تتشبث أوكرانيا بالأمل في أن المساعدات المالية المهمة التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي، ستأتي في الوقت الذي يتأرجح فيه اقتصادها على وشك الانهيار، بعد ما يقرب من عامين من الحرب مع روسيا.
الأمل الأخير
وبحسب ما أشار تقرير لصحيفة بوليتيكو، فإن المسؤولون الأوكرانيون حذروا من أنه بدون حزمة المساعدات البالغة 50 مليار يورو التي من المقرر أن يوافق عليها الزعماء الأوروبيون هذا الأسبوع، إلى جانب مبلغ مماثل متوقع من الولايات المتحدة، فإن أوكرانيا ستكافح من أجل الحفاظ على اقتصادها المنهك ومواصلة القتال.
وقال دانيلو هيتمانتسيف، رئيس اللجنة المالية في البرلمان الأوكراني للصحيفة الأمريكية: "نحن لا نفكر حاليًا حتى في خيار عدم تلقي هذه المساعدة، إنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، لأن توقيت واكتمال الإنفاق غير العسكري يعتمد عليه".
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، قدم الحلفاء الغربيون حوالي 73.6 مليار دولار من المساعدات المالية للحفاظ على عمل الحكومة الأوكرانية، بينما ينهار اقتصادها، إلا أن هذه المساعدات تباطأت إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة، وحتى الآن في يناير، لم تتلق أوكرانيا أي تعهدات جديدة بالمساعدة المالية الرسمية.
ومن خلال صندوق النقد الدولي، تلقى ما مجموعه 122 مليار دولار بين عامي 2023 و2027.
عالقون في مرمى النيران الجيوسياسية
ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه أوكرانيا عجزًا هائلًا في الميزانية، بحسب ما أشارت الصحيفة، نقلًا عن بيانات حكومية رسيمة، يبلغ 39 مليار دولار هذا العام وتأمل في سد معظمه بمساعدات غربية بقيمة 37 مليار دولار، لكن تدفق الأموال الغربية تباطأ في الأشهر الأخيرة، مع اندلاع الصراع في الشرق الأوسط، وبدء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتباطؤ النمو الاقتصادي؛ مما أدى إلى إغفال قضية الحرب الروسية الأوكرانية.
عارض كل من رئيسي الوزراء المجري فيكتور أوروبان والسلوفاكي روبرت فيكو، تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا من ميزانية الاتحاد الأوروبي، معللين ذلك بأن التمويل يجب تقسيمه إلى أربع شرائح، يمكن إيقاف كل منها في أي وقت. ويواجه أوروبان بشكل خاص ضغوطًا متزايدة للتخلي عن معارضته.
وفي الولايات المتحدة، أصبحت المساعدات المالية لأوكرانيا رهينة في الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين، بشأن سياسة الحدود. وعلى الرغم من دعم الرئيس جو بايدن، طالب رئيس مجلس النواب مايك جونسون البيت الأبيض بتوضيح هدفه النهائي في أوكرانيا، قبل التصويت على مساعدات جديدة لكييف.
ومع استمرار التأخير البيروقراطي في بروكسل وواشنطن، فإن عقارب الساعة تدق فيما يتعلق بقدرة أوكرانيا على مواصلة القتال، مع تجنب الانهيار الاقتصادي والتضخم المفرط.
والتزم المسؤولون الأوكرانيون الصمت إلى حد كبير بشأن التأخير، على أمل تجنب استعداء الحلفاء، إلا أن الخبراء يحذرون من أن أوكرانيا ليس لديها القدرة الكافية على مواصلة القتال أو تقديم الخدمات الأساسية دون مساعدات مستمرة.
وقالت ماريا ريبكو، نائبة مدير مركز كييف للاستراتيجية الاقتصادية: "الخطر الأكبر هذا العام هو عدم الحصول على المساعدات"، محذرة من أنه بدون المنح والقروض، فإن الخيار الوحيد أمام أوكرانيا هو طباعة النقود لتغطية النفقات، وهي خطوة من شأنها أن تضر بعملتها واقتصادها.
وقال محافظ البنك المركزي، أندريه بيشني، إنه في حين أن أوكرانيا يمكن أن تدعم نفسها "لبعض الوقت" من احتياطياتها والاقتراض المحلي، فإن المساعدات المستمرة تظل "ذات أهمية بالغة".
تكاليف الهزيمة
ويزعم المسؤولون الأوكرانيون أن السماح لبلادهم بالتعثر من شأنه أن يكون في نهاية المطاف أكثر تكلفة بالنسبة لأوروبا. وهم يؤكدون أن خروج روسيا المنتصرة من هزيمة محتملة لأوكرانيا، من شأنه أن يهدد القارة لسنوات، مما يجبر دول الاتحاد الأوروبي على القيام بتوسعات عسكرية ضخمة.
بالنسبة إلى القوة الاقتصادية الأوروبية الشاملة، يقولون إن حزمة المساعدات المقترحة بقيمة 50 مليار يورو، هي ثمن بسيط يجب دفعه مقابل تعزيز أمن الكتلة على المدى الطويل، من خلال ضمان عدم نجاح روسيا في طموحاتها الإمبراطورية. ويقول بيشني إنه بالنسبة للحلفاء الغربيين، فإن دعم أوكرانيا "يمكن أن يكون أفضل استثمار في دفاعهم واقتصاداتهم".
وبدون ذلك، يحذر رئيس اللجنة المالية هيتمانتسيف، من أن الكارثة تلوح في الأفق: "نحن لا نفكر حاليًا في خيار عدم تلقي هذه المساعدة".