أعلنت الصين وروسيا اتفاقهما على التشاور والتنسيق بينهما بشأن الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي، وهي التقنية التي أصبحت جبهة جديدة للمنافسة بين بكين واشنطن.
وخلال محادثات عقدت في بكين الخميس الماضي، أجرى مسؤولون قطاعيون من البلدين تبادلًا مفصلًا للتقييمات، بشأن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي للأغراض العسكرية، حسبما قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان الجمعة الماضي.
وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، جرت أيضًا مناقشات حول "المبادئ التوجيهية والمبادرات الروسية والصينية"، بشأن هذه المسألة، وفقًا للبيان الروسي، دون الإشارة إلى هوية المسؤولين المشاركين.
وعلى وجه الخصوص، اتفق الجانبان على تعزيز التنسيق في إطار مجموعة الخبراء الحكوميين لدول الأطراف باتفاقية الأسلحة غير الإنسانية بشأن أنظمة الأسلحة القاتلة المستقلة، وهي منتدى تابع للأمم المتحدة يعنى باتفاقية عام 1981 بشأن بعض الأسلحة التقليدية.
وأكد الاجتماع "قرب المواقف الروسية والصينية بشأن هذه المسألة"، وفقًا للبيان الروسي، وضرورة المزيد من التعاون الوثيق في هذا المجال سواء في الصيغة الثنائية أو في المنصات متعددة الأطراف ذات الصلة، وبالأساس في إطار مجموعة الخبراء الحكوميين بشأن أنظمة الأسلحة القاتلة المستقلة.
ولم يشر البيان الصيني عن الاجتماع إلى الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي، لكنه قال إنه تم عقد مشاورات بشأن "أمن الفضاء الخارجي والأمن البيولوجي والذكاء الاصطناعي"، وهي بعض التقنيات الناشئة التي يمكن أن تحدد التنافس الجيوسياسي في المستقبل.
وشكل اجتماع الخميس الماضي جزءًا من التنسيق الاستراتيجي الأوسع بين بكين وموسكو في المجالات التقليدية والناشئة من السياسة العسكرية والخارجية إلى أمن الفضاء والمواد الحرجة.
وتستثمر القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا، بشكل كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن لا توجد قواعد متفق عليها لهذه التقنية، لا سيما استخدامها العسكري، وفي محاولة لوضع معايير دولية، أطلقت واشنطن الإعلان السياسي بشأن الاستخدام العسكري المسؤول للذكاء الاصطناعي والاستقلالية قبل عام.
ويدعو الإعلان إلى إنشاء إطار قانوني ودبلوماسي جديد، وحظي بتأييد 46 دولة، معظمها حلفاء وشركاء للولايات المتحدة مثل أستراليا وبريطانيا وكندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية. ومع ذلك لم توقع الصين وروسيا على الإعلان.
وأطلقت بكين مبادرتها الخاصة للحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، أكتوبر الماضي، داعية القوى الكبرى إلى اتخاذ "موقف حكيم ومسؤول" بشأن الاستخدام العسكري لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعلى عكس الولايات المتحدة وروسيا، أعلنت الصين مرارًا دعمها لحظر قانوني على أنظمة الأسلحة القاتلة المستقلة، التي يمكن تحسينها بشكل كبير بواسطة الذكاء الاصطناعي.
والذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلات على أداء مهام تتطلب ذكاء بشريًا عادة، مثل التعرف على الأنماط، وترجمة اللغات، والتعلم من التجربة، واستنتاج النتائج واتخاذ القرارات.
وفي السنوات الأخيرة، تم دمج التقنية الحديثة بشكل متزايد في مجموعة من التطبيقات العسكرية، مثل تحديد التهديدات، وجمع المعلومات، وتوجيه الطائرات والمركبات القتالية المأهولة وغير المأهولة، بالإضافة إلى العمليات السيبرانية والمعلوماتية.
كما جرت محادثات حول القدرات العسكرية للذكاء الاصطناعي في أنظمة دعم القرار لمساعدة القادة على اتخاذ قرارات أفضل أو أسرع.
وأثار الارتفاع السريع للذكاء الاصطناعي مناقشات حادة، لا سيما بشأن أنظمة الأسلحة القاتلة المستقلة.
على الجانب الآخر أكد نائب أمريكي جمهوري في اللجنة الخاصة بالصين، أنه من الضروري للولايات المتحدة أن تتفوق على الصين في السباق للهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي.
حتمية الانتصار على الصين
وبحسب شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، قال النائب كارلوس جيمينيز: "الصين تسعى إلى الذكاء الاصطناعي، لكنها تسعى أيضًا إلى الحوسبة الكمية، وهي مزيج قاتل، وبالحديث عن الذكاء الاصطناعي، كلما جمعوا المزيد من البيانات، كلما تقدموا بشكل أسرع.. الذكاء الاصطناعي هو سباق يجب أن نفوز فيه".
وأوضح جيمينيز أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتكامل بسرعة مع المزيد من جوانب الحياة اليومية والأمن القومي.
وفي تحدٍ واضح لبكين، شدد على ضرورة "الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي لما له من تأثيرات في كل شيء، بما في ذلك الأجهزة العسكرية، لذلك من المهم بالنسبة لنا أن نفوز في هذا السباق، وإلا سيتم استخدام هذه التكنولوجيا ضدنا في المستقبل".
وعندما سئل عن مخاوفه بشأن تفوق الصين، قال جيمينيز: "سيكون العديد من أسلحتهم أفضل من أسلحتنا، وهذا يثير قلقي بشكل كبير".
مبادرة من البنتاجون
وفي العام الماضي، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن برنامج جديد طموح للذكاء الاصطناعي يُسمى مبادرة "Replicator"، يهدف إلى إنتاج آلاف الطائرات دون طيار ذات القدرات التلقائية من أجل المنافسة مع الصين.
وبالحديث عن أهداف المبادرة، قالت كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع، إن "المبادرة تهدف إلى المساعدة على التغلب على أكبر ميزة لجمهورية الصين الشعبية، وهي الكتلة، المزيد من السفن، المزيد من الصواريخ، المزيد من الناس".
وأكدت "هيكس" أنه من أجل البقاء في المقدمة، سنخلق حالة جديدة من الفن - كما فعلت أمريكا من قبل - باستخدام أنظمة قابلة للتلف والتلقائية في جميع المجالات، التي هي أقل تكلفة، وتضع عددًا أقل من الأشخاص في خط النار، ويمكن تغييرها أو تحديثها أو تحسينها بفترات زمنية أقصر بكثير.
أزمة "تيك توك"
ومع ذلك، أشار جيمينيز إلى أن سباق الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين يجري أيضًا على مستوى أكثر تفصيلًا، وهو ما يساعده قدرة بكين على جمع بيانات الأمريكيين عبر منصة التواصل الاجتماعي الصينية الأشهر عالميًا "تيك توك".
وضغط النائب الجمهوري على مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، في هذه المسألة في جلسة استماع الشهر الماضي، إذ اعترف راي بأن لديه "مخاوف أمنية كبيرة جدًا بشأن "تيك توك".
وأكد "راي" أنه إذا طبقت بكين الذكاء الاصطناعي كما تقول، فإن ذلك يكبر تلك المخاوف، لأن القدرة على استخدام البيانات الشخصية للولايات المتحدة وإدخالها في محرك الذكاء الاصطناعي، فهذا يضخم المشكلة".