تدرس مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، اقتراحًا لاستخدام الأصول الروسية المجمدة، كضمان للقروض المصرفية التي يمكن أن تموّل إعادة إعمار أوكرانيا، وفقًا لمسؤولين شاركوا في الإجراءات.
وذكر تقرير للنسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" أنه سيتم الاستيلاء على هذه الأموال، التي تبلغ قيمتها نحو 200 مليار يورو، التي جمدتها الكتلة الأوروبية بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022، إذا رفضت روسيا دفع التعويضات بعد انتهاء الحرب.
وقال التقرير إنه كلما بحثت الحكومات الأوروبية في أمر مصادرة الأصول الروسية للمساعدة في تمويل عملية إعادة إعمار أوكرانيا، أصبح الأمر أكثر تعقيدًا.
منطقة مجهولة
ظلت المفوضية الأوروبية بعيدة عن النقاش حول مصادرة الأصول الروسية، وسط تحذيرات من البنك المركزي الأوروبي من أن هذا قد يقوّض سمعة اليورو.
ويستهدف الاقتراح الأولي للاتحاد الأوروبي فقط عائدات الأصول الروسية المستثمرة، التي تبلغ أكثر من 4 مليارات يورو سنويًا، وفقًا لبيان "يوروكلير"، وهي مؤسسة إيداع مالية مقرها بلجيكا وتحتفظ بالغالبية العظمى من الاحتياطيات الروسية في أوروبا.
واتفق مبعوثو الاتحاد الأوروبي، في أواخر يناير، الماضي على ضرورة إيداع هذه الأرباح في حساب منفصل في غرفة المقاصة حيث يتم الاحتفاظ بها.
وسيتعين على المفوضية الأوروبية تقديم اقتراح ثانٍ لتفعيل تحويل الأموال النقدية إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي ومن ثمَّ إلى أوكرانيا.
ونقل تقرير "بوليتيكو" عن يوهان فان أوفرتفيلدت، عضو البرلمان البلجيكي المحافظ في البرلمان الأوروبي، الذي طرح هذه الفكرة الأسبوع الماضي، قوله إن هذا "سيضغط على بوتين لإنهاء الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات".
لكن، تأتي هذه المقترحات وسط مخاوف متزايدة بشأن انتقام محتمل قد تقوم به موسكو، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية المحتملة التي تستهدف الدول الغربية، مقابل المصادرة واسعة النطاق لأصولها المجمدة.
كما حذّر العديد من المسؤولين الأوروبيين، المشاركين في المناقشات، من أن ذلك قد يؤدي إلى رد فعل عنيف ضد الأصول الأوروبية في روسيا.
ويأتي هذا على رأس التحذيرات أنها "قد تشوّه سمعة منطقة اليورو، ما يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين"، وفق التقرير.
ونقلت "بوليتيكو" عن دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- قوله: "إننا ندخل منطقة مجهولة. سيشعر أي شخص بالقلق بشأن العواقب المحتملة لمصادرة الأصول".
مصادر بديلة
واجهت الجهود المنفصلة التي بذلها الاتحاد الأوروبي لتحويل الأموال النقدية إلى أوكرانيا من ميزانيته المركزية مقاومة سياسية خطيرة، وهو الأمر الذي دفع حكومات أوروبا إلى البحث عن مصادر بديلة للأموال.
واستغرق الأمر أسابيع من المناقشات عبر القنوات الدبلوماسية الخلفية، قبل أن يقنع زعماء المجر في الأول من فبراير برفع حق النقض ضد المساعدات النقدية التي قدمها الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بقيمة 50 مليار يورو.
وتهدف دول مجموعة السبع إلى التوصل إلى خريطة طريق منسقة، وسط ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة -التي لديها هواجس أقل- إلى جانب المملكة المتحدة وكندا، مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
وفي أوروبا، هناك مخاوف من أن تنتقم موسكو من خلال تقديم سلسلة من الطعون ضد "يوروكلير".
وقال وزير المالية البلجيكي فنسنت فان بيتيجيم للصحفيين في نهاية يناير: "إن مؤسسة مثل يوروكلير هي مؤسسة مالية نظامية للغاية. علينا أن نحاول تجنب تأثير مصادرة الأصول الروسية على الاستقرار المالي".
رد روسي
في دلالة على الانتقام الذي تخشى أوروبا حدوثه، رفعت الكيانات الروسية 94 دعوى قضائية في روسيا تطالب فيها بسداد يوروكلير -التي تعمل بموجب القانون البلجيكي- بعد تجميد استثماراتها وأرباحها في أوروبا، وفقًا لمسؤول بلجيكي في بروكسل.
وقدم كبار المقرضين الروس، مطالبات قانونية ضد المؤسسة الأوروبية بقيمة مئات الملايين من الروبلات.
وفي بيان، الخميس الماضي، قالت غرفة المقاصة البلجيكية: "بدأ المطالبون إجراءات قانونية تهدف بشكل أساسي إلى الوصول إلى الأصول المحظورة في دفاتر يوروكلير".
وأضافت يوروكلير أنها ستخسر على الأرجح الدعاوى القضائية في روسيا لأن البلاد "لا تعترف بالعقوبات الدولية".
وعزّز هذا المخاوف من أن المصادرة الكاملة قد تعرض الأصول الغربية في روسيا للانتقام.خاصة وأن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قال في ديسمبر الماضي، إن روسيا سترد على مصادرة أصولها المجمدة.
ودون الخوض في التفاصيل، أشار إلى أن موسكو يمكن أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة للأصول الغربية في روسيا.
وحذّر دبلوماسي -لم يتم الكشف عن هويته- الاتحاد الأوروبي من أن روسيا قد تصعّد أيضًا هجماتها الإلكترونية ضد المؤسسات المالية الغربية في محاولة لاستعادة أموالها. ولفت إلى الارتفاعات الأخيرة في الحملات الروسية عبر الإنترنت، مثل نشاط موسكو في فنلندا بعد طرد الدبلوماسيين الروس من هلسنكي.
كما أثار مسؤول تنفيذي من إحدى شركات الأمن السيبراني مخاوف من أن مصادرة الأصول قد تؤدي إلى تطوير موسكو لقدراتها، لتحويل المعاملات المالية الكبرى إلى حساب روسي.
ورفض دبلوماسي ثانٍ من الاتحاد الأوروبي هذه التحذيرات، مشيراً إلى أن روسيا مستعدة لهذا. مشيرًا إلى أن الكرملين "سيواصل تقويض المصالح المالية الأوروبية في روسيا بغض النظر عما إذا كانت خطة المصادرة ستنجح أم لا".