ألقت التوترات في البحر الأحمر، بظلالها على القطاع الصناعي في المملكة المتحدة، حيث دخلت المصانع البريطانية العام الجديد بخفض مستمر للإنتاج والاستثمار؛ بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، وهو ما كشف عنه استطلاع جديد، حول الصعوبات التي يواجهها القطاع في سلسلة التوريد، التي أدت بدورها إلى فقدان الوظائف وخفض المشتريات والأسهم.
ويهاجم الحوثيون المتمركزون في اليمن، باستمرار سفن الشحن التابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي الموجودة في البحر الأحمر، وذلك ردًا على حربها المدمرة لقطاع غزة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك مع بريطانيا بتنفيذ ضربات جوية ضد مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة للجماعة، والذي بدوره أدى إلى زيادة التوترات في البحر الأحمر.
صعوبات مُتزايدة
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "ستاندرد آند بورز جلوبال" التي تقوم بعمل البحوث والتحليلات المالية، أن المصنعين في المملكة المتحدة واجهوا صعوبات متزايدة في سلسلة التوريد، بعد أن أدت أزمة البحر الأحمر إلى ارتفاع تكلفة الشحن، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
ووفقًا للمسح، فقد اشتكت الشركات المصنعة من أن إضافة 12 إلى 18 يومًا لجدول تسليم الشحنات المتوقعة، عطل بدوره جداول الإنتاج الأخرى، وزاد من الضغوط التضخمية على الشركات، التي -كما يقول المسح- تُعاني أصلًا من ضعف الطلب في الداخل والخارج، حيث كان المصنعين في حالة تراجع من الأساس مع دخول عام 2024، وانخفضت إجمالي الطلبيات الجديدة بأسرع وتيرة منذ يوليو 2022.
ارتفاع حاد
الرئيس التنفيذي لأكبر شركة تصنيع ملابس رياضية في أوروبا "أديداس"، حذّر وفقًا لما نقلته الصحيفة البريطانية، من أن اضطرابات البحر الأحمر أثرت على هوامش الربح، وذلك يعود لأسعار الشحن " المتفجرة"، والتي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف، مُشيرًا إلى أن حاليًا تواجه الشركات تأخيرات تصل لـ 3 أسابيع لتوصيل منتجاتها، مما يزيد من التكلفة الإجمالية للبضائع، خاصة للسوق الأوروبية.
مؤشر بالتيك دراي الاقتصادي، والذي يتتبع تكلفة شحن البضائع الجافة السائبة، أكد على أن تكاليف الشحن كانت منخفضة قبل التوترات في ديسمبر الماضي، إلا أنها ارتفعت بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، وهو الذي أدى، وفقًا لاستطلاع ستاندرد، إلى انخفاض الإنتاج والطلبات الجديدة بشكل أكبر، والمزيد من فقدان الوظائف وتخفيضات في المشتريات والأسهم، بحسب "الجارديان".
الضغوط التضخمية
في تعليقه على الاستطلاع، أكد روب دوبسون، مدير شركة ستاندرد آند بورز، أن الأزمة أصبحت معقدة في البحر الأحمر، بعد أن قامت أكبر شركات الشحن في العالم منهم "ميرسك وهاباج"، بتحويل مسار السفن وإعادة توجيهها حول الطرف الجنوبي لإفريقيا، مشيرًا إلى أن ذلك التصرف أضاف آلاف الأميال إلى الرحلات، وتأخير وصول مكونات التصنيع والسلع مثل الملابس إلى أوروبا، والأحذية المصنوعة في آسيا.
ورغم الصعوبات في قطاع التصنيع، إلا أن قطاع الخدمات البريطاني شهد نموًا مفاجئًا في يناير الماضي؛ مما أدى إلى تحسين التوقعات العامة للاقتصاد البريطاني، وتوقعت الجارديان، أن هناك احتمالًا قويًا لقيام لجنة السياسات النقدية بتأجيل تخفيض أسعار الفائدة في اجتماعها القادم، والذي كان متوقعًا، بسبب الضغوط التضخمية الناجمة من قطاع التصنيع بعد انقطاع الإمدادات في البحر الأحمر.