126 دقيقة هي مدة مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع الصحفي التلفزيوني الأمريكي تاكر كارلسون، والتي سيتم نشر نسخة منها باللغة الروسية، صباح اليوم الجمعة، عبر موقع الكرملين على الإنترنت، وهي المقابلة التي يُتوقع أن تواجه ردود فعل متباينة في العالم.
وتحدث "سيد الكرملين"، في تلك المقابلة عن الحرب الروسية الأوكرانية وفرص السلام بين البلدين، والاقتصاد الروسي، مؤكدًا استعداد روسيا لتزويد أوروبا بالغاز عبر أنبوب "السيل الشمالي-2"، إلى جانب العديد من الملفات الأخرى، مشددًا على أن بلاده ستناضل من أجل مصالحها، وأنها ليس لديها مصلحة لتوسيع حربها في أوكرانيا لدول أخرى مثل بولندا ولاتفيا.
منع أمريكي
ونشر "كارلسون" مقابلته مع الرئيس الروسي عبر موقعه على الإنترنت، وقال لمجلة Die Weltwoche السويسرية إنه حاول إجراء مقابلة مع الرئيس الروسي، لكن السلطات الأمريكية منعته من القيام بذلك، مشيرًا إلى أنه لم يؤيد أحد في وسائل الإعلام الأمريكية حقه كصحفي في تغطية رأي الزعيم الروسي بشأن الصراع مع أوكرانيا.
وقال أيضًا إن الإدارة الأمريكية قامت منذ عقود بمحاولات عدوانية للسيطرة على جميع وسائل الإعلام الأمريكية، ومعظم العاملين في مجال الإعلام يخشون قول أي شيء قد يكون غير سار لمن هم في السلطة.
ردود فعل
مارجريتا سيمونيان، رئيسة تحرير قناة RT التلفزيونية على قناة روسيا 1 التلفزيونية، ذكرت أنه في 27 أغسطس أعرب كارلسون عن رغبته في مقابلة بوتين، وطلب نقل المعلومات حول هذا الأمر إلى رئيس الوكالة الروسية.
أصبحت مقابلة "كارلسون" المقررة مع بوتين واحدة من أكثر الموضوعات التي تمت مناقشتها في وسائل الإعلام الغربية وبين مستخدمي الإنترنت، وحصد المنشور، الذي أعلن فيه المراسل عن محادثة مع الزعيم الروسي، أكثر من 100 مليون مشاهدة.
الكرملين توقع ردود فعل متباينة في العالم على المقابلة التي أجراها الرئيس الروسي، إذ دعا ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، العالم إلى أن يشاهد هذه المقابلة قائلًا: "الأهم هو أن يتعرفوا عليها"، مضيفًا: "لا يمكن أن تكون هناك أي توقعات محددة هنا؛ من الواضح أن رد الفعل سيكون متنوعًا للغاية، وأن الشيء الرئيسي هو أن يكون هناك رد فعل، لأن رد الفعل المتنوع يعني أنهم تعرفوا على المقابلة".
وحول كواليس الترتيب للمقابلة التي أجراها الصحفي الأمريكي، ذكرت وكالة "تاس" الروسية للأنباء: "لقد صُدمت وسائل الإعلام العالمية بتخطيط كارلسون لإجراء مقابلة مع بوتين، بعد أن حاول بالفعل إجراء المحادثة منذ سبتمبر من العام الماضي، لكن السلطات الأمريكية منعته من القيام بذلك".
وأصبحت المقابلة واحدة من أكثر الموضوعات التي تمت مناقشتها في وسائل الإعلام الغربية وبين مستخدمي الإنترنت، إذ حصد المنشور، الذي أعلن فيه "كارلسون" عن محادثة مع الزعيم الروسي، 51.3 مليون مشاهدة خلال 10 ساعات تقريبًا من نشره.
الولايات المتحدة
صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت أن "كارلسون رفض في كثير من الأحيان انتقاد بوتين على مر السنين، وقبل أيام قليلة من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، أدلى بتصريح غريب ومشحون سياسيًا قال فيه إنه لا يوجد سبب لكراهية الأمريكيين للرئيس الروسي".
أما صحيفة "وول ستريت جورنال" فذكرت "كان تاكر واحدًا من أوائل وأبرز اليمينيين الذين شككوا في دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا بعد الغزو الروسي وساعد في تشكيل آراء المتظاهرين في الكابيتول هيل".
