تواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أزمة تمويل غير مسبوقة، بسبب ادعاءات إسرائيلية بمشاركة بعض موظفيها في أحداث 7 أكتوبر، إذ تتوسع قائمة الدول التي قررت وقف تمويلها لتبلغ 14 دولة أولها أمريكا، ما يهدد شريان حياة حيويًا لنحو 6 ملايين فلسطيني، بالتوقف نهاية فبراير الجاري، لكن التفاؤل الذي بثته النرويج يفتح الأمل من جديد للوكالة الأممية.
25 جهة مانحة
ووفق "أونروا"، فإن أكبر 25 جهة مانحة للأونروا من حيث التعهدات في عام 2022 تضخ تمويلًا بنحو مليار و103 ملايين و200 ألف دولار، وهي أمريكا 343.9 مليون، وألمانيا 202 مليون، والاتحاد الأوروبي 114.1 مليون، والسويد 60.9 مليون، والنرويج 34.1 مليون، واليابان 30.1 مليون، وفرنسا 28.9 مليون، والسعودية 27 مليونًا، وسويسرا 25.5 مليون، وتركيا 25.1 مليون، وكندا 23.7 مليون، وهولندا 21.1 مليون.
أيضًا بريطانيا 21.1 مليون، وإيطاليا 18 مليونًا، والدنمارك 15.8 مليون، وأستراليا 13.7 مليون، وإسبانيا 13.5 مليون، وبلجيكا 12.5 مليون)، والكويت 12 مليون، وقطر 10.5 مليون، وأيرلندا 8.51 مليون، والنمسا 8.1 مليون، وفنلندا 7.8 مليون، ولوكسمبورج 7.5 مليون، والأراضي الفلسطينية 5.8 مليون.
عقاب جماعي
وأعلن ما لا يقل عن اثني عشر من كبار المانحين، بما في ذلك الولايات المتحدة، إضافة إلى دولتين أخريين، عن وقف تمويل الوكالة بسبب مزاعم بتورط بعض موظفيها في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر.
ووصف المدير العام للأونروا فيليب لازاريني خطوات تعليق التمويل بأنها "عقاب جماعي إضافي للفلسطينيين الذين يعانون بالفعل منذ ما يقرب من أربعة أشهر من القصف الإسرائيلي المتواصل".
وقال "لازاريني" في بيان أمس الخميس: "بينما تستمر الحرب في غزة بلا هوادة، وفي الوقت الذي تدعو فيه محكمة العدل الدولية لمزيد من المساعدات الإنسانية، فقد حان الوقت لتعزيز الأونروا وليس إضعافها".
دعوة لعدم وقف التمويل
وأعلنت النرويج -وهي من كبار المانحين لأونروا بنحو 34.1 مليون دولار- أنها لن تعلق تمويلها للأونروا، وقالت يوم الأربعاء، إنها تحثّ الدول التي علقت تمويلها على النظر في تداعيات أفعالها على سكان غزة، لتكون أول دولة أوروبية تدعو لعدم وقف تمويل الوكالة.
وقال إسبن بارت أيده، وزير الخارجية النرويجي،أمس الخميس، إنه "متفائل إلى حد ما بأن بعض الدول التي أوقفت تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ستستأنف تمويلها"، بحسب ما أوردته "رويترز".
جائزة "نوبل"
وقال النائب العمالي ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان النرويجي، أسموند أوكروست، لصحيفة "داجبلاديت" إنه رشّح الأونروا لجائزة السلام "نوبل" لعملها طويل الأمد في تقديم الدعم الحيوي لفلسطين والمنطقة بشكل عام، لقد كان هذا العمل أساسيًا لأكثر من 70 عامًا، وازداد حيوية في الأشهر الثلاثة الماضية.
ويدور جدل بشأن الأونروا منذ أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفيها البالغ عددهم 30 ألفًا بالضلوع في هجوم المقاومة الفلسطينية غير المسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر، وإثر ذلك، أعلنت 12 دولة -بعضها من المانحين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والسويد- أنها ستعلق تمويلها للوكالة، التي قالت الخميس إنها مهددة بالاضطرار إلى وقف أنشطتها بحلول نهاية فبراير.
