تمر الصين بأسوأ انخفاض عقاري في تاريخها، إذ انخفضت أسعار المنازل بنسبة 16% منذ ذروتها في الربع الثالث من عام 2021، وفقًا لتقرير من بنك "جولدمان ساكس".
ويحذر الخبراء من أن هذا الانهيار قد يكون مماثلًا للذي شهدته الولايات المتحدة في عام 2008، الذي أدى إلى أزمة مالية عالمية.
الأسباب وراء الانهيار العقاري
وقال محللو "جولدمان ساكس"، إن أسعار المنازل الحقيقية في الصين انخفضت بنسبة 16% من الذروة في الربع الثالث من عام 2021 إلى الربع الثالث من 2023.
ويعود سبب الانهيار العقاري في الصين إلى عدة عوامل، منها السياسات الحكومية الرامية إلى الحد من الاستثمار العقاري والتكهنات، التي شملت تشديد متطلبات الرهن العقاري وفرض قيود على عدد المنازل التي يمكن شراؤها، وزيادة الضرائب على المبيعات العقارية.
وأدت هذه السياسات إلى تراجع الطلب على المنازل، وزيادة المخزون الزائد، وانخفاض الثقة في السوق، وقد تأثرت بالانهيار العقاري العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل البناء، الصناعة، التجارة، والخدمات، التي تعتمد بشكل كبير على النشاط العقاري.
مقارنة بين الماضي والحاضر
وبالمقارنة بين أزمة الصين الحالية ونظيرتها الأمريكية، بلغت أسعار المنازل الحقيقية في الولايات المتحدة ذروتها في أوائل عام 2006، ووصلت القاع في 2012، ثم بلغت معدلات الشواغر لمالكي المنازل ذروتها في عام 2008 ولم تعد إلى متوسطها على المدى الطويل حتى بعد عقد من الزمان.
من جانبها، اتخذت بكين إجراءات بشأن ارتفاع أسعار المنازل في عام 2016، من خلال تشديد متطلبات الرهن العقاري وفرض قيود أخرى، وكانت فعّالة في الأجل القصير، ومع ذلك، عكست الجائحة تلك الجهود، إذ انتعش نمو الأسعار وتعرضت بعض الشركات العقارية الكبرى، مثل Country Garden وEvergrande، لصعوبات مالية، وخطر التخلف عن سداد ديونها.
وقال محللو "جولدمان"، إن معايير الإقراض العقاري المرنة للغاية والديون العقارية الزائدة، التي كانت في صميم أزمة الرهن العقاري الفرعي في الولايات المتحدة لا تنطبق على الصين، بل ارتفاع أسعار المنازل المفرط، الذي يرتكز على آلية فريدة لتوريد الأراضي، السبب وراء العديد من التشوهات الاقتصادية، وبعبارة أخرى، بينما تحولت مشكلة العقارات في الولايات المتحدة إلى مشكلة مالية، فإن مشكلة العقارات في الصين هي في الأساس مشكلة مالية عامة تحتاج إلى حل.
آثار الانتشار
أصر محللو "جولدمان ساكس" على أن بكين يجب أن تعطي الأولوية للحد من آثار الانتشار على بقية الاقتصاد، إذ انتشرت أزمة الرهن العقاري الفرعي في الولايات المتحدة إلى القطاع المالي الأوسع عبر منتجات تُعرف باسم الالتزامات الدينية المضمونة، التي زادت من تأثير التخلفات واسعة النطاق عن سداد الرهون العقارية.
كما ارتفعت حالات الاستيلاء على المنازل بشكل كبير، بسبب عدم قدرة الملاك على سداد أو إعادة تمويل قروضهم العقارية، ما خفض أسعار المنازل أكثر فأكثر.
وقال "بنك جولدمان ساكس"، إن الصين يجب أن تنفذ تدابير سياسية قوية لدعم الحكومات المحلية والبنوك، وضمان تسليم المنازل المباعة مسبقًا.
وأكد المحللون أنه في غياب مثل هذه الإجراءات الحاسمة من المرجح أن تؤدي التداعيات السلبية إلى إطالة أمد الضرر الاقتصادي الناجم عن تراجع سوق الإسكان.