على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المقام في دافوس بسويسرا، أجرى رافي أجراوال رئيس تحرير مجلة "فورين بوليسي"، لقاء مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس. أشار فيه إلى أنه وسط الوضع الدولي الراهن، فإن بلاده في موقع فريد يسمح لها بالتحدث مع الجنوب العالمي. بل، وقد يمكنها كذلك التوسط في السلام في الشرق الأوسط، حسب رؤيته.
ووصف "أجراوال" رئيس الوزراء اليوناني بأنه "عاد إلى السلطة في عام 2023 بانتصار مدوٍ"، وفي عهده "شهدت اليونان انتعاشًا اقتصاديًا مفاجئًا".
كانت اليونان تُعرف ذات يوم بلقب "رجل أوروبا المريض"، لكنها استعادت عافيتها في الأعوام القليلة الماضية، حيث أصبح معدل نموها من بين الأعلى في أوروبا، كما تمكنت أثينا من تقليص بعض أعباء ديونها التي كانت قد دفعت أزمتها منذ أكثر من عقد.
أزمات إقليمية
بعد أن تعرضت سفينة يونانية لهجوم من قِبل الحوثيين هذا الأسبوع، يشير ميتسوتاكيس إلى قلق بلاده بشأن احتمال حدوث تصعيد إقليمي.
ويقول: "إن ما يحدث في البحر الأحمر يثير القلق بشكل خاص، ليس فقط بالنسبة لصناعة الشحن اليونانية، بل وأيضًا بالنسبة للتجارة الدولية بشكل عام في وقت حيث نحاول خفض التضخم".
وأوضح أن أي انقطاع في خطوط الإمداد "لن يؤدي إلا إلى جعل هذا الجهد العالمي أكثر تعقيدًا".
وبالنسبة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أكد ميتسوتاكيس أن أثينا تشعر بقلق متزايد إزاء محنة الأبرياء "وباعتبارنا دولة قريبة نسبيًا من منطقة الصراع، فإننا نحاول أن نبذل قصارى جهدنا للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بأكبر قدر ممكن من الفعالية، وهو ما لا يزال يمثل تحديًا صعبًا للغاية".
وشدد: "يجب على الجميع أن يهتموا بحقيقة أن لدينا أكثر من 10 آلاف طفل ماتوا نتيجة لهذا الصراع. لا أعتقد أنه من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية خلق جيل جديد من الأيتام أو الآباء والأمهات الذين فقدوا أطفالهم".
ولفت إلى أنه "يتعين على المرء أن يعالج السبب الجذري للمشكلة، وهو الحل السياسي للمحنة الفلسطينية ودولتان تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام".
حرب أوكرانيا
أكد رئيس وزراء اليونان أن بلاده كانت واضحة في دعمها لأوكرانيا منذ بداية العملية العسكرية الروسية قبل عامين "لقد عرضنا ليس الدعم الدبلوماسي فحسب، بل الدعم العسكري أيضًا، ونواصل القيام بذلك لأن هذه المعركة مهمة حقًا".
ولفت إلى أن "المشكلة ليست في الشعب الروسي، بل في القيادة الروسية والقرارات الفظيعة التي اتخذتها لمهاجمة أوكرانيا".
وأوضح أن هناك سببًا إضافيًا وراء دعم اليونان لأوكرانيا "فإذا نجح أي شخص يتصور أن النظام الدولي يمكن تحديه بالقوة في تحقيق مراده، فهذا يشكل سابقة بالغة الخطورة".
كما أكد ميتسوتاكيس حرص حكومته على الالتزام بالعقوبات المفروضة على روسيا "أبلغنا مالكي السفن لدينا بأنهم بحاجة إلى الالتزام بنظام العقوبات الدولية، وقد فعلوا ذلك"، معترفًا بأن السفن اليونانية شاركت في نقل الوقود الروسي في البداية.
غطرسة دافوس
يلفت ميتسوتاكيس إلى أن بلاده ليس لديها ماض استعماري "ومن هذا المنطلق، عندما نتحدث مع بلدان الجنوب العالمي، أعتقد أنه في بعض الأحيان نتمتع بمصداقية أكبر مقارنة بالدول الأخرى التي يمكن اتهامها بازدواجية المعايير بسبب سلوكها التاريخي".
وقال: "يتعين علينا أن نتغلب على ما يمكن أن نسميه "غطرسة دافوس".
وأوضح: "يجتمع الناس هنا، بما في ذلك ممثلو النخب الليبرالية في المقام الأول من أوروبا والولايات المتحدة، ويقولون نحن الذين نعرف كيفية حل جميع مشكلات العالم. أعتقد أن هذا أمر يزعج في بعض الأحيان بلدان الجنوب التي تبرز كقوى عالمية".
وأشار إلى أنه بالنظر إلى الترتيبات الدولية والمؤسسات الدولية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فإنها ببساطة لا تعكس واقع عالم اليوم "لذا، فإن الاعتراف بهذه الحقيقة يعد بداية، حتى نتمكن -على الأقل- من التحدث مع هذه البلدان -الجنوب العالمي- ومن خلال التواصل معهم أيضًا بأننا نأخذ مخاوفهم واستياءهم على محمل الجد".