وسط تصاعد التوترات مع الجارة الشمالية ومع اقتراب الانتخابات العامة بعد أشهر قليلة، يواجه حزب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، أزمة كبيرة بعد أن اتُهمت زوجته بقبول حقيبة يد "بشكل غير لائق"، حسب تعبير صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ومثل مؤامرات الدراما الكورية المُعقدة، تم تصوير السيدة الأولى لكوريا الجنوبية سرًا وهي تتلقى هدية فخمة - حقيبة يد من ماركة ديور - قبل أكثر من عام، من قس يدعو إلى الوحدة مع كوريا الشمالية.
وقالت الصحيفة البريطانية: "هذه ليست رواية مكتوبة، بل هي أزمة سياسية حقيقية دفعت حكومة كوريا الجنوبية المحافظة إلى حالة من الفوضى".
ولفتت إلى أنه مع اقتراب موعد انتخابات الجمعية الوطنية في البلاد بعد أقل من ثلاثة أشهر، فإن "وسائل الإعلام الكورية الجنوبية غارقة في تبادل الاتهامات، وكل هذا بسبب الهدية المزعومة".
والاتهامات بإساءة استخدام السلطة ليست بالأمر الهين في كوريا الجنوبية. فقد تم عزل الرئيسة المحافظة السابقة "بارك جيون هاي" وسجنها بتهمة الفساد، قبل أن يعفو عنها خليفها.
حقيبة يد
بدأت الأزمة باجتماع بين القس الكوري الأمريكي تشوي جاي يونج، وكيم كيون هي، زوجة الرئيس يون سوك يول.
والقس "له تاريخ من التعامل مع كوريا الشمالية، وقد زار الدولة الشيوعية عدة مرات لأداء الصلاة في عدد قليل من الكنائس التي تديرها الدولة في بيونج يانج"، وفقًا لـ"الجارديان".
ومدفوعًا بالرغبة في "تبادل النصائح"، اقترب "تشوي" من السيدة الأولى كيم، وبنى علاقة معها، بلغت ذروتها في اجتماع فردي، عام 2022، بعد أشهر فقط من تنصيب زوجها رئيسًا.
وقال التقرير: "خلال الاجتماع، ادعى تشوي أنه سمع كيم وهي تجري محادثة هاتفية تطرقت إلى شؤون الدولة الحساسة. وبسبب انزعاجه من طبيعة المناقشة المزعومة، قرر تسجيل اجتماعهما التالي سرًا، باستخدام كاميرا تجسس مخبأة داخل ساعة يد".
وخلال اللقاء الثاني بين "تشوي" و"كيم"، زُعم أنه قدم لها حقيبة ديور بقيمة 3 ملايين وون "2240 دولارًا".
وتم توفير كل من الحقيبة والكاميرا المخفية من قبل موقع الأخبار اليساري "صوت سيول"، المعروف بمعارضته الشديدة لحكومة "يون".
وفي نهاية نوفمبر الماضي، بثت "صوت سيول" الفيديو الذي تظهر فيه السيدة الأولى تناقش "تشوي"، الذي أخبرها أنه أحضر هدية، فأجابت: "لماذا تستمر في شراء مثل هذه الأشياء؟ من فضلك لا تشتري مثل هذه الأشياء باهظة الثمن".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه "رغم أن انتقال حقيبة ديور إلى كيم ليس واضحًا، إلا أنها لا تزال توضع على الطاولة في حضورها".
وفي حديثه إلى وسائل إعلام أجنبية، قال "تشوي"، إن دافعه الوحيد هو حق الجمهور في معرفة "الفساد المزعوم".
وادعى القس أنه أرسل رسالة إلى "كيم" مُسبقًا، لإبلاغها بأنه سيحضر الحقيبة "ولم تكن هناك محاولات لرفضها، أو إعادتها لاحقًا".
أزمة سياسية
تحظر قوانين مكافحة الكسب غير المشروع في كوريا الجنوبية على زوجة الموظف العمومي تلقي هدايا تزيد قيمتها على مليون وون - 748 دولارًا أمريكيًا - في جلسة واحدة، ويجب أن يكون ذلك مرتبطًا بواجبات الموظف العمومي.
وحاليًا، تقوم وكالة مكافحة الفساد بالتحقيق في القضية. بينما لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من مكتب الرئاسة.
وفي الوقت نفسه، يواجه تشوي انتقادات من أنصار الرئيس، الذين يقولون إن الأمر لا يتعدى محاولة للتأثير على الانتخابات.
لكن في الواقع، ليست "كيم كيون" غريبة على الجدل.
فقد سبق وأن نجت زوجة الرئيس الكوري الجنوبي من سلسلة من الادعاءات، بما في ذلك السرقة الأدبية المتعلقة بكتاباتها الأكاديمية، وتزوير السيرة الذاتية، واتهامات اقتصادية.
وفي وقت سابق من يناير الجاري، استخدم الرئيس حق النقض ضد مشروع قانون كان من شأنه أن يسمح بإجراء تحقيق خاص في تورط زوجته المزعوم في التلاعب بالأسهم.
ومع الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في كوريا الجنوبية، 10 أبريل المقبل، يبذل كل من الحزبين السياسيين الرئيسيين في البلاد قصارى جهدهما لتأمين الدعم.
وبينما لا يتمتع أي من الطرفين بدعم شعبي كبير، وكلا الجانبين منغمسان في صراعاتهما الداخلية على السلطة، لم يكن من الممكن أن تأتي فضيحة حقيبة اليد في وقت أسوأ بالنسبة لرئيس البلاد الذي لا يحظى بشعبية كبيرة.
وقد أضافت الأزمة إلى التوتر بين مكتب الرئيس "يون" وحزبه، منذرة بالغليان الأسبوع الماضي، عندما شبّه أحد كبار الأعضاء الوضع بـ"ماري أنطوانيت"، الملكة الفرنسية المعروفة بإسرافها.
وقالت صحيفة "تشوسون إلبو" واسعة الانتشار، في افتتاحية الثلاثاء الماضي: "طالما أنه صحيح أن السيدة الأولى كيم حصلت على حقيبة فاخرة، فإنها لا تستطيع الهروب من انتقادات الناس".
وأضافت: "لو اعتذر الرئيس يون منذ البداية لما تصاعدت الأمور إلى هذا الحد، لكنه لم يفعل، ووصلت المشكلة الآن إلى أسوأ وضع ممكن".
وفي استطلاع للرأي نشرته قناة إخبارية محلية، قال 69% من المشاركين إن "يون" يحتاج إلى شرح موقفه فيما يتعلق بالجدل الدائر حول السيدة الأولى.
وأظهر استطلاع آخر، أجري في ديسمبر، أن 53% من المشاركين يعتقدون أن "كيم" تصرفت بشكل غير لائق، بينما قال 27% إنها وقعت في فخ تم إعداده لإحراجها.
ورفض الموالون للرئيس فضيحة الحقيبة ووصفوها بأنها حملة تشهير، لكن بعض أعضاء حزب "قوة الشعب" الحاكم دعوا الرئيس إلى تقديم اعتذار.
واعترف هان دونج هون، زعيم الحزب المؤقت، بأن الجدل قد يكون "مسألة ذات اهتمام عام".