كشف عدد من المراسلات الخاصة لرئيسة وزراء المملكة المتحدة السابقة ليز تراس، أنها ضغطت سرًا على الحكومة البريطانية، من أجل "التعجيل" ببيع معدات دفاعية للصين.
وأظهرت رسالة خاصة بتاريخ أغسطس 2023، ضمن الوثائق التي حصلت عليها صحيفة "بوليتيكو"، أن "تراس" - التي تصور نفسها على أنها أبرز الصقور ضد الصين - طلبت من كيمي بادينوش، وزيرة الأعمال والتجارة، التدخل نيابة عن شركة تصنيع دفاع بريطانية، تأمل في بيع معدات عسكرية للصين.
جاء هذا على عكس موقف تراس المتشدد علنًا تجاه الصين، الذي كان محوريًا في حياتها السياسية، سواء خلال فترة وجودها في الحكومة، كوزيرة لخارجية المملكة المتحدة ورئيسة للوزراء، وبعد ذلك كعضو في البرلمان، في أعقاب استقالتها الدراماتيكية من داونينج ستريت.
أنظمة دفاعية
كان مسؤولو الأمن في المملكة المتحدة منعوا شركة "ريتشموند للأنظمة الدفاعية/ Richmond Defense Systems " - شركة دفاع مقرها في دائرة تراس في نورفولك - من تصدير معدات التخلص من الألغام الأرضية إلى جمهورية الصين الشعبية، إذ أشار خبراء إلى أن بكين "قد تستخدم هذه المعدات في غزو تايوان".
لكن في الرسالة الخاصة إلى بادينوش، التي عينتها تراس خلال فترة عملها القصيرة كرئيسة لوزراء المملكة المتحدة، يبدو أن رئيسة الوزراء السابقة لم يكن لديها أي مخاوف بشأن عرض قضية الشركة.
وكتبت تراس، 15 أغسطس 2023: "عزيزتي كيمي. أنا أكتب نيابة عن ناخبي الذي تم تقديم طلبه للحصول على ترخيص لتوريد البضائع إلى الصين لأول مرة في 01/03/2023. أود أن أسأل ممتنة هل يمكنك تعجيل الرخصة؟".
وحذرت تراس من أن منع الشركة البريطانية من بيع المعدات العسكرية إلى الصين "سيعني خسارة المبيعات المستقبلية التي تصل إلى الملايين".
وأضافت أن الشركة تعتقد أنه "إذا لم يتم منح الترخيص، فإن الصينيين ببساطة سيعكسون هندسة المنتجات ويصنعونها بأنفسهم".
وكان قد تم رفض طلب ترخيص التصدير للشركة من قبل الوحدة الحكومية التي تراجع الصادرات الأمنية، أبريل 2023، وفقًا لمراسلات بين مسؤولي وايتهول ومحامين، حصلت عليها صحيفة "بوليتيكو".
وتظهر المراسلات الداخلية الرسمية أن قرار منع بيع هذه المعدات، يرجع جزئيًا إلى القلق من إمكان بيعها للحكومة الصينية، أو غيرها، بعد أن يستلمها المشتري الصيني.
هنا، يصر المتحدث باسم تراس على أنها "كانت تؤدي وظيفتها كعضو في البرلمان عن جنوب غرب نورفولك".
وقال: "تتعامل ليز دائمًا مع الإدارات الحكومية لقضايا الناخبين وتتابعها للحصول على الإجابات التي يحتاجون إليها".
لكن - في الواقع - النواب البريطانيين ليسوا ملزمين بالتصرف بناءً على جميع طلبات الناخبين، بل أشار خبراء وكبار أعضاء البرلمان من حزب المحافظين إلى أن تدخل تراس "ربما يكون قد هدد المصالح الوطنية لتايوان والمملكة المتحدة".
عمل متهور
تنقل الصحيفة الأمريكية عن نائبة حزب المحافظين أليسيا كيرنز، التي ترأس لجنة التحقيق: "إنه - تدخل تراس - يعد ضد مصالحنا الوطنية، وبالتأكيد مصالح حليفتنا تايوان".
وأكدت رفضها "الضغط من أجل تصدير تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج إلى شركة صينية تخضع لإكراه الحزب الشيوعي الصيني".
وأشارت كيرنز، التي ترأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم، إلى أن معدات إزالة الألغام "تخضع لضوابط تصدير قوية لسبب وجيه".
وعلى الرغم من أن المعدات المذكورة لا تشمل حظر الأسلحة الحالي الذي تفرضه المملكة المتحدة على الصين، لكن يرى كثيرون أن السماح بتصديرها "سيكون عملًا متهورًا".
وقال أندرو يه، المدير التنفيذي لمعهد المخاطر الاستراتيجية الصيني: "سيكون من السذاجة بالنسبة لأي مسؤول حكومي في المملكة المتحدة ألا يأخذ في الاعتبار خطر استخدام المعدات التي ينتهي بها الأمر في الصين خلال سيناريو غزو تايوان".
وأوضح أن ادعاء تراس بأن الصين ستقوم بالهندسة العكسية للتكنولوجيا "ليس له وزن كبير عندما يتعلق الأمر بخطر الصراع حول تايوان".
مراسلات روتينية
بعد رسالة "تراس" أظهرت وثائق أخرى حصلت عليها "بوليتيكو" أن فريق بادينوش صاغ ردًا، جاء ضمنها "في بعض الحالات، يُطلب منا الموازنة بين الرغبة في التحرك بسرعة عبر النظام والحاجة إلى دراسة متأنية وشاملة للطلب، وقد تستغرق بعض القرارات وقتًا أطول".
وفي بيان، أشارت متحدثة باسم بادينوش إلى أنها تأسف الآن لإصدار إدارتها من المراسلات بموجب قوانين حرية المعلومات (FOI).
وقالت: "نحن نشعر بالقلق من أن مراسلات النائبة ومسودة الرسالة قد تم الكشف عنها، ونحقق في كيفية حدوث ذلك".
ولفت البيان إلى أن الرسالة تمثل "مراسلات روتينية بين وزيرة ونائبة في البرلمان تقوم بعملها في تمثيل دائرتها الانتخابية".