كشف فريق المحقق الخاص، جاك سميث، الذي يتولى التحقيقات في قضية الوثائق السرية ضد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن تفاصيل لم يتم الحديث عنها سابقًا، حول رفض ترامب المساعدة في وقف الهجوم العنيف على مبنى الكابيتول الأمريكي قبل ثلاث سنوات.
ويُشير تقرير بثته شبكة ABC Newsإلى أن ترامب "رفض اتخاذ أية خطوة، بينما كان جالسًا لمشاهدة التلفزيون داخل البيت الأبيض"، وفقًا لمصادر مطلعة على عمل فريق سميث.
وينقل التقرير مقتطفات من أقوال دان سكافينو، نائب كبير موظفي البيت الأبيض بين عامي 2020 و2021، إلى فريق التحقيق، وكذلك عدد من مستشاري ومحامي الرئيس السابق.
وأخبر سكافينو فريق التحقيق أنه مع بدء تصاعد العنف في ذلك اليوم، لم يكن ترامب "مهتمًا" ببذل المزيد من الجهد لوقفه.
أيضا، أخبر نيكولاس لونا، مساعد ترامب السابق، المحققين الفيدراليين أنه عندما أُبلغ ترامب بضرورة نقل نائب الرئيس -آنذاك- مايك بنس، إلى مكان آمن، رد ترامب بلا مبالاة، وهو ما اعتبره لونا "استعدادًا غير متوقع" من الرئيس السابق للسماح بإلحاق ضرر محتمل بنائبه.
الرئيس الغاضب
في لائحة الاتهام واسعة النطاق ضد ترامب -التي أعلن عنها في أغسطس الماضي- اتهم سميث الرئيس السابق بمحاولة الاحتفاظ بالسلطة بشكل غير قانوني، من خلال "نشر الأكاذيب" حول انتخابات عام 2020، والضغط على نائبه -بنس- لمنع الكونجرس من التصديق على الانتخابات.
وإلى جانب سكافينو ولونا، ضمت المجموعة التي تحدثت إلى فريق تحقيقات سميث عددًا من موظفي إدارة ترامب، منهم كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، ومستشار البيت الأبيض بات سيبولوني، ونائب سيبولوني السابق بات فيلبين.
وأثبت تحقيق مجلس النواب أن ترامب، بعد أن أنهى تصريحاته في مسيرة "أنقذوا أمريكا" في وقت مبكر من يوم 6 يناير، عاد إلى البيت الأبيض -بينما بدأ المتظاهرون في شق طريقهم إلى مبنى الكابيتول- حيث استقر هو وميدوز حول طاولة في غرفة الطعام بالمكتب البيضاوي؛ لمشاهدة التغطية التلفزيونية للحدث.
ولكن، عندما علم سكافينو وغيره من مسؤولي البيت الأبيض، أن "مثيري الشغب" اقتحموا مبنى الكابيتول بعنف، هرعوا إلى الغرفة؛ لحث ترامب على المساعدة في تهدئة الوضع، ومع ذلك "لم يفعل ترامب أي شيء".
ووفق سكافينو، كان ترامب "غاضبًا للغاية" في ذلك اليوم، لأن "الانتخابات سُرقت منه ومن أنصاره" الذين كانوا غاضبين بدورهم. ووصف الأمر برمته بأنه "مقلق للغاية".
ولفت إلى أن ترامب "كان يجلس في بعض الأحيان بصمت على رأس الطاولة، وذراعاه مطويتان وعيناه مثبتتان على التلفزيون".
دون جدوى
بعد محاولات دون جدوى لمدة تصل إلى 20 دقيقة لإقناع ترامب بإلقاء "بيان مهدئ" يخفف من غضب أنصاره، خرج سكافينو وآخرون من غرفة الطعام، وتركوا ترامب بمفرده.
كان هذا عندما نشر ترامب، بحسب المصادر، رسالة على حسابه على "تويتر" –إكس حاليًا- قال فيها إن بنس "لم يكن لديه الشجاعة للقيام بما كان ينبغي القيام به".
وأشار سكافينو -الوحيد الذي كان يمكنه الوصول إلى حساب ترامب على تويتر وكان في كثير من الأحيان هو الشخص الذي ينشر رسائل عليه فعليًا- إلى أنه فوجئ بهذا المنشور، نافيًا مسؤوليته عنه.
وقال نائب كبير موظفي البيت الأبيض إن بعض مساعدي ترامب عادوا إلى غرفة الطعام؛ ليشرحوا أن الهجوم العلني على بنس "ليس ما نحتاج إليه" -على حد تعبير سكافينو لفريق سميث- لكن الرئيس السابق رد "لكن هذا صحيح".
وذكر لونا -مساعد ترامب- أن الرئيس لم يهتم بضرورة نقل نائبه إلى مكان آمن. وقال: "ترامب أظهر أنه قادر على السماح بإلحاق الأذى بأحد أقرب حلفائه في ذلك الوقت"، حسبما قال للمحققين.
ومع استمرار الفوضى داخل مبنى الكابيتول، حاول مستشار البيت الأبيض سيبولوني إفهام ترامب بأنه بحاجة إلى إصدار "تعليمات صريحة لمثيري الشغب بمغادرة مبنى الكابيتول".
ولفت تحقيق الكونجرس إلى أنه حتى إيفانكا ابنة ترامب "هرعت إلى غرفة الطعام في المكتب البيضاوي؛ لإقناع والدها بأن إصدار رسالة يمكن أن يهدئ العنف"، على حد تعبير تقرير الكونجرس.
وبعد أكثر من نصف ساعة من الضغط، سمح ترامب لسكافينو بنشر رسالة على حسابه على تويتر، يطلب فيها من المؤيدين "دعم تطبيق القانون" و"البقاء سلميًا".
وقال تقريرABC News إن ستة على الأقل من أقرب مساعدي ترامب "واصلوا دفع الرئيس لفعل شيء أكثر قوة من نشر ما اعتبروه رسالة ضعيفة على تويتر".
بلا ندم
يلفت التقرير إلى أنه "بينما استمع ترامب إلى المناشدات من حوله، لكنه لم يكن مهتمًا في تلك بإعلان أي شيء. بل كان يركز بدلًا من ذلك على مشاهدة التلفزيون والاستمتاع بالمشاهد الفوضوية".
وفي مقابلاته مع المحققين الفيدراليين، أكد كبير موظفي البيت الأبيض السابق ما ذكرته تقارير إعلامية، بأنه عندما اتصل كيفن مكارثي -رئيس مجلس النواب السابق- بترامب، قال له الرئيس: "حسنًا، كيفن، أعتقد أن هؤلاء الأشخاص منزعجون من الانتخابات أكثر منك أنت".
وبدلًا من اتخاذ إجراء في تلك المرحلة، زُعم أن ترامب واصل مشاهدة قناة فوكس نيوز على شاشة التلفزيون.
وكما وصفت مصادر تحدثت إليها الشبكة الإخبارية الأمريكية، كانت الأمسية "متوترة وغير مريحة بالنسبة لترامب". وأخبر أحد المساعدين المقربين فريق سميث أن الرئيس السابق كان "لا يصدق ما حدث في تلك الليلة"، ولم يظهر أي ندم.
ولم يذكر أي من مساعدي ترامب الذين تحدثوا مع المحققين إنهم سمعوه يعترف -حتى على انفراد- بأنه خسر الانتخابات.