جريمة جديدة تنضم لغيرها من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وهي نبش المقابر واستخراج الجثث، حسبما كشفت صور الأقمار الصناعية، ليعترف جيش الاحتلال لأول مرة بهذا الفعل، لتعود تهمة سرقة أعضاء غزة للواجهة مرة أخرى.
صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو، أظهرت قيام جيش الاحتلال بتدمير العديد من المقابر، مدعيًا أن السبب هو معرفة ما إذا كان أسراه الذين أعلن موتهم مدفونين في تلك المقابر، إلا أن تلك الجريمة تبرز على الواجهة، وهو ما أثارته مؤسسات حقوقية سابقًا مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بشأن المخاوف من قيام إسرائيل بسرقة الأعضاء من الشهداء الفلسطينيين.
أظهرت الأقمار الصناعية، أن جيش الاحتلال دمر ما لا يقل عن 16 مقبرة في غزة، باستخدام الجرافات كما حطم شواهد القبور واستخرج بعض الجثث في بعض الحالات.
وأوضحت "سي إن إن" الأمريكية، أن جيش الاحتلال دمر مقبرة في خان يونس قطاع غزة، خلال وقت سابق هذا الأسبوع، ضمن ما وصفته الشبكة بـ"ممارسة منهجية" مع تحرك القوات البرية عبر قطاع غزة.
ويعتبر تدمير المقابر وغيرها من المواقع الدينية بشكل متعمد انتهاكًا للقانون الدولي، وعن ممارسات جيش الاحتلال قال خبراء قانونيون إن أفعاله يمكن أن ترقى لمستوى جرائم الحرب.
وصادرت إسرائيل في وقت سابق عشرات الجثث من مستشفيي الشفاء والإندونيسي، إلى جانب جثث أخرى من الجنوب والشمال، وهو ما يعزز تلك الاتهامات.
لا تفسير
قالت "سي إن إن"، إن المتحدث بباسم جيش الاحتلال لم يستطع تفسير تدميرهم للمقابر في قطاع غزة، إلا أنه قال إنهم "ليس لديهم خيار آخر"، لأن "حماس تستخدمها لأغراض عسكرية".
وعلى عكس ما ادعاه جيش الاحتلال، كشفت الشبكة الأمريكية أن قوات الاحتلال استخدمت المقابر كمواقع عسكرية، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية أن الجرافات الإسرائيلية حولت عدة مقابر لمناطق تجمع وسوت مساحات كبيرة وأقامت الحواجز لتحصين مواقعها.
وفي حي الشجاعية بمدينة غزة، تمركزت مركبات جيش الاحتلال العسكرية، في مكان إحدى المقابر، مع وجود حواجز وسواتر تحيط بها من كل جانب، وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن جيش الاحتلال جرف تلك المقبرة، بدءًا من 10 ديسمبر الماضي.
تجريف متعمد
أما في شرق خان يونس، تحديدًا مقبرة بني سهيلة، فأظهرت صور الأقمار الصناعية التجريف المتعمد من قبل جيش الاحتلال للمقبرة، وإنشاء تحصينات دفاعية بالمنطقة.
وفي مقبرة الفالوجة في جباليا، شرق غزة، ومقبرة التفاح شرق المدينة، ومقبرة أخرى في حي الشيخ عجلين، تم رصد شواهد قبور مدمرة، وعلامات تدل على مرور مركبات عسكرية أو دبابات ثقيلة فوق القبور.
وكان فريق "سي إن إن" شاهدًا على أحد الانتهاكات، إذ مرت ناقلة الجند التي كانت تقل الفريق مباشرة عبرة مقبرة البريج الجديدة، في طريقها للخروج من القطاع، وشاهدوا القبور على جانبي الطريق الترابي، الذي تم تجريفه حديثًا، حسبما أظهرت شاشة داخل السيارة تظهر بثًا مباشرًا من الكاميرا الأمامية، وهو ما أكدته صور الاقمار الصناعية، والموقع الجغرافي.
ورغم كل تلك الانتهاكات، وعدم قدرة متحدث جيش الاحتلال على تبرير تجريف مساحات واسعة من المقابر وتحويلها لمواقع عسكرية، قال إن لديهم "التزام جدي باحترام الموتى"، بحسب "سي إن إن".
وألحقت قوات الاحتلال أضرارًا جسيمة بمقبرة في خان يونس جنوب غزة، واستخرجت جثثًا ونقلتها، كما أظهرت اللقطات تضرر القبور وتدميرها، وترك بقايا بشرية مكشوفة.
واعترف جيش الاحتلال باستخراج الجثث للمرة الأولى، بحسب "سي إن إن"، إلا أنه قال إن ذلك يأتي في إطار "إنقاذ المحتجزين والعثور على جثثهم".
وأظهرت صور الأقمار الصناعية، للمقبرة التي التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجيز" الأمريكية، أن الأضرار حدثت بعد دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي في 17 يناير، وهي المنطقة التي تشمل أيضًا مجمع مستشفى النصر ومستشفى ميداني أردني.
تجارة الأعضاء
وفي 6 يناير الجاري، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، عن قيام الاحتلال، بنبش 1100 قبر في شرق غزة، وسرقة 150 جثمانًا "دُفنت حديثًا"، مؤكدًا أن هذه الجريمة تكررت بحق جثامين الشهداء أكثر من مرة، ما يعزز الشكوك حول جريمة سرقة أعضاء الشهداء.
وأوضح المكتب الإعلامي، أن جيش الاحتلال، كرر هذه الجريمة سابقًا أكثر من مرة، وآخرها تسليم 80 جثمانًا من جثامين شهداء سابقين تم تشويهها والعبث بها بعد سرقتها من محافظتي غزة وشمال غزة.
سرقة أعضاء الشهداء
وبحسب المكتب الإعلامي، سبق أن نبش الاحتلال قبورًا في جباليا، وسرق منها جثامين شهداء، كما أنه مستمر في احتجاز جثامين عشرات الشهداء من القطاع.
جريمة متكررة
ولطالما لاحقت تهمة سرقة الأعضاء إسرائيل، فهذه ليست المرة الأولى، وفي كتاب "فوق جثثهم"، قالت طبيبة إسرائيلية تُدعى ميرا فايس، إن الاحتلال أخذ أعضاء من الجثث الفلسيطينية بين عام 1996 و2002، واستخدمت في أبحاث طبية بالجامعات الإسرائيلية، وتم زراعتها في أجساد المرضى الإسرائيليين.
وتضمن تحقيق تلفزيوني إسرائيلي، في عام 2014، اعترافات من مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، قالوا إنه تم أخذ الجلد من جثث الفلسطينيين والعمال الأفارقة لعلاج الإسرائيليين خاصة الجنود المصابين بالحروق.
وقال مدير بنك الجلد الإسرائيلي، إن احتياطي البلاد من الجلد البشري، يصل لـ17 مترًا مربعًا، وهو رقم ضخم مقارنة بعدد سكان إسرائيل، بحسب "يورو نيوز".
وأشار تحقيق لشبكة "سي إن إن" عام 2008، إلى أن إسرائيل هي أكبر مركز للتجارة العالمية غير المشروعة في الأعضاء البشرية.
ولم تصدق إسرائيل على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تطالب المقاتلين باحترام كرامة الموتى، بما في ذلك منع نهب أو تشويه أو أي معاملة مهينة لأجسادهم.