الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لسد الفجوة الاستخباراتية.. أمريكا تخطط لـ"عودة عسكرية" إلى الشرق الأوسط

  • مشاركة :
post-title
أمريكا تخطط لـ "عودة عسكرية" للشرق الأوسط

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

قبل ساعات، اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع فريق الأمن القومي، لاتخاذ قرار بشأن الخيارات المطروحة للرد على الهجوم الذي استهدف قاعدة أمريكية على الحدود الأردنية- السورية، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود. حيث يدرس حشد قواته لمواجهة مرتقبة مع إيران، بعد أن أمضت الولايات المتحدة السنوات الأخيرة في سحب مواردها الاستخباراتية والعسكرية من الشرق الأوسط، وتحويل التركيز إلى أماكن أخرى، في محاولة لاحتواء أنشطة روسيا والصين.

هكذا، تأتي الأحداث المتسارعة في المنطقة لتُجبر البوصلة الأمريكية على التحول ناحيتها مرة أخرى.

ويرى عدد كبير من المسؤولين الأمريكيين -الحاليين والسابقين- أن إلغاء واشنطن لأولوياتها في الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد نهجها تجاه إيران، ترك الولايات المتحدة عُرضة للخطر.

ويشير تقرير لمجلة "بوليتيكو" إلى أن عملية "طوفان الأقصى"، والمواجهة بين واشنطن والحوثيين في البحر الأحمر، أجبرت أعلى المستويات في مؤسسة الأمن القومي لإدارة بايدن على إعادة النظر بشأن استراتيجيتها في الشرق الأوسط.

ثمن التجاهل

خلال الفترة الماضية، واجهت القوات والمصالح الأمريكية في المنطقة إخفاقات عدة على المستوى العسكري والأمني. كما يعتقد مسؤولون أن حزب الله في لبنان، يخطط لشن هجمات على الأمريكيين.

فقد أطلقت الجماعات المدعومة من إيران مئات الصواريخ على القوات الأمريكية في العراق وسوريا دعمًا لغزة في أعقاب العدوان الإسرائيلي، كان آخرها قبل يومين ذلك الهجوم الذي استخدم طائرة مسيّرة في الأردن.

كما هاجم الحوثيون في اليمن سفن الشحن الأمريكية.

أمّا الفشل الاستخباراتي فقد اتضح في السابع من أكتوبر الماضي، واشتركت فيه أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية معًا.

تنقل المجلة عددًا من آراء خبراء السياسة الأمريكية حول عودة بؤرة الاهتمام إلى الشرق الأوسط، بعد أن طلب العديد منهم عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسائل الأمن القومي الحساسة.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين الذين عملوا في شؤون الشرق الأوسط خلال إدارة ترامب: "لقد أمضى بايدن معظم السنوات الثلاث الماضية متجاهلًا الشرق الأوسط تمامًا. والآن يدفع الثمن".

ورفض مسؤول كبير في إدارة بايدن فكرة أن سياسة الإدارة بشأن الشرق الأوسط قد حدّت من قدرتها على حماية الأمريكيين في الداخل أو الخارج. وقال إن الإدارة حافظت على قوات مكافحة الإرهاب في المنطقة، وأطلقت عمليات ناجحة للقضاء على قادة الإرهابيين.

فيما أشار مسؤول آخر إلى أن مقتل قاسم سليماني، قائد مجموعة النخبة (فيلق القدس) بالحرس الثوري الإيراني، هو الذي زاد التهديدات ضد المصالح الأمريكية في الخارج.

وقال النائب جيم هايمز -من كونيتيكت- وهو أكبر عضو ديمقراطي في لجنة الاستخبارات الدائمة بمجلس النواب، إن إعادة ترتيب أولويات الشرق الأوسط يجب أن تتم مقارنتها بالمزايا التي تأتي مع إعطاء الأولوية لروسيا والصين.

تحويل الاهتمام

خلال فترتيه، أمضى كبار المسؤولين في إدارة أوباما سنوات في دفع الولايات المتحدة إلى الانسحاب من المنطقة، وإعادة توجيه الموارد إلى أماكن أخرى للتركيز على البلدان التي تشكل مخاطر أكبر مثل روسيا والصين.

