يصوت البرلمان العراقي، اليوم الخميس، على منح الثقة لحكومة "السوداني" وبرنامجها الخاص، في إجراء يأمل العراق من خلاله أن يدفع بالعملية السياسية ويحرك المشهد إلى انفراجة ملموسة لواقع راكد منذ قرابة العام.
وطلب محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي المُكلّف، من مجلس النواب عقد جلسة، اليوم، للتصويت على تشكيلته الحكومية والبرنامج الخاص بها، ونشرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، وثيقة تضمنت طلب "السوداني" من محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب، تحديد اليوم موعدًا لعقد جلسة التصويت على "الكابينة الوزارية والمنهاج الوزاري".
وفي 13 من أكتوبر الجاري، كلّف الرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد، الفائز بمنصب رئيس الجمهورية بعد نيله 162 صوتًا في الجولة الثانية من الانتخابات، محمد السوداني، مرشح قوى "الإطار التنسيقي"، بتشكيل حكومة جديدة خلال 30 يومًا.
وأرجأت القوى السياسية الأساسية في البرلمان العراقي، عقد جلسة للتصويت على تشكيلة الحكومة الجديدة كانت متوقعة، السبت الماضي، وفق بيان لائتلاف "إدارة الدولة"، فيما لم تفض المفاوضات المتواصلة بين الكتل السياسية إلى حسم التشكيلة الوزارية بعد، وكما تجري العادة في العراق، توزع تشكيلة الحكومة على أساس المحاصصة، بين الكتل والطوائف والمكونات في المجتمع العراقي، وهي السنة والشيعة والأكراد.
حكومة نزيهة وقوية
أعلن السوداني، عزمه تشكيل حكومة نزيهة وقوية في تنفيذ أهدافها وبرنامجها، مؤكدًا في كلمة له عقب تكليفه بتشكيل الحكومة، أنها "ستتضمن شخصيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة والقدرة على إنجاز مسؤوليتها"، ورغم ذلك، أكد رئيس الحكومة المُكلف أن المسؤوليةُ تضامنيةٌ "يتحملُها الجميع"، من قوى سياسية ومنظمات مهنية وقطّاعية ونخب وكفاءات وقادة رأي.
وفي إطار تحقيق تلك الأهداف، عقد السوداني عددًا من المباحثات واللقاءات المنفردة مع عدد من القوى السياسية، للتعاون في تشكيل الحكومة وفق آليات وضوابط من شأنها التوصل لحكومة قادرة.
أولويات البرنامج الحكومي وآلية عمله
وكشف رئيس الوزراء العراقي المُكلّف عن أولويات برنامجه الحكومي، الذي تضمن 23 محورًا في ملفات عدة، حددها في ملفات الكهرباء والصحة والخدمات البلدية ومكافحة الفساد، موضحًا أن أولويات برنامجه تندرج ضمن "جهود معالجة تبعات الظرف المعيشي والخدماتي الصعب الذي يعيشه أغلب الشعب العراقي".
ويتسم برنامجه، بحسب تصريحات سابقة له، بالواقعية ويتبنى إصلاحات اقتصادية تستهدف تنشيط قطاعات الصناعة والزراعة، ودعم القطاع الخاص، وتنويع مصادر الدخل ومعالجةَ الآثارِ البيئية والتصحر والتغير المناخي وحماية الموارد المائية، وفيما يتعلق بآلية عمل الحكومة، تعهّد بأن تعمل حكومته من الساعات الأولى لمنحها الثقة على تنفيذ برنامجها، وغلق منافذ الفساد عبر القوانين والتشريعات الصارمة، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والقضائية.
التعاون مع جميع القوى السياسية
وأعلن رئيس الحكومة العراقية استعداده التام للتعاون مع جميع القوى السياسية والمكونات المجتمعية، سواء الممثلة في مجلس النواب أو الماثلة في الفضاء العراقي، مؤكدًا عدم السماح بالإقصاء والتهميش، وتفادي الخلافات، وقال في تصريحات صحفية: إن جهوده لتشكيل الحكومة تجري وسط نقاشات ومباحثات وتبادل الآراء مع كل الشركاء السياسيين والأطر الاجتماعية والوطنية.
التيار الصدري خارج التشكيل
ورغم مساعي "السوداني" لتشكيل حكومة قوية تُمثل مختلف القوى السياسية العراقية، إلا أن قرار مقتدى الصدر رفض مشاركة التيار الذي يتزعمه في الحكومة، كانت بمثابة العرقلة الأولى حتى الآن أمام جهود رئيس الحكومة للخروج بتشكيل مرضي لكل الأطراف والتيارات العراقية، حيث أعلن زعيم التيار الصدري رفضه المشاركة في أي حكومة مقبلة، معتبرًا تكليف "السوداني" تشكيل الحكومة، إعادة العراق إلى "المربع الأول".
الخلافات بين "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي" ليست بالجديدة، إذ حالت دون تشكيل حكومة منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة، في 10 أكتوبر 2021، تطورت حينها إلى صراعات دامية.
استعادة ثقة المواطن العراقي
استعادة ثقة الشعب في الحكومة غاية بدت جلية في تصريحات "السوداني" المتكررة وأولويات برنامجه الحكومي المُعلنة حتى الآن، قائلًا في تصريحات لوسائل إعلام عراقية، أدلى بها في وقت سابق: إنّه "سيعيد ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها عبر العمل الجاد والشفاف، بعيدًا عن التهويل والتزييف".
ووسط كل الجهود الحثيثة التي تبذلها القيادة السياسية في العراق للخروج من حالة الجمود، لا سيما على الصعيد السياسي، يعد منح البرلمان الثقة لحكومة السوداني وبرنامجها، بداية حقيقية لقياس المشهد وما ستؤول إليه الأمور في الشارع العراقي، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا التي تمس المواطن في المقام الأول.