لأول مرة منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت كييف عن استخدام موسكو لصواريخ زودتها بها كوريا الشمالية، الأمر الذي يعد تطورًا في اتجاه اتساع رقعة الحرب، بتدخل لاعبين إقليميين في صالح كفة موسكو.
وفي سياق متصل، قال البيت الأبيض إن روسيا أطلقت صواريخ باليستية قصيرة المدى زودتها بها كوريا الشمالية على أوكرانيا مرتين الأسبوع الماضي. حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وبحسب شبكة "بلومبرج" الأمريكية، فإن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون كان قد تعهد مسبقًا خلال "زيارته التاريخية" لروسيا بدعم لا محدود لموسكو خلال حربها مع أوكرانيا، عن طريق منحها الأسلحة اللازمة في مقابل حصولها على التكنولوجيا المتطورة.
الأسلحة ليست روسية
صرّح حاكم منطقة خاركيف الشمالية الشرقية - الواقعة في أوكرانيا- في بيان على منصة وسائل التواصل الاجتماعي "إكس"، بأن منطقته تعرضت لقصف بصواريخ من قبل موسكو، لكنها ليست روسية الصنع. وفقًا لما نقلته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وقال ميخائيل بودولياك، المسؤول الكبير في كييف: "لم يعد هناك أي تمويه. استهدفت روسيا لأول مرة الأراضي الأوكرانية بصواريخ تلقتها من كوريا الشمالية". ولم يقدم "بودولياك" أدلة على أن الصواريخ من صنع كوريا الشمالية.
وأضاف "بودولياك": "تهاجم روسيا الأوكرانيين بصواريخ تلقتها من دولة يتعرض مواطنوها للتعذيب في معسكرات اعتقال بسبب امتلاكهم راديو غير مسجل، أو التحدث مع سائح، أو مشاهدة برامج تلفزيونية".
وفي وقت سابق من أمس الجمعة، قال حاكم منطقة خاركيف الإقليمية إن الصواريخ التي لم تصنع في روسيا قد أطلقت على المقاطعة في نهاية ديسمبر وبداية يناير.
وفي مقطع مصور بثته وكالة "رويترز" أوضح آثار ضربة جوية روسية على العاصمة الإقليمية خاركيف في 2 يناير، حيث سقط صاروخ بالقرب من وسط المدينة، وترك وراءه حفرة عميقة وبقايا الصاروخ. وبعد مشاهدة لقطات "رويترز" للمراجعة، قال يوست أوليمانس، الباحث الهولندي والخبير في الجيش الكوري الشمالي: "يبدو أن اللقطات تظهر الجسم الرئيسي وقسم المحرك لصاروخ يشبه إلى حد كبير نوع الصواريخ الكورية الشمالية التي رأينا صورًا واضحة لها في السنوات القليلة الماضية".
تأكيد أمريكي
ولتأكيد تلك الأنباء، صرّح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في مؤتمر صحفي أمس الجمعة بالبيت الأبيض، أن الصواريخ الكورية الشمالية التي استخدمتها روسيا أطلقت يومي 30 ديسمبر و2 يناير، موضحًا أن الهجوم شمل ما لا يقل عن 500 صاروخ وطائرة مسيّرة تم إطلاقها على كييف في عطلة رأس السنة. حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وأكد "كيربي" أن هجوم 30 ديسمبر كان باستخدام صاروخ واحد فقط سقط في أحد الحقول، بينما شمل هجوم 2 يناير عدة صواريخ.
وقال "كيربي" خلال المؤتمر الصحفي، إن آثار الصواريخ التي أطلقت لا تزال قيد التقييم، مضيفًا أنها كانت جزءًا من هجوم روسي ضخم.
وأشار إلى أن روسيا أصبحت معزولة بشكل متزايد على المسرح العالمي، بسبب العقوبات وضوابط التصدير، ما اضطرها إلى البحث عن معدات عسكرية من دول مماثلة، من بينهم "كوريا الشمالية".
وقال كيربي: "في مقابل دعمها لروسيا، تسعى بيونج يانج للحصول على مساعدة عسكرية من موسكو بما في ذلك الطائرات المقاتلة وصواريخ أرض جو والمركبات المدرعة ومعدات إنتاج الصواريخ الباليستية والمواد الحربية وغيرها من التقنيات المتقدمة، ما سينعكس أمنيًا على شبه الجزيرة الكورية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ".
آسيا في خطر
قال أنكيت باندا، الزميل الأقدم في برنامج السياسة النووية في مؤسسة دولية للسلام الدولي، إن استخدام روسيا للصواريخ ضد أوكرانيا يتيح لكوريا الشمالية جمع بيانات حول كيفية اختراقها للدفاعات المماثلة لتلك التي قد تستخدمها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان على شبه الجزيرة الكورية. حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وأضاف "باندا": "من الناحية التقنية، أعتقد أن الكوريين الشماليين سيكونون مهتمين جدًا بكيفية أداء صواريخهم ضد أنظمة الدفاع الصاروخية الغربية".
وتتمتع اليابان وكوريا الجنوبية وأمريكا بمزايا عسكرية خاصة تفوق تلك التي تمتلكها كوريا الشمالية نظرا لإمتلاكهم طائرات مقاتلة شبحية متقدمة من طراز F-35. ولكن إذا حصلت بيونج يانج على صواريخ أرض-جو روسية أكثر حداثة مزودة برادارات تتبع متقدمة لتترافق معها، فمن الممكن تقليص التفوق الذي تتمتع به طائرات F-35 بشكل كبير.