قررت المخرجة السودانية سارة سليمان أن توثّق رحلة الماجستير الخاصة بها في فيلم وثائقي تجوب به العالم، وجاءتها الفكرة حينما كانت تحضّر الفنانة الشابة لرسالتها التي تتحدث عن "الحركة النسوية في السودان وحرية الجسد"، وكان الأمر لا يفارق عقلها والمشاهد التي تكتب عنها لا تمر، وبدأت على الفور في التفكير بكيفية إخراج تلك الصورة في ذهنها إلى الجمهور، لتصل بعد رحلة طويلة إلى مهرجانات دولية، ثم العرض في دار الأوبرا المصرية بـ"أجساد بطولية"
إنتاج ذاتي
في ظل ضعف الإنتاج بالسودان، الذي قد يكون معدومًا، اضطرت "سارة" إلى إنتاج الفيلم بالجهود الذاتية، وحول ذلك تقول: "لم أفكر في الدعم الخارجي للفيلم، فأنا لا أملك الخبرة الكافية في هذا المجال؛ لذلك اعتمدت على الإنتاج الذاتي من مالي الخاص، وكنت أذهب لتصوير لقاءات مع النساء للحديث عن معاناتهن وحياتهن، وأعرف أغلب الشخصيات المشاركات بالفيلم، فكل منهن رائدة في مجالها، وتحمسن للفكرة وأرادوا أن يساعدوني، لكن إنتاجي الخاص جعلني أحضر الفيلم في 4 سنوات، حتى الموسيقى صنعتها بنفسي، ومن عملوا معي لم يحصلوا على أموال".
جولة دولية وعربية
شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية، كما عُرض في مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد، ونال جائزة الجمهور، ثم عُرض في فلسطين بمهرجان القدس للسينما العربية ونال جائزة "شيرين أبو عاقلة" كأفضل فيلم وثائقي، ثم في مصر بمهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، كما عُرض أخيرًا في دار الأوبرا المصرية.
وحول ردود الفعل التي استقبلتها "سارة" على العمل قالت: "العالم الغربي استقبل الفيلم بشكل حافل، حتى إن كل الحفلات في المهرجانات الدولية كانت كاملة العدد، وكان الحاضرون يرغبون في التحدث عن تفاصيل الفيلم، وحينما عُرض هنا في القاهرة بدار الأوبرا خرجت لأعتذر للحاضرين لأن العدد فاق سعة القاعة، وأنا أرى أن الطفرة في الأفلام السودانية الفترة الماضية والشهرة التي حدثت ساعدتنا، وتساعد الأفلام المُنتجة الفترة المقبلة، كما أنها جعلت الجمهور ينتظر تلك التجارب".
جمهور مصري
أكدت "سارة" أن مصر حاضنة لكل الصنّاع في العالم العربي، ومن يريد أن ينجح ويحقق شهرة حقيقية عليه الوجود في مصر، إذ قالت: "أحببت التعاون مع فريق مصري في الفيلم منهم ميشيل يوسف، والمونتير عماد ماهر وأنا أرى أن الصراع في السودان جعل لنا في مصر جمهورًا كبيرًا".
نقل الواقع
وحول تحول أفكار الأفلام السودانية إلى الصراع الدائر هناك قالت: "السينما تنقل الواقع والمآسي ويجب أن ننقل جزءًا مما يحدث هنا ونوثقه، وغزة وفلسطين منذ سنوات في حروب لذا تدور قصص أعمالهم عنها؛ لأنهم لم يروا غيرها، وأتمنى أن تنتهي الصراعات في كل العالم، ولكن في كل الأحوال يجب توثيق تلك الانتهاكات في كل مكان، والجمهور الذي رأى "أجساد بطولية" طلبوا مني أن أقدّم عملًا عما يحدث في السودان، لكنني أميل إلى التاريخ والتعمق في تاريخ السودان، والاستفادة من الماضي".
الأرشيف السوداني
يبحث السينمائيون السودانيون عن الأرشيف السوداني سواء الشباب أو القدامي لحمايته من الضياع، ومن بين المهتمين بالأمر "سارة" التي تقول: "المهمة صعبة وأنا في تلك الفترة أبحث عن الأرشيف السوداني، وهذا أمر صعب للغاية، وهناك جهات ساعدتنا، وأخرى رفضت ولم ألق منهم الدعم، وحاليًا استطعت أن أحصل على أرشيف وزارة الثقافة، ودار الوثائق ولم أجد صعوبة هناك فكان لديهم سيستم للأرشيف، أما التلفزيون القومي فانسحبت منه بعد ثلاثة أشهر من المساومات لم أصل خلالها إلى شيء، وحاليًا تتم سرقة الأرشيف".
صعوبات
الصعوبات التي تمر بها "سارة" في ممارسة هوايتها المحببة تجعلها تفضّل الحصول على قسط من الراحة مع قراءة الكتب والعيش مع أهلها، إذ تقول: "أحب أن أعيش الحياة مع المقربين مني والاستمتاع بوقتي لأن الأمر ليس سهلًا في أوقات العمل".