الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غسان مطر.. أوجه متعددة في الحقيقة وصورة نمطية واحدة بالسينما

  • مشاركة :
post-title
الفنان غسان مطر

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

بصوت أجش وملامح جادة وشخصيات شريرة دخل قلوب الجمهور، من الباب نفسه الذي سبقه إليه نجوم كبار أجادوا تجسيد أدوار الشر ومنهم محمود المليجي، وزكي رستم وغيرهم من نجوم سينما الأبيض والأسود، وحافظت تلك الشخصية التي رسمها الممثل غسان مطر على عوامل نجاحها، رافضةً أن تغير من نفسها، لكن هذه الصورة النمطية في الدراما لم تكن كذلك في الحياة.

غسان مطر طفل المخيمات الذي ولد في يافا في مثل هذا اليوم 8 ديسمبر، عاش طفولة كل ذكرياتها عن التهجير القهري لأهالي فلسطين من مناطقهم، ورأى في عمر 8 سنوات عائلات فلسطينية تذبح أمام عينيه، فعندما كان يهرب مع عائلته خوفًا من اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على أرضه في يافا، فوجئ في الطريق بمجازر بشعة، علقت في ذاكرته، ليقرر وقتها أن تصبح القضية الفلسطينية في الصفحة الأولى من أجندة اهتماماته، وكل ما يليها أقل أهمية.

الاسم الحقيقي

حكي الفنان الفلسطيني الراحل عن ذلك الوجه الذي لا يعرفه الكثير من جمهوره عنه، في لقاءات تليفزيونية سابقة، مشيرًا إلى أنه كان يطمح عام 1958 في أن ينضم إلى جيش التحرير الفلسطيني لكن طلبه قوبل بالرفض، ولم يمنع ذلك الأمر من أن يستمر في مناصرته ودعمه قضية بلاده، وحياته لم تكن نمطية على الإطلاق، بل شهدت أحداثًا مأساوية كثيرة، إذ خسر زوجته وابنه في الاجتياح الإسرائيلي للبنان بمنتصف الثمانينيات من القرن الماضي.

من الوجوه غير المعروفة عن غسان مطر اسمه الحقيقي، إذ يدعى عرفات داود حسن المطري، لكنه اختار اسم الشهرة، حتى لا يصنف على تيار أو مذهب ديني معين، حتى إنه في زيجته الأولى لم يخبر زوجته باسمه الحقيقي، إلا في الليلة السابقة للزفاف.

أدوار الشر

وضع الفنان الراحل في قالب أدوار الشر لم يأتِ باختياره، بل إن أول أدواره في السينما المصرية كانت من خلال شخصية عبد الله بن الحارث في فيلم "الشيماء أخت الرسول" الذي صوّره في مصر عام 1969، عن رواية علي أحمد باكثير وإخراج حسام الدين مصطفى، والأخير غضب من غسان مطر عندما علم أنه يصور أكثر من فيلم آخر يظهر فيه بدور شرير، إذ شارك في فيلم "السلم الخفي" للمخرج عاطف سالم بطولة حسن يوسف ونور الشريف وميرفت أمين، و"المتعة والعذاب" إخراج نيازي مصطفى وبطولة شمس البارودي ونور الشريف وسهير رمزي.

ولفت نظر الممثل الشاب وقتها أن أدوار الشر جعلته مطلوبًا كثيرًا في السينما، إذ كان يشارك سنويًا في نحو 4 أفلام، ليبدأ مشواره نحو النجومية، وعندما جاءت موجة ما يسمى بـ"سينما المقاولات" -أفلام منخفضة التكلفة تباع في شرائط فيديو- لم يتوانَ في قبول أدوار سهلة تعرض عليه دون النظر إلى مستوى جودتها أو إضافتها إلى تاريخه الفني، وبرر ذلك في لقاء تليفزيوني قائلًا: "أنا ممثل ومهنتي التمثيل، وأعمل لكي أكسب قوتي وأعيش".

غسان الثائر

وبخلاف الأدوار المعروفة عنه، تزين تاريخ غسان مطر الفني، أعمال فنية عن القضية الفلسطينية منها فيلم "الفلسطيني الثائر" الصادر عام 1969، الذي جسّد فيه دور شاب فلسطيني يعيش حياة عبثية لا يكترث بأي شيء، ثم تتحول حياته إلى النقيض ليقرر الدفاع عن وطنه بعد أن تقتل قوات الاحتلال صديقه المقرب.

كما شارك في بطولة فيلم "كلنا فدائيون" عن شاب فلسطيني يدعى فادي، يشي بأسماء مجموعة من الفدائيين لضابط إسرائيلي، لكنه يشعر بالذنب تجاه فعلته ويقرر أن يصحح مساره.

المفارقة أن غسان مطر الذي بدأ مشواره الفني بتجسيد أدوار فتى المقاومة، انتقل مع تخصصه في أدوار الشر إلى تجسيد أدوار شخصيات إسرائيلية، إذ جسد دور رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الأسبق موشيه دايان، بفيلم "حائط البطولات"، ودور جندي إسرائيلي بفيلم "فتاة من إسرائيل".

وسام الاستحقاق

وحصل غسان مطر على وسام الاستحقاق والتميز من فلسطين تقديرًا لتاريخه النضالي والعمل الفني الذي واكب مسيرة الثورة الفلسطينية منذ انطلاقها، وجسّد ذلك بأفلام عديدة، واستحق لقب فنان الشعب الفلسطيني، حسبما جاء في حيثيات حصوله على الوسام.

السخرية من نفسه

رغبة في كسب عيشه كما قال، قبلَ غسان مطر أن يتخصص في أدوار الشر، حتى الكوميدية منها، لدرجة أنه سخر من نفسه ومن الصورة الذهنية التي أخذها جمهوره عنه، ففي الفيلم المصري "لا تراجع ولا استسلام" للنجم أحمد مكي، ظهر بشخصيته الحقيقية ليقول إنه ليس شريرًا، كما يظن الكثيرون لكنه طيب القلب.