تهدف المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"- المشروع القومي لتطوير الريف المصري- التي أطلقها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في عام 2019، إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصري، في إطار من التكامل وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية في مصر.
وبعد أربع سنوات من إطلاق المبادرة يبقى السؤال: هل نجحت "حياة كريمة" في تحقيق أهدافها؟.. وما حدود انعكاساتها الإيجابية على الفئات المستهدفة من المصريين، سواء الأسر الأكثر احتياجًا في التجمعات الريفية، كبار السن، ذوي الهمم، المتطوعين، النساء المعيلات والمطلقات، الأيتام والأطفال، والشباب القادر على العمل؟
يذكر أنه لأول مرة على مستوى العمل العام، تجتمع أكثر من 20 وزارة وهيئة 23 منظمة مجتمع مدني، لتنفيذ هذا المشروع الأهم على الإطلاق وبسواعد الشباب المصري المتطوع للعمل الخيري والتنموي، من خلال مؤسسة حياة كريمة، ليكونوا نبراسًا يُحتذى به في مجال العمل التطوعي.
أبعاد جادة:
تعمل المبادرة على استهداف تطوير أكثر من 4500 قرية على مستوى الجمهورية، من خلال تدخلات تنموية شاملة، وتقدر التكلفة الإجمالية للمبادرة بنحو 45-50 مليار دولار، (بما يعادل 700-790 مليار جنيه)، وتدرس كل منطقة مستهدفة على حدة لتحديد ما تحتاجه لتوفير حياة كريمة لسكانها، وبناءً على ذلك، يخصص عدد من المشرعات المحددة والميزانية المطلوبة لكل قرية، وتأخذ المبادرة في اعتبارها جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المحددة من قبل الأمم المتحدة، وتتمثل أهم أبعاد المبادرة فيما يلي:
(*) مراحل عمل المبادرة: قُسم القرى الأكثر احتياجًا المستهدفة وفقًا لبيانات ومسوح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية، إلى ثلاث مراحل، هي كالتالي:
الأولى، تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70 في المئة فيما أكثر: القرى الأكثر احتياجًا وتحتاج إلى تدخلات عاجلة، تستهدف المرحلة الأولى عدد 377 قرية الأكثر احتياجًا والأكثر تعرضًا للتطرف والإرهاب الفكري، تصل نسبة الفقر فيها 70 في المئة فأكثر، بإجمالي عدد أسر 756 ألف أسرة (3 ملايين فرد) في 11 محافظة.
أما الثانية، فتشمل القرى ذات نسب الفقر من 50 في المئة إلى 70 في المئة: القرى الفقيرة التي تحتاج لتدخل، لكنها أقل صعوبة من المرحلة الأولى. وتشمل القرى ذات نسب الفقر أقل من 50 في المئة.
(*) مخصصات المرحلة الأولى: كانت بداية انطلاق المبادرة مع رفع مستوى معيشة المواطنين في 277 قرية من القرى الأكثر فقرًا في مصر، يعيش نحو 70 في المئة من سكان تلك القرى تحت خط الفقر، خُصص للمرحلة الأولى من المبادرة نحو 200 مليار جنيه لتطوير 1088 قرية يبلغ عدد سكانها 17.5 مليون نسمة، تلقت مشروعات المياه الجزء الأكبر من التمويل؛ حيث خُصص 36.1 في المئة لتنفيذ أنظمة الصرف الصحي على وجه التحديد من إجمالي ميزانية المرحلة الأولى (بما يعادل 72.2 مليار جنيه)، لتوصيل الخدمة إلى 17.9 مليون شخص، فيما استحوذت مشروعات توفير مياه الشرب النظيفة على 6.4 في المئة من ميزانية المرحلة (بما يعادل 12.8 مليار جنيه)، يشمل ذلك إنشاء محطات الصرف الصحي وتجديد محطات المياه.
بناء السكن اللائق أو تجديد المنازل القائمة هو أحد المكونات الرئيسية للمبادرة، يخصص لها في هذه المرحلة 18.6 مليار جنيه للحماية الاجتماعية والتنمية، تهدف المبادرة إلى بناء 350 ألف منزل لسكان القرى على مدى ثلاث سنوات.
