حالة من الاضطراب تشهدها بلدة مونفالكوني الإيطالية، بعدما تم إرسال ظرف مجهول المصدر إلى مركز إسلامي، يحتوي على صفحات من المصحف تم حرقها، يأتي هذا التصرف عقب سلسلة من قرارات رئيسة البلدة اليمينية المتطرفة منها منع إقامة الصلاة في مبنى ثقافي إسلامي، وحظر ارتداء البوركيني على الشواطئ.
حرق صفحات المصحف
كان السكان المسلمون في مدينة مونفالكوني الساحلية على البحر الأدرياتيكي يعيشون بسلام نسبيًا لأكثر من 20 عامًا، حتى جاء هذا الظرف الذي يحتوي على صفحتين من القرآن محروقتين جزئيًا بمثابة صدمة لهم.
تم استلام الظرف الموجه إلى جمعية "دار السلام الثقافية الإسلامية" في شارع فيا دوكا داوستا، بعد وقت قصير من إصدار عمدة مونفالكوني اليمينية، آنا ماريا سيسينت، قرارًا يحظر الصلاة في المبنى.
ووفقًا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، قال بو كوناتي، رئيس الجمعية: "لقد كان الأمر مؤلمًا، وإهانة خطيرة لم نتوقعها أبدًا.. لكن ذلك لم يكن من قبيل الصدفة، لقد كانت الرسالة بمثابة تهديد، نتجت عن حملة كراهية".
تجاوز عدد سكان مونفالكوني مؤخرًا 30 ألف نسمة، وبالرغم من كونه تغييرًا إيجابيا إذ تعاني البلدة من انخفاض سريع في معدل المواليد، إلا أنه لم يتم الترحيب به، حيث ترعى "سيسينت" أجندة معادية للإسلام منذ فوزها بولايتها الأولى في عام 2016.
استهداف المهاجرين
فازت سيسينت، وهي سياسية مدعوم من حزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني، بإعادة انتخابها بسهولة في عام 2022، وكانت إحدى سياساتها الأولى هي إزالة المقاعد الموجودة في الساحة الرئيسية، بزعم أنها كانت تستخدم بشكل أساسي من قبل المهاجرين.
وحاولت سيسينت الحد من عدد الأطفال الأجانب في المدارس، في حين تم إلغاء لعبة الكريكيت، التي تحظى بشعبية كبيرة بين البنغال، من المهرجان الرياضي.
إن عدد القوى العاملة المهاجرة الرخيصة من المواطنين البنغال في مونفالكوني يفوق عدد الإيطاليين بكثير، خاصة خلال فترات الذروة في بناء السفن السياحية الضخمة.
وتعزز المجتمع البنغالي في مونفالكوني بشكل أكبر من خلال وصول أقاربهم عبر سياسة لم شمل الأسرة، والتي ترغب "سيسينت" في تقييدها، ومن خلال أطفالهم المولودين في إيطاليا. وقال إنريكو بوليان، المستشار اليساري لمنطقة فريولي فينيتسيا جوليا: "لولا مساهمة المجتمع الأجنبي، لكانت مونفالكوني مدينة أشباح".
منع الصلاة وحظر البوركيني
وفي الصيف الماضي، مُنعَت النساء المسلمات من ارتداء البوركيني على الشاطئ. لكن الحظر الذي فُرِضَ على الصلاة في نوفمبر والذي ينطبق على مبنى المركز الثقافي الإسلامي، هو الذي تردد صداه أكثر من غيره.
وقال كوناتي، وهو مهندس يعيش في إيطاليا منذ 40 عامًا: "لقد كان له تأثير هائل.. كنا نصلي بسلام هنا لأكثر من 20 عامًا. فلم يكن هذا مكانًا للصلاة فحسب، بل كان الناس يأتون للالتقاء والدردشة. وكذلك الأطفال لتلقي دروس ما بعد المدرسة. هناك العديد من المراكز الثقافية الإسلامية في جميع أنحاء أوروبا حيث يمكنك الصلاة، ولا أحد يمنع ذلك".
وفي المقابل، زعمت "سيسينت" أن المسلمين انتهكوا قواعد التخطيط الحضري لأن المباني كانت مخصصة للاستخدام التجاري وليس للعبادة. وذكرت أن السلامة كانت عاملًا آخر، بعد أن أرسل المواطنون صورًا لها تظهر مئات الأشخاص وهم يدخلون. وقالت لصحيفة "أوبزرفر": "لقد تم استخدام المبنى بطريقة مشوهة، إذ حولوه إلى مسجد. وعليهم أن يحترموا القوانين".
وينسجم الحظر مع اقتراح تقدمت به جماعة ميلوني لإغلاق مئات أماكن صلاة المسلمين غير الموجودة في المساجد على مستوى البلاد. وعندما طلب منها التعليق على "وضع مونفالكوني" خلال مؤتمر صحفي في أوائل يناير، قالت ميلوني، التي طالما انتقدت "الأسلمة" في أوروبا: "يجب على أولئك الذين يختارون العيش في إيطاليا احترام الأعراف الإيطالية".
معاداة الإسلام
ومن جهته، قال كوناتي إن مسلمي مونفالكوني يحترمون القوانين دائمًا، والدليل على ذلك هو معدل الجريمة المنخفض للغاية في المدينة، وأن دافع عمدة المدينة هو تقليص حقهم الدستوري الإيطالي في الصلاة.
وقال السكان في بلدة مونفالكوني، إن قرارات حظر العبادة في المراكز الثقافية وحظر البوركيني على الشاطئ جزء من أجندة معادية للإسلام.
واحتج الآلاف ضد حملة سيسينت المناهضة للإسلام، والتي يعتقد الكثيرون أنها تُستخدم لتعزيز صورتها على أمل خوض الانتخابات الأوروبية في يونيو.