بينما يستعد تحالف من شركات سوني وكانون ونيكون اليابانية، لمحاربة الصور المصنوعة رقميًا، والتعاون من أجل تطوير تقنية جديدة لوضع بصمة رقمية داخل الصور الملتقطة بكاميراتها لتسهيل تمييزها عن الصور المُنشأة باستخدام الذكاء الاصطناعي، التي تتكون من أشكال متنوعة من البيانات تُثبت مدى موثوقية وحقيقية الصورة الملتقطة. تساءل تقرير لموقع فورين بوليسي عن مدى قدرة استخدام التقنيات الحديثة في التلاعب بنتائج الانتخابات.
وأطلق الحديث عن الاختراق الروسي لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016، واستخدم المعلومات المغلوطة من أجل ترجيح كفة المرشح - آنذاك - الجمهوري دونالد ترامب، عاصفة من المخاوف حول ما يمكن أن تصل إليه تقنيات التزييف، خاصة في ظل تراجع إجراءات الأمان الرقمي لدى العديد من منصات التواصل الاجتماعي، التي يعتمد عليها جمهور ضخم في استقاء معلوماتهم.
فيلم رعب
يشير التقرير إلى أن عملاق التكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك، بعد أن استحوذ على منصة "إكس" - "تويتر" سابقًا - سرح عددًا ضخمًا من الموظفين، من بينهم أغلب فريق السلامة والأمن التقني، الأمر نفسه ينطبق على أكبر منصتي للتواصل، هما "فيسبوك" و"واتساب" التابعين لمنصة "ميتا"، سرحت أكثر من 20 ألف موظف، منهم فريق الأمن التقني أيضًا، وهو ما انطبق أيضًا على منصة الفيديوهات الشهيرة "يوتيوب"، التي تأثرت بتسريح عدد من موظفي الأمن السيبراني في الشركة الأم "جوجل".
وكتب محرر التقرير ريتشي لينجر: "لا يمكن أن يكون هناك وقت أسوأ من هذا للتقليل من أهمية مكافحة المحتوى الضار عبر الإنترنت. من المتوقع أن تجري أكثر من 50 دولة، انتخاباتها في عام 2024. هناك 7 من الدول العشر الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، هي الولايات المتحدة وروسيا وبنجلاديش والهند وإندونيسيا والمكسيك وباكستان - يمثل قاطنيها نحو ثلث سكان العالم - سيتوجه مواطنوها إلى صناديق الاقتراع.
ووصف بث المعلومات الخاطئة المتعلقة بالانتخابات بـ"عرض فيلم رعب بينما الجميع في حالة من التوتر بالفعل".
الذكاء الاصطناعي
كانت التكنولوجيا المساهمة في صنع المعلومات المزيفة موجودة بأشكال مختلفة لسنوات؛ لكنها وصلت إلى لحظة فاصلة مع إطلاق برامج الدردشة الآلية التي تطورت بسرعة مذهلة، التي تتمتع بالقدرة على إنشاء فقرات نصية في غضون ثوانٍ؛ كما أصبح إنشاء مقاطع الصوت والفيديو وفقًا لاحتياجات الفرد أسهل بكثير من خلالها.
وبينما تستطيع التقنيات الجديدة إنشاء المحتوى عبر الإنترنت، من خلال وسائط مختلفة استجابة لمطالبات المستخدم، لكنها في الوقت نفسه - لسوء الحظ - لديها القدرة على تعزيز المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة لم يشهدها البشر من قبل.
وينقل تقرير فورين بوليسي عن رومان تشودري، أستاذة الذكاء الاصطناعي في مركز بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد: "ذلك يجعل إنتاج ونشر مقاطع التزييف العميق والصور المزيفة التي تبدو واقعية للغاية أسهل بكثير".
