"أحمد ومهدية" ضحايا الحرب والفقر، يحاولان مواجهة الصعاب بقصة حب تبدو مستحيلة، من هذه الظروف استوحى المخرج اللبناني الفرنسي وسام شرف فكرة فيلم "حديد نحاس بطاريات"، مُسلّطًا الضوء على مآسي الحروب وما ينتج عنها، وبعد جولة فنية في المهرجانات الدولية كان أبرزها مهرجان فينسيا السينمائي في دورته الـ 79، حصد فيه جائزة أفضل فيلم أوروبي، قرر صنّاع العمل عرضه أخيرًا في صالات السينما اللبنانية.
يؤكد وسام شرف لـ موقع "القاهرة الإخبارية"، أن فكرة العمل بدأت معه عام 2012 عندما اندلعت الحرب في سوريا، ومع توافد النازحين السوريين إلى لبنان، إذ يقول: "كنت أتطلع على الشارع اللبناني ذات يوم من الشرفة الخاصة بمنزلي ورأيت شابًا سوريًا لاجئًا لا يمتلك شيئًا سوى ثيابه ويبدو عليه الإرهاق واليأس، وكان يطلب من الناس حديدًا ونحاسًا وبطاريات حتى يعيد تدويرها ويبيعها من أجل كسب قوت يومه، وفي الرصيف نفسه شاهدت فتاة إثيوبية يتملك الأسى قلبها وعينيها، وكانت تساعد والدها المسن في العمل وتتحمل مشاق الحياة".
ويضيف: "استوقفتني هذه المشاهد المؤثرة، ورأيت فيها فكرة فيلم سينمائي، فأردت الدخول في حياتهما وتفاصيلها والمعاناة التي يعيشان فيها كل ليلة، كما أحببت تسليط الضوء على هؤلاء المهمشين ووضعهم في الصورة، فقررت تقديم هذا العمل بمنظور مختلف؛ لذا اعتمدت على قصة الحب التي تنشأ بينهما، خاصة أن الإثيوبيين لا يحبون السوريين أو اللبنانيين، ولا أحد يحب الآخر في هذا الفيلم".
الشق الإنساني
يشير مخرج فيلم "حديد نحاس بطاريات"، إلى أن العمل يهدف إلى التركيز على الشق الإنساني، إذ يقول: "كان من الضروري التركيز على الجانب الإنساني؛ كي لا يغلب طابع العنصرية، ولم أرغب بالاكتفاء بالمجتمع اللبناني بل توسعت إلى المجتمع العالمي، ولا توجد رسالة بعينها في هذا الفيلم، غير أنني فضلت توثيق القصة الحقيقية وإلقاء الضوء على الإنسانية، وأن بداخل كل شخص ذرة خير وشر، ولكي لا أتطرق إلى الشعبوية قررت طرح القضية عن طريق قصة الحب، حتى تكون مفهومة في أي بلد في العالم".
ويضيف: "كان تصوير الفيلم في وقت انتشار فيروس كورونا بالعالم، فكان من الصعب السفر والحصول على فريق العمل المناسب، فاستغرقنا وقتًا طويلًا في البحث عن فتاة إثيوبية تتحدث باللهجة اللبنانية، وبعد جهد كبير وجدنا فتاة إثيوبية الأصل تربت في فرنسا، ولا تحكي باللغة العربية، فبدأت العمل معها على اللغة وحفظ الحوار باللهجة اللبنانية عن طريق السمع وهذا هو أكبر تحدٍ واجهني".
مهرجان فينسيا السينمائي
أعرب وسام شرف عن سعادته البالغة كونه أول مخرج عربي ينال جائزة أفضل فيلم أوروبي في مهرجان فينسيا السينمائي، إذ يقول: "فخر وشرف كبير بالنسبة لي، وسعدت للغاية كون أن القصص العربية تهم الجمهور الأوروبي واستطاع أن يفهمها ويتفاعل معها، إذ إنها تتحدث عن الإنسان بغض النظر عن جنسيته".
ويضيف: "بدأ عرض الفيلم في صالات السينما اللبنانية منذ أسبوعين، وهذه الخطوة مهمة لإنعاش الفن في لبنان، خصوصًا أن لبنان مليء بالقصص والفنانين الموهوبين، ولكنه يفتقر للإمكانية، والفيلم لاقى استحسانًا كبيرًا من قبل الجمهور، كونه يتحدث لأول مرة عن قضية اللاجئين السوريين والعمال الأجانب بطريقة صريحة، وفي الوقت نفسه تحمل قدرًا من الفكاهة".