في موقفٍ واضحٍ لتحدي الإرادة الدولية، وحتى لأقرب حلفاء إسرائيل، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليعلن رفضه إقامة دولة فلسطينية؛ مما أدى إلى تعميق الانقسام مع أقرب حلفاء إسرائيل الدوليين، في ظل تزايد التصدعات في حكومة الوحدة التي شكلها في زمن الحرب.
وقالت صحيفة "الجارديان"، إن نتنياهو "تشاجر"، علنًا ولو بشكل غير مباشر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي دعم إسرائيل طيلة حربها في غزة، بتكلفة سياسية كبيرة تتحملها إدارته داخل أمريكا وخارجها.
ادعى المتحدث باسم نتنياهو، أن رئيس وزراء الاحتلال أبلغ بايدن أن الاحتياجات الأمنية لإسرائيل لا تترك مجالًا لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.
وكرر نتنياهو، قوله إنه بعد تدمير حماس، يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية في غزة، لضمان أنها لن تشكل تهديدًا على إسرائيل، وهو ما يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية.
ورغم أن بايدن قال قبل ساعات فقط، أن المحادثة المباشرة له مع نتنياهو جعلته واثقًا من أن فلسطين المستقلة أمر ممكن، عندما يكون نتنياهو في السلطة، واللافت في الأمر أنهما يتحدثان عن نفس المكالمة التي جرت بعد شهر بعد أن أثار نتنياهو قلق حلفائه باستبعاد إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقالت الولايات المتحدة مرارًا إن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة هو السبيل الوحيد لإعادة بناء غزة وضمان أمن إسرائيل.
موقف بريطانيا
وفي لندن انتقد وزير خارجية الظل ديفيد لامي، نتنياهو بشدة، مؤكدًا أن رفضه للدولة الفلسطينية أمر خاطئ من الناحية الأخلاقية والعملية.
وأضاف "لامي" في خطاب أمام مؤتمر الجمعية الفابية إن رفض نتنياهو ضد مصالح الجميع "الإسرائيليين والفلسطينيين"، مؤكدًا أن السعي لإقامة دولة فلسطينية هو قضية عادلة.
ونقلت "الجارديان"، عن متحدث باسم الحكومة البريطانية، قوله إن تصريحات نتنياهو "مخيبة للآمال"، وأن موقف المملكة واضح للغاية، فهي مع حل الدولتين ووجود دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة تعيش إلى جانب إسرائيل.
ونقلت صحيفة هآرتس عن عضو في الحكومة قوله إن الحرب الحالية على قطاع غزة ليس لها هدف ولا مستقبل، لكن نتنياهو حريص على إطالة أمدها لتأجيل التعامل مع مسألة المسؤولية عن 7 أكتوبر.
موقف الأمم المتحدة
وقال، أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، السبت، خلال قمة حركة عدم الانحياز في أوغندا، إن الجميع يجب أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وأن أي إنكار لهذا الحق غير مقبول.
وشدد "جوتيريش"، على أن رفض قبول حل الدولتين أمر غير مقبول، ومن شأنه إطالة أمد النزاع الذي أصبح تهديدًا كبيرًا للسلم والأمن العالميين، ما يؤدي لتفاقم الاستقطاب وتشجيع المتطرفين في جميع أنحاء العالم، بحسب "فرانس برس".
وشدد الأمين العام على ضرورة اعتراف الجميع بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته.
موقف فرنسا
وردًا على رفض نتنياهو إقامة دولة فلسطينية، قال وزير الخارجية الفرنسي "ستيفان سيجورن"، في منشور عبر "إكس"، إن الفلسطينيين لهم الحق في أن تكون لهم دولة وأن فرنسا "ستظل وفية وملتزمة بتحقيق هذا الهدف".
ويحظى إنشاء دولة فلسطينية بدعم الولايات المتحدة والدول العربية والغربية، وحتى من بعض أفراد الطبقة الحاكمة في إسرائيل.
وتشير "فرانس 24"، إلى أن نتنياهو سيفعل أي شيء للبقاء في السلطة، ومن الواضح أن استراتيجيته تتمثل في شن حرب لأطول فترة ممكنة؛ لأنه يعلم أنه لا يحظى بشعبية ويواجه تهمًا متعددة منها الفساد والرشوة؛ لذا يحاول كسب الوقت على أمل استعادة الدعم الشعبي.
ويشير التقرير، إلى أن رفض نتنياهو لمقترحات بايدن يعني أنه يراهن على فوز ترامب، إلا أنه رهان محفوف بالمخاطر، ففي النهاية أصبحت العلاقات بين نتنياهو وترامب باردة للغاية.
انهيار الحكومة
وكشف مسؤول أمني إسرائيلي، أن حكومة الحرب الإسرائيلية على وشك الانهيار، إذ تشكلت باندفاع من قبل خصوم سياسيين ألداء في الأيام التي تلت طوفان الأقصى بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
وأوضحت الصحيفة، أن الأسئلة عمّا إذا كان ينبغي على إسرائيل مواصلة الحملة الواسعة النطاق ضد حماس أو اختيار وقف إطلاق النار الذي يسمح بإطلاق سراح 136 أسيرًا ما زالوا محتجزين في غزة، ومن يجب أن يكون مسؤولًا عن غزة في نهاية المطاف؟، اليوم التالي للحرب حول المرحلة التالية من الحرب، تسبب في تمزق هذه الحكومة.
وتشير الصحيفة إلى أن جانتس، والذي كان منافسًا سياسيا لنتنياهو على مدى السنوات الخمس الماضية، سيفوز بالانتخابات المقبلة.
الاعتراف بفلسطين
وطالب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أمريكا بالاعتراف بدولة فلسطين، وليس فقط الحديث عن حل الدولتين.
وقال "أبو ردينة"، ردًا على تصريحات "نتنياهو"، إن حكومة إسرائيل غير معنية بالسلام والاستقرار، وما زالت ترفض الاعتراف بحقيقة أن السلام لن يتحقق دونة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأكد أبو ردينة أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقه وعن القدس ومقدساتها، وعن إقامة دولته الفلسطينية المستقلة مهما طال الزمن.