أصدرت بلدية باريس نتائج استفتاء عام حول فرض رسوم إضافية بهدف تقليص عدد سيارات الدفع الرباعي في المدينة، وصوّت عدد كبير من مواطني العاصمة بالموافقة على الاقتراح، رغم مشاركة متواضعة، وتلقت النتيجة ترحيبًا من الخبراء البيئيين كإشارة محتملة لبقية المدن الأوروبية.
وباريس التي تسعى لتحقيق المزيد من التوازن بين المشاة والسيارات وتحسين البيئة، أطلقت موجة في الاتحاد الأوروبي قد تشجع مدنًا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، ومع تزايد حجم وأعداد سيارات الدفع الرباعي تأتي هذه الخطوة الباريسية لتضع الضغط على صناعة السيارات والحكومات للحيلولة دون تدهور جودة البيئة الحضرية.
استفتاء ركن سيارات الدفع الرباعي
وأجرت العاصمة الفرنسية باريس استفتاءً حول فرض رسوم إضافية على ركن سيارات الدفع الرباعي بالمدينة، في محاولة للحد من تلوث الهواء وتشجيع وسائل النقل الأكثر صداقة للبيئة، وصوّت 55% لصالح فرض هذه الرسوم مقابل 45% ضدها، لكن نسبة الإقبال كانت منخفضة وبلغت 5% فقط، وفقًا لـصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.
موقف المواطنين
وأشارت الصحيفة إلى تأييد الكثير من الباريسيين فرض رسوم إضافية على سيارات الدفع الرباعي لأسباب بيئية وصحية، إلا أن البعض يعارض ذلك باعتباره تمييزًا ضد أصحاب هذه السيارات.
وقالت آن هيدالجو، عمدة باريس، إنها تأمل في إلهام مدن أخرى، إذ يمكن أن يرسل التصويت أيضًا إشارة إلى شركات صناعة السيارات للتوقف عن إنتاج سيارات أكبر حجمًا.
وجاء التصويت لصالح زيادة المدفوعات ثلاثة أضعاف، وأشاد به الكثيرون باعتباره مصدر إلهام للمدن في جميع أنحاء أوروبا، التي تحاول جعل شوارعها أكثر أمانًا ونظافة للهواء مع ارتفاع مبيعات المركبات الثقيلة.
ومن المؤيدين كانت جوانا وزوجها لويس، اللذان صوّتا بنعم للاقتراح، نظرًا لوجود طفل صغير لديهما ورغبتهما بتقليل حركة المرور وزيادة المساحات الخضراء، بحسب "لوفيجارو".
وأما المعارضون فأبرزهم المحامي المتقاعد السيد دوراند، الذي اعتبر الاقتراح تمييزًا ضد أصحاب سيارات الدفع الرباعي، بالإضافة إلى برنارد البالغ من العمر 82 عامًا، الذي رفض المقولة بأن هذه السيارات أكثر خطورة من السيارات الصغيرة.
تعليق الخبراء
أشاد العديد من الخبراء بالاستفتاء على أنه مصدر إلهام للمدن الأوروبية الأخرى لجعل شوارعها آمنة ونظيفة، لكنهم حذروا أيضًا من أن نتائج الاستفتاء لا تعكس وجهات نظر غالبية الباريسيين.
وقال بريان كولفيلد، أستاذ النقل في كلية ترينيتي بدبلن، إن نسبة الإقبال كانت منخفضة مقارنة باستفتاءات باريسية سابقة، مشيرًا إلى عدم اهتمام كبير بالموضوع لدى الباريسيين.
تأثير التصويت على أوروبا
توقعت صحيفة الجارديان البريطانية أن ترسل نتائج الاستفتاء في باريس بشأن فرض رسوم إضافية على سيارات الدفع الرباعي موجة تشجيع لباقي المدن والدول الأوروبية، لاتخاذ إجراءات مشابهة تعطي الأولوية للمشاة على حساب السيارات الضخمة والملوثة.
وعلى سبيل المثال، أعلنت ليون الفرنسية بالفعل نيّتها تطبيق مخطط مشابه لفرض رسوم إضافية على سيارات الدفع الرباعي، كما أعرب اتحاد المدن الألمانية عن تأييده لفكرة فرض ضرائب خاصة بالمدن على هذه السيارات.
كما يُتوقع أن تتبنى مدن أخرى مثل لندن وأمستردام وكوبنهاجن، التي حققت تقدمًا كبيرًا في تحسين البيئة الحضرية، سياسات مشابهة لتقليل عدد سيارات الدفع الرباعي في شوارعها والتشجيع على استخدام وسائل النقل الأقل تلويثًا.
ردود فعل الشركات
حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن الزيادة العالمية في مبيعات سيارات الدفع الرباعي ستضر بالجهود المبذولة لخفض الانبعاثات، لكن شركات صناعة السيارات ما زالت تطرح المزيد من الطرازات الثقيلة الضخمة وترفض المحاولات الرامية إلى الحد من إنتاجها أو فرض ضرائب إضافية عليها.
وكشفت صحيفة الجارديان أن حجم السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة يتزايد بمعدل سنتيمتر واحد كل عامين، كما ارتفعت مبيعات السيارات الفاخرة الضخمة، ما يعكس تمسك شركات السيارات بهذا الاتجاه.
وفشل السياسيون حتى الآن في بذل جهد يذكر للحد من شعبية سيارات الدفع الرباعي، وتعرضت المحاولات السابقة لمقاومة شرسة من لوبي صناعة السيارات، واعتبرت في بعض الدول الأوروبية على أنها مساس بالحريات المدنية أو محاولة للسيطرة على المواطنين.
من غير المرجح أن تتوقف شركات السيارات عن إنتاج الطرازات الأكبر حجمًا طالما بقيت تحقق مبيعات وأرباحًا ضخمة من هذه السيارات، خاصةً في الدول والأسواق الناشئة.