وسط القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، رصد فريق قناة NBC News الأمريكية في الأراضي المحتلة حكاية طفلة فلسطينية تُدعى "تالا"، كان الفارق بين نجاتها وموتها 18 يومًا، بعد أن دمرت غارة جوية منزلها في رفح، حيث كانت تأمل هي وعائلتها أن يجدوا ملجأ من القصف الإسرائيلي.
في ديسمبر الماضي، تم انتشال "تالا" من تحت الأنقاض، وهي فاقدة للوعي لكنها كانت على قيد الحياة بأعجوبة. عندها، حملها أحد الجيران بين ذراعيه ونقلها بسرعة إلى مستشفى قريب كان يعمل قبل أن تدمره قوات الاحتلال الإسرائيلي.
يقول التقرير: "كان يمكن رؤية يد والدتها الضعيفة تحت الأنقاض، وربما كانت تمد يدها نحو ابنتها قبل أن تقتل في الغارة الإسرائيلية، إلى جانب ما لا يقل عن 20 شخصًا، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين".
وبعد أكثر من أسبوعين، في الساعات الأولى من يوم 15 يناير، توفيت تالا متأثرة بجراحها، التي كانت لا تزال تتلقى العلاج منها. ليصف التقرير أيام الطفلة بين النجاة والموت بـ"لحظة أمل مفجعة".
مع الله
كانت الطفلة، التي أصيبت بحروق عميقة وكسر في ساقها، توفيت قبل أيام قليلة من عيد ميلادها الأول. وكان من المفترض أن تخضع لعملية جراحية بسبب الإصابات التي لحقت بها أثناء القصف، لكن الأطباء حثوا أسرتها على الانتظار حفاظًا على سلامتها أثناء العملية.
ينقل التقرير عن أبيها الذي نجا من القصف قوله: "كنت أتمنى أن تبقى معي ذكرى لوالدتها وإخوتها وأعمامها ولكن الحمد لله ماتت. هي مع الله، هذا أفضل من أي شيء آخر".
وتلفت الشبكة الأمريكية إلى أن جيش الاحتلال لم يذكر ما كان يستهدفه في الغارة التي قتلت عائلة تالا، لكنه قال إن القصف "هدف إلى تفكيك قدرات حماس العسكرية وإنقاذ الرهائن".
كما رفض جيش الاحتلال التعليق على الأمر.
يقول التقرير: "فرت العائلة أولًا من مدينة غزة بعد أن شنت إسرائيل هجومها البري في شمال القطاع، وأمرت الفلسطينيين بإخلاء المنطقة والانتقال جنوبًا، حيث وُعدوا بسلامة نسبية".
يضيف: "لكن عندما بدأت القنابل أيضًا في التساقط على خان يونس، فرت العائلة جنوبًا إلى رفح، بالقرب من الحدود المصرية، حيث أكدت لهم القوات الإسرائيلية مرة أخرى أنهم سيكونون آمنين".
وينقل عن والد الطفلة قوله "لا يوجد مكان آمن في أي مكان هنا في رفح، إنها كذبة كبيرة. ما يقوله الإسرائيليون كذبة كبيرة".
النزوح
في مقطع الفيديو الذي التقطه فريق NBC News، يظهر الأب الحزين وهو يفك طبقات الكفن الذي غلّف جسد "تالا" الهامد أثناء وضعها في قبرها. وكان يحتضن وجهها الشاحب بين يديه ويبكي بينما يحاول الآخرون مواساته.
ثم رفع هاتفه ليظهر صورة لوجه تالا المبتسم، كانت آخر صورة التقطت لها قبل وفاتها.
وقال: "لقد أعطتني الأمل في هذه الحياة. لكن موتها قتل كل شيء بالنسبة لي".
وأكد: "لقد فقدت أغلى ما أملك. لا أريد أن يفقد الآخرون أطفالهم، أو أن يفقدوا أنفسهم، لأن الحرب هي الدمار، نحن الضحايا في كل شيء".
فبعد أكثر من 100 يوم منذ أن شنت إسرائيل هجومها على غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر، قُتل أكثر من 24,900 شخص في غزة، وأصيب أكثر من 62,000 آخرين، وفقد آلاف آخرون يُفترض أنهم ماتوا، وفقًا للسلطات الفلسطينية.
وقد نزح أكثر من 85% من سكان غزة -البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة- بسبب الحرب بينما تحاول العائلات الهروب من القصف الإسرائيلي، ما تركهم في جزء متقلص من القطاع، والآن، يصارع الناجون أزمة إنسانية متفاقمة، حيث لا يمكنهم الوصول إلى الغذاء والماء والدواء.