وخُصص لربط هذه المنازل بشبكات الكهرباء والغاز الطبيعي والألياف الضوئية نحو 21 في المئة من ميزانية المرحلة، فقد خُصص نحو 12.4 في المئة من ميزانية المرحلة (24.8 مليار جنيه) لمشروعات الكهرباء، وتم تخصيص 6.2 في المئة من الميزانية لمد خطوط الغاز الطبيعي إلى أكثر من 1.4 مليون مستفيد. فيما خُصص 2.5 في المئة من الميزانية (5 مليارات جنيه) لتركيب شبكات الألياف الضوئية لنحو مليون مبنى سكني و14 ألف مبنى حكومي في 1400 قرية في جميع أنحاء البلاد. ومن المتوقع استفادة ما يصل 65 مليون شخص في المناطق الريفية من خدمات النطاق العريض العاملة بالألياف الضوئية خلال فترة المبادرة.
وحصلت مشروعات النقل على أكثر من 9 في المئة من الميزانية، أو نحو 18.6 مليار جنيه. بهدف الحد من عزلة القرى عبر إنشاء طرق مضاءة جيدًا تربطها بالطرق السريعة الرئيسية، مع خطة لشق 14.5 ألف كيلو متر من الطرق حتى نهاية المبادرة. أما مشروعات الصحة والتعليم فخُصص لها 11 في المئة من ميزانية المبادرة: تشمل مشروعات الرعاية الصحية في المبادرة تقديم الخدمات الطبية والعمليات الجراحية والأجهزة التعويضية لمتحدي الإعاقة. أُنشئت العديد من المستشفيات والوحدات الصحية في القرى المستهدفة، وستكون قريبًا تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل. وجرى تخصيص 8.9 في المئة من الميزانية لمشروعات الرعاية الصحية (17.8 مليار جنيه)، استفاد منها منها 1088 قرية و18.2 مليون نسمة.
وعلى صعيد التعليم، زاد عدد الفصول الدراسية وإنشاء مدارس جديدة لزيادة القدرات التعليمية في القرى، لتكون أقرب للمناطق السكنية للطلبة، باستخدام ما يصل 2.1 في المئة من الميزانية (4.2 مليار جنيه)، تُسهم في تحسين حياة 19 مليون شخص. وتهدف المبادرة بشكل عام إلى بناء 13 ألف فصل دراسي بشكل عام، وجرى تنفيذ 20 في المئة منه حتى الآن.
ومن المجالات الأخرى التي تركز عليها المبادرة: إنشاء شبكات الري وتحسين الممارسات الزراعية (3.1 في المئة من الميزانية)، وتطوير المقرات الحكومية ومراكز الشرطة (2.6 في المئة من الميزانية). وإنشاء مراكز شباب (1.1 في المئة من الميزانية). وتدريب وتأهيل المعلمين بآليات ومهارات الطرق الحديثة في التعامل والتواصل مع متحدي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، وإعداد برامج لتدريبهم وإعدادهم لدخول سوق العمل.
(*) المرحلة الثانية من المبادرة: انطلقت في سبتمبر الماضي، باستثمارات 9.6 مليار جنيه، تستهدف 1500 قرية ريفية في 14 محافظة، معظمها في وسط وجنوب صعيد مصر، تتراوح نسب الفقر بها ما بين 50 في المئة إلى 70 في المئة، ونجحت المبادرة في تنفيذ 90 في المئة من جملة الاستثمارات في قرى محافظات الصعيد، بتكلفة 5.4 مليار جنيه إلى جانب توفير أكثر من 300 ألف فرصة عمل بفضل مشروعات مبادرة "حياة كريمة".
وتشمل تلك المرحلة محافظات "أسيوط، سوهاج، المنيا، قنا، أسوان، الأقصر، الوادي الجديد، الفيوم، بني سويف، الشرقية، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، الإسكندرية، الإسماعيلية، دمياط، الجيزة، البحيرة، وكفر الشيخ"، بإجمالي عدد مستهدفين يبلغ 18 مليون مواطن.
