على مدى ساعتين و6 دقائق، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مقابلة مع الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون، بُثّت أمس الخميس على موقع إكس، وحصلت على أكثر من 47 مليون مشاهدة في ساعات قليلة، فيما توقع الكرملين، بحسب السكرتير الصحفي الرئاسي دميتري بيسكوف، ردود فعل متنوعة حول العالم.
تحدث "سيد الكرملين"، في تلك المقابلة عن الحرب مع أوكرانيا وفرص السلام بين البلدين، والاقتصاد الروسي، مؤكدًا استعداد بلاده لتزويد أوروبا بالغاز عبر خط "السيل الشمالي-2 (نورد ستريم)"، إلى جانب العديد من الملفات الأخرى.
كما شدد على أن روسيا ستناضل من أجل مصالحها، إلا إنها ليس لديها مصلحة لتوسيع حربها في أوكرانيا لدول أخرى مثل بولندا ولاتفيا.
60 سؤالًا
المقابلة التي نقلتها وكالة "تاس" للأنباء الروسية، أجاب خلالها الزعيم الروسي على نحو 60 سؤالًا، بالإضافة إلى توضيحات مختلفة من محاوره، وقال "إنه قبل الحرب العالمية الأولى، بدأت هيئة الأركان العامة للنمسا والمجر في الترويج بنشاط لفكرة أوكرانيا من أجل إضعاف روسيا، عدوها المحتمل".
وقال "إنه من الصعب أن تنتصر الولايات المتحدة في الحرب الدعائية رغم أنها تسيطر على كل وسائل الإعلام في العالم"، مشيرًا إلى أن بعض السياسيين الألمان، حذروا قيادة الاتحاد السوفييتي من المخاطر التي يشكلها احتمال توسع الناتو إلى الشرق.
التفاوض مع أوكرانيا
وحول التفاوض مع أوكرانيا، قال بوتين: "رفضت القيادة الأوكرانية التفاوض مع روسيا بناءً على تعليمات من واشنطن، ويتعين على السلطات الأمريكية تصحيح هذا الخطأ بنفسها"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة لديها العديد من المشكلات الخاصة بها؛ ومن الأفضل لها أن تتوصل إلى اتفاق مع موسكو، وتفهم أن الاتحاد الروسي يقاتل من أجل مصالحه حتى النهاية.
ووفقًا لبوتين، بحلول عام 2022، أوصلت القيادة الأمريكية الوضع في أوكرانيا إلى النقطة التي بدأت بعدها العواقب المدمرة على الاتحاد الروسي، وأشار إلى أن أوكرانيا أصبحت الآن تابعة للولايات المتحدة، لكن روسيا لا ترفض المفاوضات مع كييف، واصفًا اقتراح إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا بأنه استفزاز رخيص، وإنه نظرًا لإمدادات واشنطن بالأسلحة إلى كييف، فلا يوجد ما يمكن التحدث عنه، ويجب على النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة أن تدرك أن الأدوات التي تستخدمها غير فعالة.
التوصل إلى اتفاق
وحول التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا، قال: "لا يمكن لروسيا أن تظل غير نشطة بعد أن بدأت كييف الحرب في دونباس في عام 2014، ومن المؤكد أن البلدين سوف يتوصلان إلى اتفاق، عاجلاً أم آجلاً"، مضيفًا أن الزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتمتع بالحرية من الغرب في الأمور المتعلقة بالتفاوض على تسوية الصراع، وأن روسيا كانت دائمًا على استعداد للعمل مع أي قيادة أوكرانية، بما في ذلك القيادة الموالية للغرب.
ويعتقد بوتين أن الصراع في أوكرانيا سينتهي خلال أسابيع إذا توقفت واشنطن عن إمداد كييف بالأسلحة، وأضاف أنه قبل المنطقة العسكرية الشمالية، كانت روسيا تناشد الولايات المتحدة وأوروبا باستمرار التوقف عن إمداد أوكرانيا بالأسلحة وتنفيذ عملية “مينسك-2”، معتقدًا أن استعادة العلاقات بين شعبي روسيا وأوكرانيا ستستغرق وقتًا طويلًا، لكنها ستحدث.
انضمام أوكرانيا للناتو
وحول انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، قال: "يريد الناتو التفاوض مع روسيا، لكنه لا يعرف ولا يستطيع أن يفهم كيف، ولن نوافق قط على انضمام أوكرانيا إلى الحلف، وأن تصبح له قواعد على أراضيها"، مضيفًا أن روسيا كان من الممكن أن تصبح عضوًا في حلف شمال الأطلسي إذا استجابت لذلك الولايات المتحدة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21".
واستذكر لقاءه مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عام 2000 في الكرملين، سألته سؤالاً: "اسمع يا بيل، ما رأيك، إذا أثارت روسيا مسألة الانضمام إلى الناتو، هل تعتقد أن ذلك سيكون ممكناً؟ فجأة قال: كما تعلم، هذا مثير للاهتمام، أعتقد ذلك، وفي المساء عندما التقينا على العشاء، قال: كما تعلم، لقد تحدثت مع فريقي، الآن هذا مستحيل".
