دعمًا لمطالبهم بتحسين الأجور وظروف المعيشة، واصل المزارعون الفرنسيون سلسلة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، مؤكدين أن الإجراءات الحكومية المُعلنة لإنهاء هذه المظاهرات لم تكن كافية لتلبية المطالب.
وكانت حكومة رئيس الوزراء، جابرييل أتال، قد أعلنت الجمعة، عن خطط لخفض الدعم الحكومي للديزل الزراعي تدريجيًا، وأعلنت عن خطوات أخرى تهدف إلى تقليل الضغوط المالية والإدارية التي يواجهها العديد من المزارعين.
لكن، ظل العديد من المزارعين عند الحواجز التي أقاموها على عدد من الطرق السريعة والطرق الرئيسية، بينما قالت أكبر نقابة زراعية في فرنسا إنها ستواصل احتجاجاتها، حسب تقرير لـ"رويترز".
كما نظم المتظاهرون مسيرة صامتة في بلدة بوفيه بشمال فرنسا لتكريم المزارعين الذين لقوا حتفهم في السنوات الأخيرة، وانتحر بعضهم بسبب ضغوط ظروف عملهم.
وأصبح القطاع الزراعي وحقوق العاملين فيه قضية ساخنة في القارة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل، حيث تأمل الأحزاب الشعبوية واليمينية المُتطرفة في الاستفادة من الاستياء الريفي ضد اتفاقيات التجارة الحرة، والتكاليف الباهظة التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وغيرها من الشكاوى.
منافسة كبيرة
تأتي الاحتجاجات في فرنسا -أكبر منتج زراعي في الاتحاد الأوروبي- كواحدة من أعراض السخط في المناطق الزراعية في جميع أنحاء أوروبا، في أعقاب احتجاجات مماثلة في دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا وبولندا وهولندا ورومانيا، في الأسابيع الأخيرة، حيث يقول العديد من المتظاهرين إنهم يتعرضون للعولمة والمنافسة الأجنبية.
ويندد المزارعون الفرنسيون بما يعتبرونه "منافسة غير عادلة" من دول أمريكا اللاتينية.
وكان "أتال" قد أكد أن فرنسا ستظل معارضة لتوقيع الاتحاد الأوروبي على اتفاق تجارة حرة مع مجموعة ميركوسور التجارية، وكان الاتفاق قيد التفاوض لسنوات.
وردًا على إعلان أتال، سارعت نقابتا المزارعين الرئيسيتين في فرنسا إلى إعلان قرارهما بمواصلة الاحتجاجات، قائلتين إن خطة الحكومة ليست كافية.
وانتشرت حركة المزارعين، التي تسعى للحصول على أجور أفضل مقابل منتجاتهم والحماية من الواردات الرخيصة، في الأيام الأخيرة في جميع أنحاء البلاد. حيث استخدم المتظاهرون جراراتهم لإغلاق مساحات طويلة من الطرق وإبطاء حركة المرور.
كما قام المتظاهرون بإلقاء النفايات الزراعية على أبواب المكاتب الحكومية، وفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".
وألقت ماري لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، التي يحقق حزبها "التجمع الوطني" نتائج قوية في استطلاعات الرأي، باللوم على اتفاقيات التجارة الحرة والواردات والبيروقراطية في المشكلات الاقتصادية التي يُعاني منها المزارعون.
وقالت "لوبان" إن أسوأ أعداء المزارعين "موجودون في هذه الحكومة".
ويعتزم بعض المتظاهرين الغاضبين التصعيد الأسبوع المقبل، مهددين بعرقلة حركة المرور حول باريس لعدة أيام، ابتداءً من مساء الأحد.
وقال مكسيم بويزار، المُتحدث باسم اتحاد المزارعين الفرنسيين، إن النقابة تعتزم تنظيم حصار كامل على المدينة وضواحيها؛ لمنع توريد أي سلع إلى العاصمة الفرنسية.
وأضاف في حديث على قناة BFMTV: "قررنا تغيير أساليبنا وتنظيم حصار على باريس والتاج الصغير -المقاطعات الثلاث المحيطة بالعاصمة الفرنسية- والهدف يكمن في منع أي شاحنة كانت في نقل إمدادات للعاصمة".
وأضاف: "هذه العملية لن تدوم 12 أو 15 ساعة، كما كان من قبل، بل ستستمر خمسة أيام على الأقل، مما سيوضح لسكان باريس أنهم بحاجة إلى المزارعين للعيش، وأن العاصمة لا توفر لنفسها الطعام".