أما خطة عمل تلك المرحلة فتتضمن عدة إجراءات، منها رصد احتياجات ومقترحات المواطنين والمحافظات المستهدفة على مستوى 375 تجمعًا، وعقد 371 لقاءً مجتمعيًا، شارك فيها نحو 9500 مواطن بالتجمعات الريفية المستهدفة لرصد الاحتياجات وترتيب الأولويات. ويجري تنفيذ 1592 مشروعًا بالمرحلة الثانية في عدد كبير من القطاعات التي تهم المواطنين، في مقدمتها مياه الشرب والصرف الصحي والتعليم والصحة وخلق فرص العمل، وفقًا للتنمية المحلية.
إنجازات عظيمة:
تعد مشروعات "حياة كريمة" تجسيدًا حقيقيًا للعمل على تحقيق مستهدفات الحماية الاجتماعية، تستهدف 60 في المئة من أبناء الشعب في الريف المصري، بإحداث تطوير كامل لشبكات "المياه والصرف الصحي، الكهرباء، الغاز، الطرق، الاتصالات، وحدات صحية، مدارس، مراكز شباب، ووحدات تضامن اجتماعي"، وجميع الخدمات التي كانت القرى المصرية في أمس الحاجة لها لعقود طويلة مضت، تُنفذ حاليًا على أعلى مستوى، كما تعد المبادرة أكبر مشروع تنموي يهدف إلى إنشاء مجتمعات ريفية مستدامة بمشاركة جميع أصحاب المصلحة، وتحرص مصر على مشاركة تجربتها الناجحة مع دول العالم فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ إذ تم إدراج المبادرة ضمن أفضل الممارسات ومسرعات أهداف التنمية المستدامة على منصة الأمم المتحدة، نظرًا لحجمها وأهميتها في تحقيق خطة عام 2030.
وفيما يتعلق بتوفير خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، تم الانتهاء من إنشاء وتطوير 253 بئر مياه جوفية، و1675 وصلة مياه للمنازل، وتركيب 706 خزانات صرف صحي منزلي، و1680 وصلة صرف صحي منزلي، وإنشاء وتطوير 130 محطة.
أما على مستوى تطوير الخدمات التعليمية، فتم الانتهاء من إنشاء وتطوير 127 مدرسة، تشمل 2311 فصلًا دراسيًا، ومحو أمية 3 آلاف مواطن، كما نجحت "حياة كريمة" في تحسين شبكة الكهرباء وخدمات الإنارة في 125 تجمعًا ريفيًا، بجانب رصف طرق بطول 188 كيلو متر، الانتهاء من إنشاء وتطوير 1000 حضانة، رفع كفاءة 72 ألف منزل خلال 2020 و2021، كما وفرت "حياة كريمة" 82 وحدة بيطرية مطورة و216 مشروعًا، بهدف تحسين بيئة وأمن وإطفاء وتجميل وغيرها من القطاعات المرتبطة بهذا المجال.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان، 28 يونيو 2022، تقديم 58.9 مليون خدمة طبية بمختلف التخصصات لأهالي محافظات المرحلة الأولى ضمن المبادرة، استفاد منها 24.1 مليون مواطن بـ626 قرية على مستوى 20 محافظة، من خلال 1460 منشأة طبية بمختلف قطاعات الوزارة، بالتنسيق مع وحدة البرامج الصحية للحماية الاجتماعية بقطاع الرعاية الصحية والتمريض.
وصل عدد المتطوعين في المبادرة لـ36 ألف متطوع؛ أُطلق برنامج توعوي لإشراك الشباب في المبادرة الرئاسية، أطلقت المبادرة المرحلة الثالثة للندوات التوعوية، في إطار البرنامج التوعوي المتكامل، 17 أكتوبر 2022، بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، والمجلس الأعلى للجامعات ومجلس الوزراء.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الحكومة استمرت في العمل بمشروعات مبادرة "حياة كريمة" حتى في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، الشاملة جائحة كوفيد-19، والأزمة الروسية الأوكرانية؛ التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في مشروعات المبادرة.
