الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"خلاف الأصدقاء".. دعم أوكرانيا يكشف تعارض سياسات بين باريس وبرلين

  • مشاركة :
post-title
جندي يعتني بإحدى المعدات العسكرية الألمانية – أرشيفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بعد تقويض الرئيس الأمريكي السابق والمرشح المحتمل لانتخابات 2024، دونالد ترامب، الضمانات الأمنية الأمريكية لحلف شمال الأطلسي، سلطت الأزمة الأوكرانية الضوء على الخلافات بين أقوى دعامتين للاتحاد الأوروبي "فرنسا وألمانيا" اللتان ظهر أنهما لا تتفقان كثيرًا بالنسبة للسياسات الدفاعية.

فبينما روجت فرنسا - القوة النووية - منذ فترة طويلة لما تسميه "الاستقلال الاستراتيجي"، الذي يعني قدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها، لا زالت ألمانيا تحرص على الحفاظ على الروابط الأمنية مع الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى الخلافات حول الرؤية الاستراتيجية، هناك خلاف بين الجانبين حول مجموعة من القضايا الدقيقة، التي تتراوح بين المساعدات العسكرية لأوكرانيا وقدرات الدفاع الجوي، إلى الدبابات القتالية وصادرات الأسلحة.

وبينما تسعى باريس إلى الاقتراض المشترك لتمويل تكثيف الصناعة الدفاعية بشكل مناسب، فإن موافقة برلين ستكون ضرورية لتحقيق ذلك.

في الوقت نفسه، تحاول باريس وبرلين عدم السماح للصراع بالخروج عن نطاق السيطرة، وهو جهد ساعده إحياء تحالف ثلاثي مع بولندا يسمى "مثلث فايمار".

والإثنين الماضي، قالت أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، إن "مثلث فايمار" من الممكن أن يصبح مركزًا للقوة والفكر في أوروبا أكثر من أي وقت مضى في تاريخه الذي يمتد 30 عامًا.

وأضافت "أن قوتنا الثلاثية تكمن في أننا ننظر إلى أوروبا من وجهات نظر مختلفة، نحن نعمل على الوصول لكيفية دعم أوكرانيا بشكل أفضل معًا، لأن ذلك يعزز أمننا جميعًا، وحتى نواصل بناء الاتحاد الأوروبي، من أجل مستقبل يضم 30 عضوًا وأكثر".

المساعدات العسكرية لأوكرانيا

تثير برلين غضب باريس بشأن دعم كييف، بعد أن تعهدت بنحو 3% فقط من الأسلحة البالغة 17.1 مليار يورو التي وعدت بها، وفقًا لأرقام معهد "كيل"، بينما كانت باريس حذرة بشأن نشر أرقامها.

لكن، يرى الفرنسيون بأنهم - على عكس ألمانيا - يقدمون أسلحة "تغير قواعد اللعبة" في ساحة المعركة، مثل صواريخ كروز بعيدة المدى.

وفي المقابل، لا يزال المستشار الألماني أولاف شولتس يرفض إرسال صواريخ كروز من طراز "توروس" إلى كييف.

وقال نيلز شميد، المتحدث باسم الشؤون الخارجية للحزب الاشتراكي الديمقراطي - الذي ينتمي إليه شولتس - للصحفيين في باريس خلال وقت سابق من هذا الشهر: "هناك سياسة فرنسية غير مفهومة جيدًا في برلين، وهي حقيقة عدم الرغبة في نشر الأرقام".

الدبابات والمقاتلات

في الوقت الذي تعمل فرنسا وألمانيا على مشروعين رئيسيين، هما الطائرة المقاتلة (FCAS)، والدبابة القتالية (MGCS)، لكن يشير تقرير للنسخة الأوروبية من "بوليتيكو" إلى أن هناك خلافات خاصة فيما يتعلق بالدبابات.

ووصف أحد المشرعين الفرنسيين، الذين شاركوا في زيارة الأسبوع الماضي إلى البرلمان الألماني "البوندستاج"، إن الحماس الألماني لمشروع الدبابة "فاتر وراء الأبواب المغلقة".

وعلى عكس ألمانيا، التي تنتج وتبيع دبابات "ليوبارد"، لم تعد فرنسا تصنع دبابات "لوكلير"، وتحتاج إلى بديل عندما تخرج عن الخدمة في أربعينيات القرن الحالي.

وقال العديد من المسؤولين الفرنسيين إنه في حين أن الجيشين الألماني والفرنسي اتفقا على الاحتياجات التشغيلية المشتركة لـ"MGCS"، إلا أنه - على الجانب الصناعي - لم يتم تقسيم العمل، رغم الوعود التي قطعتها البلدين لإنجاز المشروع بحلول نهاية عام 2023.

ولفتت "بوليتيكو" إلى أن هناك خلافًا بين العاصمتين حول سياسة تصدير الأسلحة، فبينما تفضل برلين قواعد تصدير أكثر تنسيقًا على مستوى الاتحاد الأوروبي، تظل باريس مترددة في السماح لدول أخرى - خاصة ألمانيا - بأن يكون لها رأي في تحديد الجهة التي تبيع الأسلحة إليها.

الدفاع الجوي

منذ تم إطلاقها في خريف عام 2022، تقود ألمانيا مبادرة "درع السماء" الأوروبية، التي انتقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علنًا، في وقت سابق.

ويتضمن المشروع مشتريات مشتركة للأسلحة الألمانية والأمريكية والإسرائيلية، بما في ذلك صاروخ جو-جو الألماني متوسط المدى من طراز IRIS-T SLM، والصاروخ الأمريكي "باتريوت" أرض-جو طويل المدى، والصواريخ الإسرائيلية المضادة للصواريخ الباليستية بعيدة المدى من طراز Arrow 3 التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

حاليًا، يدور الخلاف حول تعزيز الدفاعات الجوية للقارة، إذ تريد فرنسا أن تشتري الدول الأوروبية المعدات من بعضها، في حين أن ألمانيا تتمتع بسجل حافل في شراء المعدات العسكرية الأمريكية الجاهزة.

هكذا، أطلقت باريس مبادرة منافسة ومحدودة لشراء صواريخ "ميسترال 3" بشكل مشترك من شركة MBDA الأوروبية لصناعة الصواريخ، بمشاركة بلجيكا وقبرص والمجر وإستونيا، وتم الإعلان عن العقد الأول في وقت سابق من هذا الشهر.