أثار قرار سلطات مدينة بولونيا الإيطالية، فرض حد أقصى للسرعة لا يتجاوز 30 كيلومترًا/ساعة على الطرق الحضرية الرئيسية استياء واحتجاج الكثير من سائقي المركبات والسكان.
ودخل القرار المثير للجدل، الذي أطلقت عليه الصحافة المحلية اسم "D-DAY"، حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي، في إطار محاولة السلطات للحد من حوادث المرور وتلوث الهواء والضوضاء.
وتعد بولونيا أول مدينة كبرى في إيطاليا تتخذ مثل هذا الإجراء، إذ فرضت حد 30 كيلومترًا/ساعة على شبكة الطرق الحضرية بها، في حين كان الحد الأقصى السابق للسرعة 50 كيلومترًا.
انتقاد حكومي
فيما يبدو رد فعل وزاري على الإجراءات المثيرة للجدل في بولونيا، انتقدت وزارة النقل والبنية التحتية بقيادة نائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني، اليوم الجمعة، قرار بولونيا بفرض حد أقصى للسرعة.
وقالت الوزارة إن هذه الخطوة "لا تبدو اختيارًا معقولًا لأن المشكلات التي تواجه المواطنين وخاصة العمال من المحتمل أن تتجاوز الفوائد المتعلقة بسلامة الطرق، والتي ما تزال تمثل أولوية قصوى بالنسبة للوزير ماتيو سالفيني".
وأضاف البيان أن الوزارة مستعدة لبدء محادثات مع المجلس المحلي للبحث عن "حلول بديلة"، ومنع إلغاء الحد بسبب التحديات القانونية، مشيرة إلى سابقة ما حدث مع مطلب ميلانو الخاص بتجهيز الشاحنات الثقيلة بأجهزة للكشف عن النقاط العمياء.
مسيرات احتجاجية
تسبب القرار بغضب واسع بين بعض سائقي المركبات في المدينة بحسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، ونظم الكثير منهم مسيرات احتجاجية أدت إلى شلل مروري، كما هدد سائقو سيارات الأجرة برفع التعريفة ردًا على إجبارهم على القيادة ببطء أكبر.
وانطلقت مظاهرة احتجاجية اليوم الجمعة من أمام مبنى البلدية، فيما يخطط معارضو عمدة المدينة ماتيو ليبوري من أحزاب اليمين لإجراء استفتاء شعبي بشأن هذا القرار.
وقال أندريا سبيتولي، أحد منظمي الاحتجاج للصحيفة البريطانية: "هناك الكثير من الغضب في بولونيا الآن.. ليست المشكلة فقط في تعرض السائقين للغرامات، وإنما في أن هذا القانون يغير الحياة تمامًا".
وأضاف "سبيتولي" أنه تلقى الكثير من المكالمات من أشخاص يقولون إن الحد الجديد للسرعة جعلهم يتأخرون في الوصول للعمل أو في توصيل أطفالهم للمدرسة.
من جهتهم، أعرب سائقو الحافلات عن مخاوفهم من أن تؤدي السرعة الأبطأ إلى تعطيل الجداول الزمنية.
الإجراءات والغرامات
تفرض الغرامات على السائقين الذين يتجاوزون سرعة 36 كيلومترًا/ساعة، حيث تبدأ من 29 يورو عند الدفع الفوري، وبحسب السلطات، بلغ عدد المخالفات يوم الأربعاء 7 حالات فقط.
رأي المؤيدين والمعارضين
يرى مؤيدو الإجراء، مثل حركة "بولونيا 30"، بحسب ما تشير صحيفة "إيل جورنالي" أن القيادة بسرعة 30 كم/ساعة ستحقق فوائد عديدة مثل السلامة على الطرق وتقليل الازدحام المروري والضوضاء والتلوث.
من جهته، قال عمدة المدينة ماتيو ليبوري إن عدد الغرامات القليلة التي فُرضت في اليوم الأول من تطبيق الإجراء تُظهر أن معظم السائقين بدأوا بالتكيف مع القاعدة الجديدة، حتى وإن كان ذلك بتذمر.
وأضاف "ليبوري": "سنواصل المضي قدما لأننا مقتنعون بأننا سنرى نتائج سريعة على صعيد السلامة المرورية".
في المقابل، يرفض المعارضون فكرة التضحية بالوقت والمال من أجل هذه الفوائد غير المؤكدة برأيهم.
واستلهمت إدارة ليبور أفكارها من مدن أوروبية أخرى، من بينها بروكسل وباريس وجراتس في النمسا، والتي طبقت إجراءً مماثلًا منذ عام 1992. وأكثر من نصف الطرق في لندن لديها حد أقصى يبلغ 20 ميلًا في الساعة، أي ما يعادل 32 كيلومترًا.
وتقول فالنتينا أوريولي، مستشارة النقل والمساحات العامة في البلدية: "كما أثبتت المدن الأخرى التي طبقت هذا الإجراء لسنوات، فإن نجاح المدينة بتطبيق حد السرعة يعتمد بالفعل على التزام الجميع بقواعد المرور".