قياس الأثر:
إن الأثر المباشر وغير المباشر للمبادرة لن يُعرف إلا مع نهاية المبادرة في عام 2023، فيما تستمر الدراسات الخاصة بهذا الشأن على مدار فترة المبادرة، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، يناير 2021، أول منظومة إلكترونية متكاملة لمتابعة مبادرة "حياة كريمة"، مبنية على منهجية البرامج والأداء.
تقوم المنظومة برصد ومتابعة وتقييم أثر جميع التدخلات التي تقوم بها الدولة في الريف المصري وربطها بمؤشر "جودة الحياة: معدل إتاحة الخدمات الأساسية" مع التحديث اللحظي للمؤشر، وهو الأمر الذي يبرز المشروع كأهم مشروع قومي في تاريخ مصر من حيث تأثيره على جودة حياة المواطنين بأرقام دقيقة؛ حيث تربط بين الاعتمادات الموجهة للتدخلات التنموية والعائد المستهدف منها.
كما ترتكز المنظومة على التخطيط المبني على الأدلة والاستفادة من قواعد البيانات المتوفرة بالدولة، فضلًا عن تكاملها مع منظومة التغيرات المكانية.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، انطلقت أيضًا في شراكة مثمرة مع J-PAL، المعمل المصري لقياس الأثر؛ يهدف إلى تعزيز فعالية سياسات الحد من الفقر في مصر، بربطه مؤشرات الفقر بنتائج مبادرة "حياة كريمة"، من خلال التقييم الدقيق لبرامج حكومية واعدة ومبتكرة، بما يُسهم في بناء ثقافة صنع القرار المبني على الأدلة، من خلال بناء قدرة الحكومة على استخدام الأدلة في تصميم البرامج وتقديمها.
انعكاسات داخلية:
تعد المبادرة الرئاسية حياة كريمة، أكبر مشروع تنموي في تاريخ مصر الحديث؛ إذ ساعد أكثر من 60 في المئة من سكان مصر حتى 22 أكتوبر 2022؛ تُمثل مبادرة حياة كريمة، قصة نجاح ملهمة في تطبيق التنمية المستدامة ونشر مفاهيمها؛ حيث تراعي المبادرة كل الأبعاد البيئية ومبادئ التنمية المستدامة في المناطق المستهدفة، ويمكن هنا الإشارة إلى أهم الانعكاسات الداخلية للمبادرة كما يلي:
(-) تعظيم دور المرأة: تضمن نطاق تنفيذ المبادرة موضوعات توعوية بمختلف قضايا المرأة، خلال الفترة من يناير وحتى يوليو 2021، نُفذ العديد من الأنشطة التوعوية وحملات الطرق في القرى، بكل نشاط يتم توعية المستهدفات برسائل مبسطة عن المبادرة وتأثيرها ومردودها على المرأة والمجتمع، وصل عددها أكثر من مليوني سيدة.
كما تم الانتهاء من إنشاء 3000 حضانة خلال 2021، لتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، كان من أهم التحديات التي تواجه المرأة في مشاركتها بسوق العمل عدم وجود حضانات الطفولة المبكرة.
وتعمل الدولة المصرية على دعم المرأة وتمكينها اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، من خلال العديد من المشروعات والمبادرات منها مبادرة "حياة كريمة"، ودورها في تحسين الأحوال المعيشية للمرأة المصرية، يُسهم هذا المشروع في تحسين جودة الحياة لنحو 34 مليون سيدة لما يوفره من خدمات الصحة الجيدة، السكن اللائق، وفرص العمل.
كما يعزز المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية جهود تحسين وضع المرأة، حيث تُمثل محاور المشروع التنموي روافد تَصٌب في جودة الحياة للأسرة المصرية، وفي القلب منها المرأة، لذا جاءت المحاور الشاملة لهذا المشروع التنموي لتحقق التمكين الاقتصادي للسيدات، وتقديم الحوافز المادية المشروطة بالالتزام بالضوابط التي تضمن صحة المرأة وتحسين ظروفها المعيشية.