ووفق بحثها الأخير مع اليونسكو حول العنف القائم على النوع الاجتماعي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، أشارت "تشودري" إلى أنه يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية أن تساعد على تصميم معلومات مضللة للجماهير التي من المرجح أن يتردد صداها مع تلك الرسائل "كل هذا ممكن التنفيذ. لقد قمنا بذلك بالفعل".
جرس إنذار
أثار الكشف عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 - خاصة من خلال فيسبوك - مخاوف عدة بالنسبة لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي ومجتمع الاستخبارات الأمريكي على حد سواء، ما أضاف بُعدًا جديدًا مثيرًا للقلق إلى نقاش المعلومات المضللة عبر الإنترنت وحدد الكثير من الكيفية التي يمكن بها لهذه المنصات التعامل مع نزاهة الانتخابات.
وفي فبراير 2018، اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي 13 روسيًا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 - التي فاز فيها الرئيس السابق دونالد ترامب - وواجه ثلاثة من هؤلاء تهمة التآمر من أجل التزوير الإلكتروني، و5 آخرون بانتحال شخصيات وهمية.
وطالت الاتهامات ثلاث شركات روسية أيضًا، من بينها شركة تقنية مقرها في سانت بطرسبرج، التي وصفها تقرير المباحث الفيدرالية بأن "هدفها الاستراتيجي كان زرع الفتنة في النظام السياسي الأمريكي، من بينها الانتخابات الرئاسية لعام 2016".
ووفقًا لتقرير استخباراتي أمريكي رُفعت عنه السرية، فقد استمرت جهود التضليل الروسية عبر الإنترنت في انتخابات عام 2020.
الآن، يحذر مسؤولون حكوميون وخبراء الأمن السيبراني من أن الصين "تنشر بشكل متزايد الدعاية والمعلومات المضللة في جميع أنحاء العالم، وتنفق مليارات الدولارات سنويًا على جهود التلاعب بالمعلومات الأجنبية"، حسبما ذكر مركز المشاركة العالمية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في تقرير له، سبتمبر الماضي.
اختبار تايوان
بينما توصل محللو التهديدات الرقمية في شركة مايكروسوفت إلى أنه "في الوقت الذي وسع فيه الحزب الشيوعي الصيني قدراته الدعائية والتضليلية، أصبحت الصين أكثر استفزازية في سعيها إلى التأثير على الانتخابات"، كما جاء في تقرير صدر، نوفمبر الماضي.
ومع اقتراب الانتخابات في تايوان، التي من المقرر أن تنتخب رئيسًا جديدًا، 13 يناير الجاري، كثفت الصين ضغوطها الاقتصادية والعسكرية على تايبيه، ومن المرجح أن يتجلى هذا الضغط في الجهود الرامية إلى زرع بذور الانقسام داخل الناخبين التايوانيين، بينما ينظر الأمريكيون عن كثب إلى ما يمكن أن تفعله بكين.
وقالت لجنة الانتخابات المركزية في تايوان "CEC" في رد مكتوب لمجلة فورين بوليسي، حول أكبر التحديات التي تواجهها: "مع اقتراب يوم الانتخابات بشكل خاص، ينفجر حجم المعلومات المضللة ويتسلل إلى كل زاوية. يشكل البحث النشط عن المعلومات المضللة والتحقق منها عبئًا ثقيلًا على اللجنة، وقد يتم تخفيف الحقائق والإجابات التي تم توضيحها ضمن الكم الكبير من المعلومات المضللة".
وقالت إيلين دوناهو، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية، منسقة الحرية الرقمية، التي أكدت أن واشنطن ستراقب عن كثب الانتخابات التايوانية: "إن تآكل الثقة في نزاهة الانتخابات يؤدي إلى تآكل الثقة في الديمقراطية نفسها، نحن في خضم ظاهرة عالمية متنامية، إذ يتم تقويض الثقة في المعلومات والانتخابات والحكم الديمقراطي. وهذا تحدٍ عالمي عابر للحدود بطبيعته".