وأعلنت الوكالة الأممية عبر حسابها على منصة "إكس" أنها "قد تضطر إلى وقف عملياتها في قطاع غزة حيث العدوان الإسرائيلي على غزة، مع حلول نهاية فبراير الجاري"، فيما أكدت جولييت توما مديرة بالوكالة لـ"رويترز" أن عمليات الوكالة في منطقة الشرق الأوسط وليس غزة وحدها ستتوقف على الأرجح بحلول نهاية فبراير إذا استمر تعليق التمويل.
ما هي الأونروا؟
تدعم الوكالة التابعة للأمم المتحدة، 6 ملايين لاجئ فلسطيني، وهي المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في غزة تحت القصف الإسرائيلي، وتوظف في غزة 13 ألف شخص، وتدير المدارس وعيادات الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية.
لماذا أنشئت الأونروا؟
تم إنشاء الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1949 لتوفير الدعم الأساسي -بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والتعليم- لعشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، إذ تم تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني قسرًا قبل قيام إسرائيل عام 1948، وهو ما يتذكره الفلسطينيون بالنكبة أو "الكارثة".
وتدعم الأونروا الفلسطينيين الذين يعيشون داخل فلسطين وخارجها، وتقدم خدمات مباشرة، مثل المدارس ومراكز الصحة الأولية وغيرها من الخدمات الاجتماعية.، كما تقدم القروض للفلسطينيين، وتنتشر عملياتها في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن.
مليون فلسطيني
منذ أن شنّت إسرائيل حربها على غزة في 7 أكتوبر، لجأ ما يقرب من مليون فلسطيني من غزة، أو ما يقرب من 45% من سكان القطاع، إلى مدارس الأونروا وعياداتها ومبانيها العامة الأخرى، ويعتمد جميع سكان غزة تقريبا الآن على الوكالة للحصول على الضروريات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه ولوازم النظافة.
ويعمل أكثر من 30 ألف فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين الواسعة في الدول العربية المجاورة لصالح الأونروا.
وفي ديسمبر 2023، قررت منظمة العمل الدولية وجهاز الإحصاء الفلسطيني أن ما لا يقل عن 66% من الوظائف فقدت في غزة منذ اندلاع الحرب، فيما تساعد الأونروا في تقليص فجوة البطالة بين الفلسطينيين من خلال توفير فرص العمل لهم.
مخيمات اللاجئين
في غزة، تم تسجيل 1,476,706 فلسطيني لاجئين في 8 مخيمات، وفي الضفة الغربية المحتلة، يعيش نحو ربع اللاجئين المسجلين البالغ عددهم 871,537 لاجئاً في 19 مخيمًا، بينما يعيش آخرون في البلدات والقرى، وهناك 9 مخيمات رسمية و3مخيمات غير رسمية في سوريا، حيث يعيش 575,234 لاجئًا فلسطينيًا مسجلًا، كما يعيش 489,292 لاجئًا فلسطينيًا في مخيمات لبنان الـ12، ويعيش في الأردن 2,307,011 لاجئًا، حيث توجد 10 مخيمات تابعة للأونروا هناك، ثلاثة مخيمات غير رسمية، ويعيش لاجئون آخرون حول المخيمات.
تهديد شديد بالمجاعة
بعد أن جمد أكبر المانحين للأونروا مساعداتهم لها، أصبح هناك تهديد شديد بالمجاعة للفلسطينيين داخل غزة وخارجها،
وقال توماس وايت، مدير شؤون الأونروا في غزة ونائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "من الصعب أن نتصور أن سكان غزة سوف ينجون من هذه الأزمة بدون الأونروا".
وظهرت مزاعم إسرائيل الأخيرة تجاه موظفي الأونروا في نفس اليوم الذي صدر فيه الحكم المؤقت لمحكمة العدل الدولية الذي يأمر إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية وزيادة المساعدات لغزة.