خلال مؤتمر المديرات التنفيذيات العربيات "مستقبل المرأة في القيادة"، أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، 10 أكتوبر 2022، أن الدولة تضع أولوية لدعم المرأة وتمكينها اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، من خلال العديد من المشروعات والمبادرات منها "حياة كريمة" و"المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية".
(-) تعزيز رأس المال البشري: تتضمن المبادرة تدخلات متنوعة تشمل كل جوانب التطوير التي يحتاجها الريف المصري، بما في ذلك الاستثمار في رأس المال البشري من خلال مشروعات التعليم والمعرفة، وما تتضمنه من بناء مدارس جديدة، وتطوير ورفع كفاءة الفصول والمدارس القائمة، فضلًا عن الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية مثل المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة.
تتضمن المبادرة أيضًا جانبًا يتعلق بخلق فرص عمل في المجتمعات المحلية، وفقًا للميزات النسبية التي يتمتع بها كل تجمع ريفي، من أجل ضمان استدامة التنمية، وتوفير مصدر رزق دائم لأبناء القرى، يضاف إلى فرص العمل التي توافرت خلال مراحل تنفيذ المبادرة ومشروعاتها المختلفة، فقد أتاحت مشروعات المبادرة أكثر من 600 ألف فرصة عمل، تعتمد بشكل كبير على الشركات والمصانع المصرية.
(-) تخفيف حدة الفقر: في إطار الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر، أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، في 17 أكتوبر 2022، تقريرًا حول جهود الدولة المصرية في مجال الحماية الاجتماعية والحد من الفقر، مؤكدةً أن إجمالي المنصرف في تطوير قرى المرحلة الأولى من حياة كريمة، بلغ 135 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2022.
أسهمت مبادرة "حياة كريمة" في تحسن مؤشر جودة الحياة من حيث مُعدل إتاحة الخدمات الأساسية، في قرى المرحلة التمهيدية وهم أكثر 375 قرية فقرًا، وخفض معدل الفقر بنحو 11 نقطة مئوية، فقد أشار تقرير وزارة التخطيط إلى انخفاض معدلات الفقر بـ2 نقطة مئوية بين عامي 17/2018 و19/2020، للمرة الأولى منذ 20 عامًا، كما تراجعت نسب السكان تحت خط الفقر المدقع إلى 4.5 في المئة عام 2019، مقارنةً مع 5.3 في المئة عام 2015.
كما ركزت المبادرة على التخفيف من حدة الفقر متعدد الأبعاد وتقديم خدمات متكاملة لتحسين نوعية حياة المواطنين المصريين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية.
(-) انعكاسات بيئية ومناخية: تعتمد المبادرة نهجًا مراعيًا للمناخ، من خلال مزامنة جهود التكيف مع المناخ والتخفيف من حِدّته، وتعزيز قدرة المجتمعات الريفية على التكيف مع التغير المناخي، بدأت المبادرة بالفعل في العمل بالمشروعات غير المُضرة بالمناخ، خصصت المرحلة الأولى من المبادرة، 30 في المئة من عائداتها لمشروعات بيئية وتحسينات مستدامة.
أطلقت مصر مشاورات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حول المبادرة المقترحة لرئاسة قمة المناخ (كوب 27) التي تحمل عنوان "حياة كريمة من أجل أفريقيا قادرة على التكيف مع تغير المناخ"، لدعم المجتمعات المحلية في القارة السمراء لمواجهة التغيرات المناخية.
في النهاية، يمكن القول إن مبادرة حياة كريمة في مرحلتيها الأولى والثانية كان لها انعكاسات داخلية متنوعة وسريعة في الريف المصري، تمثلت أهم ملامحه في إعادة هيكلة المؤسسات التنظيمية في القرى والنجوع، وبالتالي خففت العبء على المدن، بجانب انعكاسات اجتماعية تمثلت في تقليل معدل الأمراض بالمناطق الريفية، وخفض معدل تسرب التلاميذ من المدارس، وهو ما ينعكس ايجابيًا على معدلات النمو والفقر في تلك المناطق.