"عرفنا مكان السنوار وحددنا موقعه".. أصبحت جملة مكررة على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين للوصول إلى الهدف الأسمى لقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة، التي أنهت يومها الحادي عشر بعد المئة الأولى، دون أي تقدم واضح للوصول إلى قائد حركة حماس الفلسطينية في غزة.
أين السنوار؟
صحيفة "إن بي سي" الأمريكية أعدت تقريرًا حول موقع يحي السنوار قائد حركة حماس في القطاع المحاصر، متسائلة "أين يحيى السنوار؟" لتجيب أنه "مع اقتراب مرور أربعة أشهر على الهجوم الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر تمكن زعيم حماس المراوغ الذي يعتقد أنه مهندس الهجوم من البقاء متقدمًا بخطوة على الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات".
وعثرت قوات الاحتلال الإسرائيلية مؤخرًا على "أقفاص" يقولون إن الرهائن كانوا محتجزين فيها تحت أرض خان يونس، مسقط رأس السنوار، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون لشبكة "إن بي سي نيوز"، الذين يؤكدون أن السنوار وغيره من قادة حماس كانوا على الأرجح مختبئين في مكان قريب، ويتمتعون بحماية شديدة وسط المحتجزين الإسرائيليين ومقاتلي حماس من المستوى الأدنى.
المحتجزون أنقذوا حياته
وقال جوناثان كونريكوس، وهو مقدم في قوات الاحتياط الإسرائيلية والمتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي والذي يعمل الآن زميلًا بارزًا في الجيش الإسرائيلي: "أن السنوار وقيادة حماس كانوا قريبين من مكان احتجاز هؤلاء الرهائن - ثم انتقلوا جميعًا إلى مكان آخر"، فيما ذكرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو معهد سياسي مقره واشنطن "أن قرب السنوار من الرهائن أنقذ حياته أكثر من مرة".
وبذلت حماس جهودًا كبيرة للحفاظ على اتصالات السنوار مع قادتها السياسيين دون أن تكتشفها المخابرات الإسرائيلية، حسبما قال مسؤولون حاليون وسابقون في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك خلال وقف إطلاق النار في نوفمبر الذي أدى إلى إطلاق سراح حوالي 100 سجين من المحتجرزين.
حماية السنوار
وقال مسؤول سياسي في حماس لشبكة "NBC" إن المنظمة تحاول حماية السنوار وكبار قادتها الآخرين، أعتقد أن هذا من حق أي قيادة أو أي مقاومة".
ويعتقد أن السنوار خطط وأشرف على الهجوم المفاجئ، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص إسرائيلي وأدى إلى اختطاف 240 آخرين، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين، وكان هذا اليوم الأكثر دموية في تاريخ البلاد الممتد 75 عامًا.
ومنذ أن بدأت إسرائيل قصف غزة ردًا على ذلك، قُتل أكثر من 25900 فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة في قطاع غزة، وهناك آلاف آخرون في عداد المفقودين ويفترض أنهم ماتوا.
ومن المرجح أن السنوار ظل في حالة تحرك، وقام بتغيير مواقعه لتجنب اكتشافه، وفقًا لقادة عسكريين ومسؤولين أمنيين حاليين وسابقين وخبراء كانوا على اتصال مع حماس في الماضي.
وهذا الأسبوع، حاصرت القوات الإسرائيلية خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، ويعتقدون أن السنوار موجود في عمق متاهة من الأنفاق في مكان ما أسفل غزة، وطرحت إسرائيل عرضا للسماح بمرور آمن للسنوار وغيره من قادة حماس للخروج من غزة مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ولا تزال المفاوضات جارية، لكن لا يوجد اتفاق وشيك من هذا القبيل، وفقًا لمصادر مطلعة على المحادثات.
الفوز في 7 أكتوبر
وأعرب مسؤول إسرائيلي سابق يتمتع بخبرة واسعة في التفاوض مع الفلسطينيين عن مخاوفه بشأن مثل هذه النتيجة، وقال: "إذا كان يعيش في الخارج ويشرف على بقية قادة حماس في غزة وحصلت حماس على دور في ترتيب مستقبلي في غزة، فهذا سيعزز فوزه في 7 أكتوبر".
وقال مسؤولان إسرائيليان سابقان آخران إن السنوار لديه ثلاث مصالح: بقاؤه، والاستمرارية التنظيمية لحماس، ودور في القيادة المستقبلية لغزة، وقال مسؤول إسرائيلي سابق يعتقد أن السنوار يأمل في البقاء على قيد الحياة: "لقد فعلوا ذلك في 7 أكتوبر كخطوة نحو هدفهم".
وتبدأ عملية المطاردة الإسرائيلية للسنوار في الوقت الذي تنخرط فيه دول متعددة، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر ومصر، في محادثات عالية تهدف إلى إيجاد مخرج للصراع، فيما طالبت حماس إسرائيل بوقف هجومها بشكل دائم قبل إطلاق سراح أي رهائن، وهو مطلب رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقال إنه يعرض الإسرائيليين للخطر.
لن يتخلى عن المحتجزين
وتوقع جاكوب ناجل، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنتنياهو من 2016 إلى 2017، أن السنوار لن يتخلى أبدًا عن جميع أسراه، وقال: "سيحتفظ ببعض الرهائن إلى الأبد لأن هذه ستكون بوليصة تأمينه على عدم قتله أحد".
ولا يعتقد غيرشون باسكن، الإسرائيلي الذي عمل كوسيط مع حماس لعقود من الزمن، أن السنوار سيوافق على صفقة تتضمن مغادرة غزة للعيش في ملاذ إقليمي آمن مثل الدوحة أو بيروت، قائلا: "لا أعتقد أن هذا سيحدث، هذا ليس ياسر عرفات عام 1982 الذي خرج إلى بيروت مع منظمة التحرير الفلسطينية، هذه عقلية مختلفة تمامًا".
سيخرج منتصرًا
باسكن يقول: "إن السنوار سيظل يقاتل لأنه من وجهة نظره أن ذلك أسرع طريق له إلى الجنة وهو الموت بعد قتل أكبر عدد ممكن من اليهود».
وقال باسكن: "إنهم لا يملكون المعلومات الاستخباراتية في غزة مثل ما لديهم في الضفة الغربية التي رسموا لها خريطة لكل منزل، وهم يعرفون من يعيش في كل منزل، وعندما تكون هناك هجمات ويهرب الناس في الضفة الغربية، يمكن للجيش الإسرائيلي العثور عليهم”.