ورأت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن "كارلسون مثل المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب بأنه متشكك بشأن المزيد من المساعدة الأمريكية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، ويدعم جهود بوتين لوضع نفسه كحامل عالمي للقيم التقليدية"، مشيرة إلى أنه من الممكن أن تؤدي المقابلة إلى إشعال انقسامات سياسية داخل الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، خاصة إذا أوضح بوتين أنه مستعد للتوصل إلى نهاية للصراع عن طريق التفاوض.
أما شبكة "سي بي إس"، فذكرت أن "كارلسون شخصية بارزة في التلفزيون الحكومي الروسي، وأشاد مرارًا وتكرارًا ببوتين وانتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي".
بينما اعتبرت صحيفة "واشنطن تايمز" مقابلة كارلسون بأنه "أرسل موجات صادمة في عالم الصحافة هذا الأسبوع عندما تم تصويره في موسكو أثناء عرض باليه في مسرح البولشوي، وقد ترددت شائعات عن وجوده هناك لإجراء مقابلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تبين أنها صحيحة".
بريطانيا
وذكرت صحيفة "الديلي تلجراف" أن "قرار الكرملين بالسماح ببث المقابلة على قناة كارلسون المستقلة عبر الإنترنت TCN، يأتي بعد أن أمضى المضيف سنوات في التشكيك في الحاجة إلى مواجهة أمريكية-روسية واقترح أن زيلينسكي هو ديكتاتور، ومنذ بداية العملية الخاصة في أوكرانيا، لم يقم الرئيس الروسي تقريبًا بإجراء مقابلات مع مراسلي وسائل الإعلام الغربية في موسكو، بينما كان تاكر هو الصحفي الغربي الوحيد الذي سُمح له بإجراء مقابلة، وهو ما قد يؤثر على سمعة المراسل بشكل أكثر قسوة مما يعتقد".
وغالبًا ما كان مضيف قناة فوكس نيوز السابق يدلي بتعليقات متعاطفة بشأن روسيا والحرب في أوكرانيا، التي تطابقت غالبًا مع تصريحات بوتين ويتناولها التلفزيون الحكومي الروسي، للتأكيد على أن الرئيس الروسي كان على حق، لأن "المذيع التلفزيوني الأكثر شعبية في أمريكا" قال الشيء نفسه، وفق "الديلي تلجراف".
هيئة الإذاعة البريطانية أضافت أن كارلسون شكر إيلون موسك مالك موقع "X" (تويتر سابقًا)، والذي وعد بعدم منع المقابلة، وقال إنه يتوقع محاولات الرقابة الحكومات الغربية منعها، مشيرًا إلى أن إدارة بايدن حاولت منع تنظيم المقابلة.
واستطردت: "تحدث كارلسون، مرارًا وتكرارًا بتعاطف مع بوتين، ويتقاسم آراءه السياسية العديد من الأمريكيين المحافظين غير الراضين عن الدعم الأمريكي الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات لأوكرانيا".
كما لا يخفى كارلسون كراهيته تجاه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، كما يتهم وسائل الإعلام الأمريكية بـ"الفساد" لأنها غير راغبة في التحدث مع بوتين، ولكنها مستعدة لنشر مقابلات مع زيلينسكي، والتي وصفها كارلسون بأنها "محادثات حماسية ساخرة" تجر الولايات المتحدة إلى حرب في أوروبا الشرقية، وفق هيئة الإذاعة البريطانية.
ألمانيا
صحيفة "هاندلسبلات" ذكرت أن المقابلة تسلط الضوء على حقيقة أن السياسة الخارجية، في أوكرانيا والحرب في غزة، تلعب دورًا مهمًا للغاية في الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية في الولايات المتحدة، وستسمح المقابلة مع كارلسون لبوتين بمناشدة مؤيدي ترامب الأمريكيين بشكل مباشر والتلميح إلى أنه مهتم بإعادة انتخاب ترامب.
وجاء في مجلة "ستيرن": "من غير المرجح أن يطرح كارلسون أسئلة انتقادية على الرئيس الروسي".
فرنسا
وكالة "فرانس برس" رأت أن "كارلسون أصبح على نحو متزايد أحد أعلى الأصوات في أمريكا المحافظة، وقد اتُهم المضيف النجم والصديق المقرب لدونالد ترامب الذي أعلن للتو أنه سيجري مقابلة مع بوتين، بالترويج لنظريات المؤامرة والعنصرية".