رغم أنها النقطة الأبرز التي لم يتوقفوا عن انتقاده عبرها لسنوات، لكن منافسي الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الأبرز لخوض انتخابات 2024، دونالد ترامب، صاروا -بشكل ما- يدركون أن الاستمرار في الهجوم عبر هذه النقطة قد يعني خسارة شعبيتهم بين ناخبي الحزب، حيث يؤيد ما يزيد على 9 ملايين أمريكي ما حدث قبل ثلاثة أعوام في 6 يناير 2021 والمعنون بـ"هجوم الكابيتول".
وفي ذكرى الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي، يبدو أن ترامب يستمتع بانتقاده من منافسيه الجمهوريين العاجزين عن مجاراة شعبيته، فيما يتناول منافسوه الأمر بحذر خوفًا من خسارة ناخبيهم. أمّا منافسه الأبرز الرئيس جو بايدن، فرغم ضغطه على ورقة "تهديد الديمقراطية"، لكن يأتي إخفاقه في العديد من الملفات، أبرزها احتواء الوضع في الشرق الأوسط، ليُقلل من قيمة انتقاداته لمنافسه.
وتأتي الذكرى السنوية الثالثة لهجوم أنصار الرئيس السابق على المقر التشريعي للبلاد بعد يوم من إعلان المحكمة العليا الأمريكية أنها ستنظر في قرار المحكمة العليا في ولاية كولورادو بإزالة ترامب من بطاقات الاقتراع في الولاية، ما يضمن أن الحديث عما قام به في ذلك اليوم سيظل محوريًا في انتخابات عام 2024.
خوف من الناخبين
خوفًا من تنفير القاعدة الشعبية التي لا تزال تصدق مزاعم ترامب بأن انتخابات عام 2020 كانت غير شرعية، يتجنب حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي -وهما أكبر منافسين لترامب في استطلاعات الرأي- الانتقاد المباشر للأفعال التي أدت بالرئيس السابق إلى التنقل بين المحاكم الفيدرالية ومحاكم الولايات.
وفي مقابلة مع شبكة NBC، الخميس، قال ديسانتيس: "التاريخ تم تسييسه من قِبل اليسار" وأن ذكرى الاقتحام -التي توافق اليوم السبت- تشبه "يوم عيد الميلاد بالنسبة لوسائل الإعلام".
وأمام عدسات CNN في وقت لاحق من تلك الليلة، قال إن 6 يناير 2021 "لم يكن يومًا جيدًا للبلاد". ولكن، بدلًا من التركيز على تصرفات ترامب، جادل ديسانتيس بأن الديمقراطيين "سوف يستخدمونه كسلاح ضد الرئيس السابق"، ولهذا السبب، على حد قوله "يحتاج الحزب إلى المضي قدمًا في هذه الانتخابات".
أمّا هيلي، فقد وصفت يوم 6 يناير 2021 بأنه "يوم رهيب". مع هذا فإن المرأة التي عملت سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد ترامب، قالت مرارًا وتكرارًا أيضًا، وأحيانًا في الوقت نفسه "إنه كان الرئيس المناسب في الوقت المناسب".
وفي استديو CNN، الخميس أيضًا، دافعت عن تأكيدها أنها ستعفو عن ترامب إذا تم انتخابها رئيسة. وقالت: "بالنسبة لي، الأمر لا يتعلق بالذنب أو البراءة. الأمر يتعلق بما هو في مصلحة البلاد. لا أعتقد أن بلادنا ستمضي قدمًا مع وجود رئيس يبلغ من العمر 80 عامًا في السجن. هذا يسمح لبلدنا بالاستمرار في الانقسام، وعلينا أن نتجاوز ذلك".
الأوفر حظًا
مع إظهار استطلاعات الرأي أن ترامب لا يزال المرشح الأوفر حظًا بين الناخبين الجمهوريين على المستوى الوطني، وفي الولايات التي تصوّت مبكرًا، كثّف "ديسانتيس" و"هيلي" هجماتهما على الرئيس السابق في الأسابيع الأخيرة. فيما يدير مرشحان آخران، هما حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، وحاكم أركنساس السابق آسا هاتشينسون، حملات تركز بشكل مباشر على معارضتهما لترامب.
لكن، يلفت مراسلا CNN إريك براندر وستيف كنتورنو إلى أن منافسي ترامب في الحزب الجمهوري "لم يتوصلوا أبدًا إلى كيفية مهاجمة الرئيس السابق دون تنفير قاعدة الحزب".
ونقلًا عن سكوت جينينجز، الخبير الاستراتيجي الجمهوري وكبير المعلقين السياسيين في شبكة CNN قوله إنه لا يعتقد أن أيًا منهم توصل إلى طريقة لحل المُعضلة الخاصة بكيفية التنافس ضد دونالد ترامب "الذي كان يصعد كالصاروخ مع انتقاد النظام القانوني. لذلك قرروا جميعًا أن يفعلوا الشيء نفسه، وهو الدفاع عن الرجل. لم يسفر هذا عن أي شيء سوى زيادة فرص دونالد ترامب في أن يصبح المرشح".
أكبر حشد
تأتي جهود ترامب ومنافسيه الجمهوريين للتقليل من أهمية الذكرى السنوية الثالثة للأحداث التي أفزعت أمريكا، في الوقت الذي تستعد فيه حملة الرئيس الحالي جو بايدن -الذي يتعشم في فترة رئاسية ثانية-للارتكاز على حجة أن ترامب يمثل "تهديدًا للديمقراطية".
وتحدث بايدن، أمس الجمعة، أمام حشد في كلية المجتمع بمقاطعة مونتجومري في بلو بيل بولاية بنسلفانيا، قائلًا: "سأقول ما لن يقوله دونالد ترامب: العنف السياسي غير مقبول على الإطلاق بالنسبة للنظام السياسي في الولايات المتحدة. أبدًا لن يكون له مكان لها في الديمقراطية".
ورد ترامب على منافسه الديمقراطي في اليوم نفسه في مركز سيوكس بولاية أيوا، واصفًا خطاب الرئيس بأنه "إثارة للخوف" و"مثير للشفقة". قائلًا: "هل رأيته؟ لقد كان يتلعثم في حديثه برمته".
بل، وتفاخر ترامب بأن خطابه في 6 يناير 2021، قبيل الهجوم على مبنى الكابيتول، كان "أكبر حشد أعتقد أنني تحدثت إليه على الإطلاق". ثم وجّه حديثه إلى بايدن ساخرا: "أنت لم تسمع عن ذلك أبدا، أليس كذلك؟"
ودافع المرشح الجمهوري الأبرز عن أنصاره الذين حوكموا بسبب اقتحام مبنى الكابيتول في ذلك اليوم، مُعربا عن رؤيته بأنه "لم يعامل أحد في التاريخ بهذا السوء مثل هؤلاء الناس"، ثم عاد ووصفهم بأنهم "رهائن"، وأن أحكام السجن التي يواجهها العديد منهم "غير عادلة".