في الوقت الذي يمضي العالم قدمًا، في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، وطرح المنتجات والخدمات التي تعتمد عليه، ينقسم حضور المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الأسبوع بين الشعور بالقلق لدى البعض من ذلك التطور والإثارة لدى آخرين.
ويعكس الانقسام في التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، مخاوف أوسع حول كيفية تنفيذ الابتكارات ودور العلماء في إطلاق تقنيات جديدة، بحسب موقع "أكسيوس".
وكشفت بيانات جديدة صدرت هذا الأسبوع من "Edelman Trust Barometer" أن 74% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يثقون في العلماء للحصول على الحقيقة حول الابتكارات، مقارنة بـ66% للخبراء الفنيين في الشركات، و51% للرؤساء التنفيذيين و47% للصحفيين.
لكن الأشخاص الذين يعتقدون أن التكنولوجيا الجديدة تدار بشكل سيئ يثقون بأقرانهم أكثر من العلماء بحسب الاستطلاع.
الثقة
ووفقًا للتقرير فإن الاتجاه الشائع يضع الابتكارات في خطر، إذ إن الابتكار السريع يخاطر بتفاقم قضايا الثقة، ما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار المجتمعي والاستقطاب السياسي، خاصة بعد ما سيطر الذكاء الاصطناعي على واجهات المحلات التجارية التي استأجرتها الشركات والحكومات والمنظمات غير الربحية في دافوس، وظهر بشكل بارز في برامج ومناقشات الأسبوع.
وتقول إيمي ويب، التي تقدم المشورة للشركات بشأن المخاطر طويلة الأجل، إن اندفاع الشركات لطرح المنتجات والخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي، يرجع جزئيًا إلى الخوف من التخلف عن التطور الراهن، كما سلّط بعض مطوري الذكاء الاصطناعي الضوء على كيفية إيجادهم لطرق لبناء الثقة والشفافية في تقنياتهم.
وبحسب "أكسيوس"، تميل الثقة والحماس بشأن الذكاء الاصطناعي، لأن تكون أعلى في الأسواق الناشئة في الجنوب العالمي، وفقًا لمسح أجرته شركة إيبسوس في 31 دولة العام الماضي، إذ تميل هذه البلدان إلى أن يكون لديها عدد أكبر من الشباب، وهم أكثر حماسًا للذكاء الاصطناعي من الأجيال الأكبر سنًا.
40 % من الوظائف
وبحسب أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي، يهدد الذكاء الصناعي 40% من الوظائف العالمية، وسيكون تأثيره أعظم على الاقتصادات المتقدمة حيث ستطال التكنولوجيا 60% من فرص العمل، بحسب موقع صندوق النقد الدولي.
ويقول "صندوق النقد" إننا على مشارف ثورة تكنولوجية يمكنها أن تعطي دفعة للإنتاجية، وأن تعزز النمو العالمي، وترفع مستويات الدخل في أنحاء العالم، إضافة إلى تعميق هوة عدم المساواة، مشيرًا إلى أنه من الصعب توقع تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي بشكل دقيق، لأنه سيتغلغل في الاقتصادات بطرق معقدة.
إعادة تشكيل طبيعة العمل
وتشير نتيجة البحث الذي أجراه عدد من خبراء صندوق النقد الدولي، بحثوا فيه التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمية.
وتنبأت العديد من الدراسات، باحتمال إحلال الذكاء الاصطناعي محل الوظائف، إلا أنه سيكون في الكثير منها مكملًا للعنصر البشري.
ويشير صندوق النقد الدولي، إلى أن الوظائف في الاقتصادات المتقدمة قد تتأثر بالذكاء الاصطناعي بنحو 60% ونحو نصف الوظائف المعرضة لهذه التكنولوجيا يمكن أن ينتفع منها دمج الذكاء الاصطناعي، ما يعزز إنتاجيتها، أما النصف الآخر فقد تتولى تطبيقات الذكاء الاصطناعي تنفيذ مهام رئيسية يؤديها الإنسان حاليًا، ما يخفّض الطلب على الأيدي العاملة، ويفضي لانخفاض الأجور والحد من فرص التوظيف، وقد تندثر بعض الوظائف.
أما بالنسبة للأسواق الصاعدة والبلدان منخفضة الدخل، فيتوقع أن يقل التأثير، ليكون ما بين 40% في الصاعدة، و26% في البلدان منخفضة الدخل، خاصة أن نتائج صندوق النقد تشير إلى أن اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تواجه اضطرابات مباشرة أقل من الذكاء الاصطناعي، إذ لا يمتلك كثير من هذه البلدان البنى التحتية أو القوى العاملة الماهرة اللازمة للاستفادة من منافع الذكاء الاصطناعي.
التأثير على الدخل
يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي، قد يؤثر على عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة داخل البلدان، إذ يكون العاملون القادرون على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي يحققون إنتاجية أكبر ودخلًا أعلى، بينما يتخلف من ليس في وسعه التأقلم مع الوضع الجديد.
ويقول صندوق النقد، إن معظم السيناريوهات ترجح أن الذكاء الاصطناعي سيفضي إلى تفاقم عدم المساواة، وهو اتجاه مثير للقلق، لذا طالب التقرير صناع السياسات معالجته بشكل استباقي للحيلولة دون تأجيج هذه التكنولوجيا لمزيد من التوترات الاجتماعية.