وعلى مدى العقد الماضي، أوقفت وكالة المخابرات المركزية برنامجها لتدريب "الجيش السوري الحر"، وهي جماعة تشكلت في عام 2011 لمحاربة الرئيس السوري بشار الأسد، كما أعاد البنتاجون آلاف القوات من العراق، وانسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان بشكل كامل.

وعندما تولى دونالد ترامب منصبه في يناير 2017، كان قسم آسيا التابع لمجلس الأمن القومي يضم أربعة أشخاص فقط -وهو فريق أصغر بكثير مقارنة بمكتب الشرق الأوسط الذي كان يعمل به نحو 15 موظفًا- وبحلول نهاية ولاية ترامب، انقلبت هذه الأرقام بشكل أساسي.

أيضًا، قامت إدارة بايدن بتوسيع المكاتب الأخرى رفيعة المستوى التي تركز على آسيا، حيث أنشأت مكاتب لكوريا في وكالات الاستخبارات ومكتبًا للصين تحت إشراف الوزير أنتوني بلينكين في وزارة الخارجية.

كما خصصت وكالات الاستخبارات المزيد من الأموال والموظفين للدراسة واستهداف روسيا والصين، بما في ذلك محاولات توسيع نفوذهما في إفريقيا، أحيانًا من خلال وكلاء، وفقًا لاثنين من مسؤولي المخابرات السابقين تحدثوا لـ"بوليتيكو".

وعند اندلاع عملية "طوفان الأقصى"، بدا أن الولايات المتحدة أصبحت تعتمد بشكل أكبر على الدول الحليفة في المنطقة للحصول على معلومات استخباراتية عن المنظمات العاملة في المنطقة، وفقًا لاثنين من كبار المسؤولين.

ولفت الأمريكيون إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو لم تأخذ بجدية المعلومات الواردة من استخباراتها بأن حماس كانت تخطط للهجوم، ولم تمرر المخططات التي حصلت عليها إلى المسؤولين الأمريكيين.

وقال مسؤول كبير: "كان هذا فشلًا استخباراتيًا إسرائيليًا واضحًا" دفع أعضاء الكونجرس والإدارة إلى النظر في المدى الذي ينبغي للولايات المتحدة أن تستمر فيه في الاعتماد بشكل كبير على حلفائها -بما في ذلك إسرائيل- لتوفير المعلومات الاستخبارية.

وقال النائب ريك كروفورد -جمهوري عن أركنساس- وهو عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب: "من الواضح أن هناك بعض المحادثات التي ستجريها وكالات الاستخبارات لدينا مع إسرائيل فيما يتعلق بالخطأ الذي حدث هناك، وإعادة تقييم البروتوكولات المتعلقة بكيفية المشاركة وما يتشاركونه".

وبينما ألقى المسؤولون باللوم على إسرائيل في فشل الاستخبارات، يعترف البعض بأن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة للتداعيات الإقليمية لمثل هذا الهجوم.

كما أصبح هؤلاء قلقين بشكل خاص من أن حزب الله قد يحاول استهداف القوات والدبلوماسيين الأمريكيين في الخارج، أو داخل الولايات المتحدة.

وزعموا أنهم شهدوا زيادة كبيرة في التقارير الاستخباراتية التي تنطوي على تهديدات نشطة للولايات المتحدة منذ أكتوبر الماضي.

إعادة الموارد

تأتي زيادة القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط مع استمرار تعرض آلاف القوات المتمركزة في العراق وسوريا للهجوم. حيث تعرضت القوات الأمريكية للهجوم أكثر من 150 مرة منذ منتصف أكتوبر، وفقًا للبنتاجون.

وبدأت واشنطن ببطء في إعادة الموارد إلى الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة. ووفق المجلة، يقدر البنتاجون أن إعادة بناء وجوده في الشرق الأوسط ستتكلف أكثر من مليار دولار. بدأت بإرسال عدة سفن وغواصات، إلى جانب 1200 جندي إلى المنطقة.

وفي الوقت نفسه، أرسلت وزارة الخارجية والبيت الأبيض مستشارين إلى إسرائيل للمساعدة في التنسيق مع حكومة نتنياهو.

وزادت وكالات الاستخبارات الأمريكية من عمليات جمع المعلومات في العراق وسوريا، لمراقبة تحركات وتخطيط من يصفوهم بـ"وكلاء إيران".