدادات "للقتال في أوروبا مرة أخرى".
ومن المقرر أن يتم استبدال ساندرز في يونيو بالجنرال رولي ووكر، وبحسب تقارير إعلامية بريطانية، أُجبر الأخير على ترك وظيفته بسبب تعليقاته العدائية. ومع ذلك، فإن ساندرز ليس استثناءً في مؤسسة الدفاع البريطانية، إذ صرح وزير الدفاع البريطاني الجديد، جرانت شابس، الأسبوع الماضي، إن البلاد يجب أن تكون مستعدة لحرب شاملة مع روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، وإن الإنفاق العسكري سيرتفع إلى ما يتجاوز هدفه الحالي وهو 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي؛ لمواجهة هذا "التهديد الوجودي".
مقارنة غير عادلة
أنهت قوات الجيش والبحرية والقوات الجوية البريطانية عام 2023 بـ184.865 فردًا في الخدمة الفعلية، وهو أدنى رقم منذ نهاية الحروب النابليونية. وشهد الجيش وحده تقلص عدد أفراده من أكثر من 100 ألف في عام 2010 إلى 75983 في نهاية العام الماضي.
وعلى النقيض من ذلك، لدى روسيا أكثر من 1.1 مليون جندي في الخدمة الفعلية، نحو 617 ألف منهم ينشطون حاليًا في منطقة القتال في أوكرانيا، حسبما كشف الرئيس فلاديمير بوتين، الشهر الماضي.