أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مخطط الاحتلال للسيطرة الدائمة على قطاع غزة، بعد انتهاء العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي، في محاولة لنسف الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب، والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تفاصيل الوثيقة
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن نتنياهو قدم للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) وثيقة مبادئ تتعلق بسياسة اليوم التالي لحرب غزة. وقالت الهيئة إن وثيقة نتنياهو تتضمن احتفاظ إسرائيل بحرية العمل في كامل قطاع غزة دون حد زمني، كما تتضمن أيضًا إقامة منطقة أمنية في القطاع متاخمة للمستوطنات الإسرائيلية.
وأشارت الهيئة إلى أن وثيقة نتنياهو تنص كذلك على إبقاء إسرائيل على الإغلاق الجنوبي على الحدود بين غزة ومصر، كما تشتمل أيضا على بند إغلاق وكالة "الأونروا" وأن تحل محلها وكالات إغاثة دولية أخرى.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن وزراء المجلس الوزاري الأمني المصغر لم يصوتوا بالموافقة على وثيقة نتنياهو.
من جانبه، ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، أن نتنياهو يريد أيضًا تنفيذ خطة لما يسميه "اجتثاث التطرف" في جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والرعاية الاجتماعية في قطاع غزة.
وتشدد الوثيقة على أن إعادة إعمار قطاع غزة لن تكون ممكنة إلا بعد الانتهاء من عملية التجريد من السلاح وبدء عملية "نزع التطرف"، وهو موقف لم يعبر عنه نتنياهو علنًا من قبل.
ولا تحدد الوثيقة بوضوح من يتصور نتنياهو أن يحكم غزة بعد الحرب، لكنها تقول إن "عناصر محلية ذات خبرة إدارية" ستكون مسؤولة عن الإدارة المدنية والنظام العام في غزة.
حشد للإجماع
كما نقل "أكسيوس" عن مساعد لنتنياهو قوله، إن الهدف من الوثيقة المطروحة تقديم مبادئ من شأنها أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الإجماع. وأضاف المساعد أن المشاورات بمجلس الوزراء الإسرائيلي ستؤدي على الأرجح إلى تغييرات قبل الموافقة على الوثيقة، وفق قوله.
وفي أكثر من مرة، أكد نتنياهو أنه يريد "سيطرة أمنية إسرائيلية" على غزة بعد الحرب. وفي تصريحات سابقة له أيضًا، قال "في اليوم التالي للحرب يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح، وهناك قوة واحدة فقط يمكنها أن تكون مسؤولة عن ذلك، وهي الجيش الإسرائيلي".
كما أكد في أكثر من مناسبة رفضه القاطع تولي السلطة الفلسطينية مهام الحكم بقطاع غزة بعد الحرب. وتتعارض تصريحات نتنياهو في هذا الشأن مع الموقف الأمريكي، وأثارت السيناريوهات المرسومة خلافا بينه وبين الرئيس الأمريكي جو بايدن.
الاحتلال يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وجاء الكشف عن وثيقة نتنياهو بشأن سياسة الاحتلال في غزة بعد انتهاء العدوان، بعد أن أيد الكنيست الإسرائيلي، أول أمس الأربعاء، إعلان نتنياهو رفض أي اعتراف بدولة فلسطينية "من جانب واحد"، بعد تزايد الدعوات الدولية لإحياء الجهود من أجل التوصل إلى حل الدولتين، لإنهاء للصراع المستمر منذ عقود.
ويقول الإعلان الإسرائيلي إن أي اتفاق دائم مع الفلسطينيين يجب أن يتم التوصل إليه عبر مفاوضات مباشرة بين الجانبين، وليس من خلال إملاءات دولية.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نشرت تقريرا الأسبوع الماضي، ذكر إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومجموعة صغيرة من الشركاء في الشرق الأوسط، يسارعون لاستكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، تشمل جدولًا زمنيًا ثابتًا لإقامة دولة فلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وعرب لم تكشف هوياتهم، قولهم إن وقفًا مبدئيًا لإطلاق النار، من المتوقع أن يستمر لمدة ستة أسابيع على الأقل، سيتيح الوقت لإعلان الخطة وحشد دعم إضافي، واتخاذ الخطوات الأولية نحو تنفيذها، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة.
وأشار المسؤولون، إلى أن المخططين يأملون في إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى قبل بداية شهر رمضان، الذي يبدأ في 10 مارس، خشية أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والأجواء المتوترة في غزة.
معضلة إسرائيل
وقال مسؤول أمريكي من بين عدة دبلوماسيين أمريكيين وعرب، طلبوا عدم كشف هوياتهم، لتجنب عرقلة الخطة قبل اكتمالها: "المفتاح هو صفقة المحتجزين".
ولكن حتى في الوقت الذي يعمل فيه مشاركون في التخطيط، بما في ذلك مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وممثلون فلسطينيون، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، على التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، هناك مخاوف جديدة من أن هجوماً إسرائيلياً وشيكاً على رفح الفلسطينية المكدسة بالنازحين، سيفاقم الأزمة في غزة، و"يدفن صفقة الأسرى والمحتجزين وجهود السلام طويل الأمد"، بحسب الصحيفة الأمريكية.
لكن المشكلة الجلية، وفق الصحيفة، في غرفة التخطيط هي إسرائيل، وما إذا كانت حكومتها ستُذعن للكثير مما تجري مناقشته، ويشمل "إزالة العديد من المستوطنات، إن لم يكن كلها، في الضفة الغربية، وعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وإعادة إعمار غزة، وترتيبات أمن وحوكمة للضفة الغربية وقطاع غزة معا".