مع المخاوف الأمريكية من سعي روسيا للحصول على سلاح مضاد للأقمار الصناعية، دعا وزير ألماني المملكة المتحدة وفرنسا إلى نشر "درع نووي" فوق أوروبا لردع أي ضربة روسية محتملة، وسط مخاوف من أن حلف شمال الأطلسي الناتو قد لا يتمكن بعد الآن من الاعتماد على الدعم الأمريكي في حالة فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
تصريح ترامب
ويأتي الاقتراح الذي قدمه وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، بعد أيام فقط من تصريح الرئيس الأمريكي السابق ساخرًا بأنه سيسمح لروسيا أن تفعل ما تريده بحق أعضاء التحالف المتأخرين عن تخصيص 2٪ من ناتجهم المحلي الإجمالي للدفاع.
وجاء في مقال كتبه وزير المالية الألماني لصحيفة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج" الألمانية: "يجب أن نفهم تصريحات دونالد ترامب الأخيرة على أنها دعوة لمزيد من إعادة التفكير في هذا العنصر من الأمن الأوروبي تحت مظلة الناتو"، مضيفًا: "القوات النووية الاستراتيجية لفرنسا وبريطانيا العظمى تسهم بالفعل في أمن تحالفنا، والسؤال هو: في ظل أي ظروف سياسية ومالية قد تكون باريس ولندن على استعداد للحفاظ على أو توسيع قدراتهما الاستراتيجية في مجال الأمن الجماعي؟".
قوتان نوويتان وحيدتان
وبريطانيا وفرنسا هما القوتان النوويتان الوحيدتان في أوروبا، ورغم أنهما عضوان في حلف شمال الأطلسي، إلا إنهما تحتفظان بسيطرتهما المستقلة على ترساناتهما النووية، لكن حتى قوتهما الجماعية لا تشكل سوى جزء ضئيل من تلك التي تستخدمها روسيا، التي تمتلك أكبر مجموعة من الأسلحة النووية وأكثرها تنوعًا على مستوى العالم، حتى إنها أكبر من تلك الموجودة في المخزونات الهائلة لدى واشنطن، وفق "ديلي ميل" البريطانية.
ويعتمد الردع النووي الذي يتمتع به حلف شمال الأطلسي بشكل كبير على الولايات المتحدة، التي تمتلك ثاني أكبر مخزون من الأسلحة النووية بنحو 5200 مقابل 5800 تمتلكها روسيا، على الرغم من الاعتقاد بأن أكثر من ألف منها تقاعدت وتنتظر نزع سلاحها.
مناورات نووية
يتم نشر عدة مئات من هذه الرؤوس الحربية في بلدان في أوروبا -بشكل أساسي في مواقع في ألمانيا وإيطاليا وهولندا- لتكون بمثابة رادع للقارة، ويجري حلف شمال الأطلسي مناورات نووية كبرى كل عام لضمان استعداده وردع أي معتدٍ محتمل، وخاصة روسيا.
ويساهم الأعضاء الأوروبيون في التحالف بطائرات لاستخدامها في سيناريو النشر النووي، لكن واشنطن تحتفظ بالسيطرة المطلقة على استخدام هذه الأسلحة، بالتالي فإن أي اقتراح مفاده سحب الولايات المتحدة دعمها من حلف شمال الأطلسي يشكل سببًا خطيرًا للقلق بالنسبة لمسؤولي الدفاع الأوروبيين، الذين قد يشهدون تضاؤل قدراتهم النووية بالكامل.
وتمتلك المملكة المتحدة نحو 225 رأسًا حربيًا تحت تصرفها، وجميعها محمولة على غواصات فانجارد النووية، ولكن 40 رأسًا فقط جاهزة للنشر في أي وقت، فيما تمتلك فرنسا ترسانة نووية أكبر قليلاً تضم 290 رأسًا، معظمها أيضًا منطلق على الغواصات، بالإضافة إلى نحو 50 صاروخ كروز يمكن نشرها بواسطة الطائرات القاذفة الفرنسية.
رفض المقترح
ودفع هذا البعض، بما في ذلك وزير المالية الألماني، إلى اقتراح إمكانية تجميع البلدين مواردهما لإنشاء "مظلة نووية" جديدة فوق أوروبا، لكن المملكة المتحدة وفرنسا تديران برامجهما النووية بشكل مستقل عن حلف شمال الأطلسي، ولا تمتلكان سوى بضع عشرات من الأسلحة التي يمكن أن تديرها قوات جوية أجنبية.
ونتيجة لذلك، رفض الأمين العام للحلف وأغلب الزعماء الأوروبيين هذا الاقتراح، وبدلاً من ذلك ركزوا جهودهم على توحيد منظمة حلف شمال الأطلسي، وتثبيط أي محادثات من شأنها أن تدق إسفينًا بين الولايات المتحدة وأوروبا، كما رفض وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أيضًا تصريحات وزير المالية، ونسب إعلان ترامب المثير للقلق إلى تطلعاته الرئاسية وسط حملة انتخابية حامية.
ويأتي اقتراح وزير المالية الألماني في الوقت الذي زعمت فيه مصادر استخباراتية أمريكية أن الكرملين يطور خططًا لنشر تكنولوجيا الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية في الفضاء، ما أثار قلق المشرعين الأمريكيين الذين دعوا إدارة بايدن إلى رفع السرية بشكل عاجل عن تفاصيل البرنامج المزعوم.
وإذا هاجم سلاح نووي مداري روسي الأقمار الصناعية الأمريكية، فقد يتسبب ذلك في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وإغلاق الاتصالات والأنظمة المصرفية، وفق "ديلي ميل".
وفي الوقت نفسه، وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف هذه المزاعم بأنها "ملفقة بالكامل"، وقال إنها مجرد خدعة تهدف إلى دفع الكونجرس الأمريكي لدعم المزيد من التمويل العسكري لأوكرانيا، ومن الواضح أن واشنطن تحاول إجبار الكونجرس على التصويت على مشروع قانون المساعدات بطريقة أو بأخرى"، مضيفًا "دعونا نرى ما هي الحيلة التي سيستخدمها البيت الأبيض"، وفق وكالات أنباء روسية.