الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انخفاض المواليد.. قنبلة موقوتة تهدد الصين بخسارة مكانتها الاقتصادية

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

بعد عقود من تقييد الأسر بإنجاب طفل واحد فقط، وجّهت الحكومة الصينية رسالة إلى الأزواج مفادها "الرجاء إنجاب المزيد من الأطفال". 

التحول الصيني جاء بعد تسجيل معدلات الإنجاب انخفاضًا للسنة السابعة على التوالي، ما أدى إلى انخفاض السكان في السنتين الأخيرتين، وحتى قبل الانخفاض التاريخي الشامل، كان عدد السكان في سن العمل يتقلص لسنوات.

وتشير التوقعات إلى أن 30% من السكان سيكونون في سن 60 عامًا أو أكثر بحلول عام 2034. ما يهدد النمو الاقتصادي، الذي كان مدعومًا جزئيًا بوجود عرض عمل ضخم - ناهيك عن أنه قد لا يكون هناك عدد كافٍ من الأشخاص القادرين على العمل لرعاية كل هؤلاء المسنين.

وبعد ما فقدت الصين موقعها كأكثر دولة اكتظاظًا بالسكان في العالم لصالح الهند في عام 2023، قد يواجه اقتصادها صعوبة في تجاوز الولايات المتحدة في الحجم، وخاصة في ظل توقعات تشير إلى استمرار نمو سكان أمريكا.

ما الذي يحدث؟

في العام 2021 قررت اللجنة السياسية للحزب الشيوعي الصيني، السماح لجميع الأزواج بإنجاب طفل ثالث، وقبلها بخمس سنوات كانت قامت أيضًا بتغيير سياسة الطفل الواحد وسمحت للنساء بإنجاب طفلين. حسبما ذكرت شبكة "جلوبال تايمز" الصينية.

ونجح التغيير في السماح بطفلين في البداية في زيادة المواليد، إذ بلغ عدد المواليد في عام 2016 "17.9 مليون طفل"، بزيادة نحو مليون طفل عن العام 2015. ومع ذلك، انخفضت الولادات كل عام بعد ذلك، لتصل إلى 9.02 مليون في عام 2023، وهو الأدنى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949.

وبدأت بعض المناطق في تقديم حوافز للأزواج لإنجاب الأطفال، من تمديد إجازة الأمومة والأبوة إلى تقديم إعانات وتوفير قروض للأطفال.

كم انخفض عدد سكان الصين؟

أدى الانخفاض في المواليد وارتفاع الوفيات إلى تراجع عدد الصينيين الذين يعيشون في البر الرئيسي للصين بأكثر من مليوني شخص في عام 2023 مقارنة بعام 2022، وفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني. وتضاعف الانخفاض تقريبًا عن عام 2022، عندما انخفض عدد السكان الصينيين للمرة الأولى منذ عام 1961، العام الأخير من المجاعة الكبرى تحت قيادة الزعيم السابق ماو تسي تونج.

ارتفعت الوفيات في عام 2023 إلى 11.1 مليون، بزيادة تقارب 700 ألف عن العام السابق، إذ لا يقوم المكتب بتفصيل الوفيات حسب السبب، لكن من المحتمل أن تكون الوفيات المرتبطة بكوفيد ساهمت في الارتفاع بعد أن أنهت السلطات بشكل مفاجئ القيود الصارمة المفروضة على الوباء في ديسمبر 2022، ما أدى إلى انفجار الإصابات، حسبما نقلت شبكة "بلومبرج" الأمريكية.

وفي عام 2023، كانت نسبة السكان في سن العمل - الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 59 عامًا - أعلى بقليل من 61%، انخفاضًا من أكثر من 70% قبل عقد من الزمان. وانخفض معدل الخصوبة، أو متوسط عدد الولادات لكل امرأة خلال فترة حياتها، إلى 1.3 في عام 2020، وهو أقل بكثير من 2.1 المطلوبة لثبات السكان، باستثناء الهجرة.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك زيادة في الهجرة الخارجية للصينيين في السنوات الأخيرة، ما ساهم أيضًا في انخفاض السكان.

التأثير

وأدى انخفاض عدد الأشخاص في سن العمل إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين يعملون فعليًا، ومايقود لارتفاع تكلفة العمالة في الصين، ويضيف لسعر السلع المصنعة. ومع تراجع عدد الأشخاص الذين يكونون عائلات، فمن المحتمل أيضًا أن يتأثر الطلب على المنازل سلبيا على المدى الطويل، ما سيؤثر على الطلب على السلع الأولية مثل خام الحديد.

وقد تواجه الحكومة أيضًا صعوبة في دفع نظام التقاعد الوطني الذي يعاني نقصًا في التمويل. وقد يؤدي كل ذلك إلى الحد من إمكانات النمو على المدى الطويل للاقتصاد ما لم تصبح سياسات الحكومة لتشجيع الإنجاب فعّالة.

الحلول الممكنة

قد يؤدي تغيير سن التقاعد إلى معالجة بعض المشكلات، خاصة أن البلاد حافظت على معدل العمر عند 60 عامًا للرجال و55 عامًا للنساء من ذوي الياقات البيضاء لأكثر من أربعة عقود، حتى مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع.

وهناك نقاشات مرة أخرى حول رفع السن، لكن كما هو الحال في بلدان أخرى، فإن مثل هذه الخطوة لن تحظى بشعبية كبيرة وكان هناك رد فعل عنيف عندما تم النظر فيها قبل عقد من الزمن.

كما أصدرت مبادئ توجيهية للحد من حالات الإجهاض مع تقديم المزيد من الدعم للنساء لتربية الأطفال. ومع ذلك، إذا كانت تجربة اليابان أو كوريا الجنوبية يمكن الاسترشاد بها، فمن الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، رفع معدلات المواليد بشكل جذري، حتى مع اتخاذ تدابير مثل الإعانات ورعاية الأطفال المجانية وعلاوات إجازة الأبوة السخية.