سجل المخرج الراحل نادر جلال بصمات مميزة في تاريخ السينما والفن المصري، فهو صاحب النظرة الإبداعية، وسطر مسيرة حقيقية من التميز على مدار أكثر من نصف قرن.
أسهمت الظروف المحيطة في سير نادر جلال - الذي تحل اليوم 29 يناير 1941 ذكرى ميلاده - بطريق الفن إذ فتح عينيه على السينما وسمع بأذنيه أحاديث مُطولة عن نجومها، بحكم انتمائه لعائلة فنية، فهو نجل المنتجة والممثلة ماري كويني والمخرج أحمد جلال، حاول في بداية حياته أن يخوض مجال التمثيل، لكن خوفه من مواجهة الجمهور أثناه عن هذا الطريق، ليقول في لقاء تلفزيوني سابق: "كان لي تجربة تمثيل واحدة في الصغر إذ وقفت صامتًا في أثناء تمثيلي لمشهد بالمدرسة، وأدرت ظهري دون أن أتفوه بكلمة واحدة بعدما وجدت عيون الناس تراقبني، وفشلت في التمثيل وانتهى الحلم قبل أن يبدأ واتجهت إلى الإخراج".
واجه نادر جلال الرفض من قبل والدته ماري كويني في الالتحاق بمعهد السينما، وتأكيدها له ضرورة الحصول على شهادة جامعية، واتفق معها على أن يلتحق بكلية التجارة وفي حالة نجاحه بالفرقة الأولى يدخل معهد السينما، ليلقى هذا العرض قبولًا عنده، لكن والد زوجته أكد له أنه لن يوافق على زواجه من ابنته إلا بعد حصوله على شهادة جامعية، فحصل على بكالوريوس التجارة عام 1963، ثم دبلوم معهد السينما قسم الإخراج عام 1964، بحسب ما أكده في لقاء تلفزيوني سابق.
رغم الشهرة التي حصل عليها نادر جلال باعتباره واحدًا من أهم مخرجي السينما والفن المصري، لكنه كان لديه مواهب أخرى في التأليف والكتابة، فيقول عنها: "المخرج بحكم عمله يتدخل في السيناريو، فكان هناك موضوع نال إعجابي وكتبت السيناريو في وقت طويل، فقدمت للسينما فيلمين ناجحين من تأليفي وإخراجي، هما "بدور" لنجلاء فتحي، و"واحدة بواحدة" للفنان عادل إمام، ولم أستكمل طريق الكتابة لأنني كنت أستغرق وقتًا طويلًا في الكتابة".
ثنائي مع الزعيم
شكل نادر جلال مع عادل إمام ثنائيًا ناجحًا، فقدم معه عددًا كبيرًا من الأفلام، من بينها "الإرهاب، بخيت وعديلة، خمسة باب، جزيرة الشيطان، الواد محروس بتاع الوزير"، وغيرها الكثير من الأعمال، ليسرد عن علاقته مع الزعيم، قائلًا في لقاء سابق: "عادل إمام فنان ذكي وعلاقتي به قوية جدًا، ودائمًا كنا نختلف على السيناريو وليس في أثناء التصوير".
الأكشن والكوميديا
في الوقت الذي حقق نادر جلال نجاحًا كبيرًا في الكوميديا والأكشن، ليكون من المخرجين القلائل الذين حققوا توازنًا في معادلة يراها الكثيرون صعب الجمع بينهما، فقدم مع نجمة الجماهير الفنانة نادية الجندي عددًا من الأفلام التي تنتمي إلى نوعية أفلام التشويق والمغامرة مثل فيلم "مهمة في تل أبيب، أمن دولة، وامرأة هزت عرش مصر"، ليفسر سبب اتجاهه إلى أعمال التشويق بقوله إنه يميل إلى تقديم الأعمال التي تحمل صراعًا وبها حركة أكثر من الرومانسية.
التلفزيون
كان للتلفزيون نصيب من أعماله، فاتجه إلى تقديم عدد من المسلسلات الناجحة مثل "الناس في كفر عسكر، مع صلاح السعدني، عباس الأبيض في اليوم الأسود، مع الفنان يحيى الفخراني، أماكن في القلب، درب الطيب، وظل المحارب"، وغيرها.
استكمال مسيرة
"اللي خلف مماتش".. هكذا يمكن أن ينطبق المثل الشعبي على أحمد نادر جلال، الذي حمل مسيرة الإخراج خلفًا لوالده، إذ تنبأ له الأخير بأن يصبح مخرجًا كبيرًا صاحب بصمة وعلامة وهو ما تحقق بالفعل مع الأيام، ويقول نادر جلال عن نجله حينما كان يخطو أولى خطواته في مجال الفن: "أحمد رفض العمل في بداية حياته، وهو مخرج متوقع، ويمتلك رؤية جميلة جدًا وحس عالٍ وحماس دون اندفاع، وطاقة للجلوس على السيناريو".