وأشار إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، اتبعت الولايات المتحدة سياسة ضغط غير مبررة تجاه الاتحاد الروسي، بما في ذلك جر أوكرانيا إلى الناتو.
وحول ما قبل الحرب، قال "أن روسيا لم تبدأ حربا في 2022، لقد وصل كل شيء إلى هذا الوضع عندما أعلنوا في أوكرانيا أنهم لن ينفذوا أي شيء من الاتفاقيات، كما بدأوا الاستعدادات للعمل العسكري، لقد بدأوا الحرب في عام 2014، وهدفنا هو إيقاف هذه الحرب التي لم نبدأها في عام 2022، بل حاولنا وقفها”، مضيفًا "السلطة في كييف كان من الممكن أن تتغير بشكل غير دموي في عام 2014، وكان من الممكن أن ينقذ هذا شبه جزيرة القرم لصالح أوكرانيا"، و"أعتبر الحكومة الحالية في أوكرانيا معيبة، لأن مصدرها الانقلاب".
السلاح النووي
وحول إمكانية استخدام السلاح النووي في الحرب، قال إن روسيا الاتحادية والولايات المتحدة تجريان اتصالات على مستوى مختلف الإدارات لمناقشة التهديد بتوجيه ضربات نووية.
وحول إمكانية التفاوض مع الغرب، قال إن روسيا مستعدة للحوار مع الغرب، وإن الحرب العالمية تتعارض مع الفطرة السليمة وسوف تدفع البشرية إلى حافة الدمار، وإن الغرب بدأ يدرك استحالة تحقيق هزيمة استراتيجية على روسيا"، مشيرًا إلى أن روسيا لا تهاجم أحدًا، بل تدافع عن نفسها وشعبها ومستقبلها.
قيادة ألمانيا غير كفء
ووصف القيادة الألمانية بأنها غير كفء بسبب الوضع مع إمدادات الغاز الروسية، مضيفًا "لا أفهم لماذا لا تطالب ألمانيا أوكرانيا بضمان مرور الغاز من الاتحاد الروسي، ولا أفهم لماذا أغلقت بولندا عبور الغاز من الاتحاد الروسي إلى ألمانيا عبر خط أنابيب يامال-أوروبا، وأن السلطات الألمانية لا تسترشد بالمصالح الوطنية للبلاد، بل بمصالح الغرب الجماعي، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن تخريب "نورد ستريم" نفذته أجهزة المخابرات الأمريكية، وأنه فوجئ بصمت ألمانيا حول هذا الموضوع، وفي الوقت نفسه، فإن روسيا مستعدة لتزويد أوروبا بالغاز من خلال أنبوب نورد ستريم 2، لكن ألمانيا لن تفتحه.
الهجوم على بولندا
وحول إمكانية الهجوم الروسي على بولندا، قال أستبعد الهجوم الروسي على بولندا، باستثناء صد أي هجوم من وارسو، مضيفًا: "يريد الناتو تخويف سكان الدول الأعضاء في الكتلة بتهديد روسي وهمي".
الصين
وأشار بوتين إلى أن روسيا الاتحادية كثيرًا ما تسمع "قصصًا مرعبة" عن الصين، لكنها ترى عدم عدوانيتها، وهو على يقين من أن الغرب يخشى الصين القوية أكثر من خوفه من روسيا القوية، مشيرًا إلى أن روسيا الاتحادية والصين يكملان بعضهما البعض بطريقة متوازنة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة.
احتياطيات الدولار تتضاءل
وحول الدولار، قال "بوتين" إن "حصة الدولار في مدفوعات التجارة الخارجية لروسيا انخفضت إلى 13%، وارتفع اليوان إلى 34%، وإن احتياطيات الدولار تتضاءل حتى بين حلفاء الولايات المتحدة، والجميع يبحث عن فرصة لحماية أنفسهم"، واصفًا القرار الأمريكي بالحد من مدفوعات الدولار لروسيا بأنه "محض هراء" ويعتقد أنهم بذلك وجهوا ضربة لاقتصادهم، مشيرًا إلى أن تقييد المدفوعات وتجميد ممتلكات الدول بالدولار في ما يتعلق ببعض الدول أصبح إشارة للعالم أجمع.
وحول تأثير العقوبات على بلاده، قال: "أصبحت روسيا الاتحادية الاقتصاد الأول في أوروبا، رغم تطبيق أكبر عدد من العقوبات عليها في العالم"، مضيفًا أن استخدام الدولار في صراع السياسة الخارجية هو غباء وأحد أسوأ الأخطاء الاستراتيجية للولايات المتحدة".
فيما نوه بأن حصة البريكس في الاقتصاد العالمي تجاوزت حصة مجموعة السبع، وأن الرابطة مستمرة في التطور، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن هناك حاجة إلى تغيير شيء ما في القانون الدولي، لأن ميزان القوى تغير.