مع شمس كل يوم جديد تبدو على السطح المواقف والتصريحات المقلقة لكييف حول استمرار المساعدات الأمريكية والأوربية لأوكرانيا في حربها مع روسيا التي تقترب من عامها الثالث، إذ تدفع كلها تجاه أن العالم ملّ من تلك الحرب، وخاصة مع استبعاد الداعمين لكييف تحقيقها نصرًا قريبًا ضد موسكو.
وزيرة الخارجية النمساوية السابقة كارين كنيسل، قالت في تصريحات نقلتها صحيفة "بيزيم ميديا" الأذربيجانية: "إن الغرب غيّر موقفه بشأن أوكرانيا ولم يعد يتوقع فوز كييف، بعد أن تحول وتغير موقف أوروبا 180 درجة في هذا الشأن، ونذكر أن الغرب زعم قبل عام أن القوات الروسية كانت على وشك الانهيار وتوقعوا تغييرات معينة، فيما باتت أكبر عناوين وسائل الإعلام الغربية الآن تدور حول ما سيحدث إذا فازت روسيا في الصراع".
"كنيسل" لفتت إلى أن الهجمات المضادة التي شنتها كييف باءت بالفشل وأن روسيا بدأت في الهجوم، وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أرجع في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست" فشل الهجوم المضاد للجيش الأوكراني إلى تسرب المعلومات، وكتبت الصحيفة أن "زيلينسكي بدا متوترًا وغاضبًا خلال المقابلة ونقر بأصابعه على الطاولة".
خطر شديد
صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، وصفت موقف أوروبا وأمريكا من المساعدات لأوكرانيا بأنه "يتعرض لخطر شديد"، وذكرت في تقرير لها، "إن إدارة بايدن والمسؤولين الأوروبيين تحول تركيزهم بهدوء من دعم هدف أوكرانيا المتمثل في تحقيق النصر الكامل على روسيا إلى تحسين موقفها في مفاوضات نهائية لإنهاء الحرب".
ويصر البيت الأبيض والبنتاجون علنًا على أنه لا يوجد تغيير رسمي في سياسة الإدارة الأمريكية، وأنهما ما زالا يدعمان أوكرانيا لإجبار الجيش الروسي على الخروج بالكامل من البلاد، لكن جنبًا إلى جنب مع الأوكرانيين أنفسهم يناقش المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون الآن إعادة انتشار قوات كييف إلى موقع دفاعي أقوى ضد القوات الروسية في الشرق، وفقًا لمسؤول الإدارة والدبلوماسي الأوروبي، وفق الصحيفة الأمريكية.
مسؤول في البيت الأبيض، طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ"بوليتيكو": "إن التحول الاستراتيجي من الهجوم إلى الدفاع يهدف إلى دعم موقف أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية، الطريقة الوحيدة التي تنتهي بها هذه الحرب في نهاية المطاف هي من خلال المفاوضات، نريد أن يكون لأوكرانيا أقوى يد ممكنة عندما يأتي ذلك".
التحول لمحادثات السلام
قال مسؤول في الكونجرس مُطلع على تفكير الإدارة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إن "المناقشات حول محادثات السلام بدأت، لكن الإدارة الأمريكية لا يمكنها التراجع علنًا بسبب المخاطر السياسية التي يواجهها بايدن، ويؤيد الدفع إلى التحول إلى المفاوضات، تصريحات الرئيس الأوكراني الذي عقده نهاية العام في أوائل ديسمبر الماضي، الذي قال فيه: "إن أوكرانيا تُعد مقترحات جديدة لإنهاء الحرب".
ووفق الصحيفة، فيعتقد بعض المحللين أن الوضع يهيأ الاستعداد لإعلان نصر جزئي وإيجاد طريقة لهدنة أو وقف إطلاق النار على الأقل مع موسكو، وهو ما من شأنه أن يترك أوكرانيا منقسمة جزئيًا، مشيرة إلى أن التحول إلى الدفاع قد يمنح أوكرانيا الوقت الذي تحتاجه لإجبار بوتين في نهاية المطاف على التوصل إلى تسوية مقبولة.
وقال أنتوني بفاف، خبير الاستخبارات في الكلية الحربية للجيش الأمريكي الذي شارك في تأليف دراسة توقعت غزو بوتين لأوكرانيا: "من المحتمل جدًا أن يؤدي اتخاذ وضع دفاعي إلى السماح للأوكرانيين بالحفاظ على الموارد، بينما يجعل التقدم الروسي في المستقبل يبدو غير مرجح، قبل سنوات من حدوثه".