تستعد أكثر من 60 دولة حول العالم، تمثل نصف السكان تقريبًا - أي ما يعادل 4 مليارات نسمة - لإجراء انتخابات إقليمية وتشريعية ورئاسية، وهو ما جعل عام 2024 أكبر سنة انتخابية في التاريخ، الأمر الذي ينذر بزعزعة استقرار المؤسسات السياسية في مناطق أكبر وتصعيد التوترات الجيوسياسية، وسط احتجاجات عامة صاخبة وحركات شعبية تجتاح البلدان.
أمريكا الشمالية
وصفت مجلة politico الأمريكية في تقريرها، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأشهر بين الجميع، حيث تنتظر مواجهة محتملة بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، التي ستحسم مستقبل علاقة أمريكا بالكثير من دول العالم خاصة الحروب والصراعات الدائرة منها غزة وأوكرانيا.
كما تتجه المكسيك إلى صناديق الاقتراع في الثاني من يونيو المقبل، في انتخابات رئاسية قد تكون لها عواقب وخيمة على التعاون مع واشنطن في قضايا الحدود والتجارة والسياسة الأوسع تجاه بقية أمريكا اللاتينية، حيث يتطلع الرئيس الحالي أندريس مانويل إلى توسيع قبضة حزبه اليساري، في مواجهة المعارضة.
وأكدت المجلة أن المرشحة الأوفر حظًا أمامه هي عمدة مدينة مكسيكو السابقة كلوديا شينباوم، التي تنتهج سياسة خارجية حازمة ضد أمن الحدود، وفي الوقت نفسه ترسل رسائل مغازلة لجذب الاستثمارات الروسية والصينية لبلادها بهدف مساعدة الأحياء الفقيرة، وكان تصريحها بعدم خضوع المكسيك للولايات المتحدة، كشف عن نهجها المعادي لأمريكا إذا أصبحت رئيسة.
البرلمان الأوروبي
وتعد انتخابات البرلمان الأوروبي ثاني أكبر تصويت من حيث عدد السكان في عام 2024، بعد الهند، وتشعر الأحزاب التقليدية بالقلق من أن الصعود المحتمل لليمين المتطرف الأوروبي يمكن أن يتزامن مع عودة ترامب، الذي يهدف إلى تقويض مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى الحفاظ على السلام عبر كتلة القارة التي تضم 27 دولة.
ولفتت politico أن هذا السيناريو، يمكن أن يؤدي إلى إثارة التوتر مرة أخرى في العلاقات عبر الأطلسي التي بدأت في التحسن في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، ما يعقد التنسيق مع أقرب حليف للقارة، الذي يواصل مواجهة الحرب "الروسية الأوكرانية"، على حدوده.
انتخابات إفريقيا
من المنتظر قيام 12 دولة في قارة إفريقيا، بما في ذلك الأعضاء البارزين في الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام، أبرزهم السنغال وجنوب أفريقيا ومالي وتشاد، حيث ستؤثر نتائج هذه الانتخابات على المعركة المحتدمة بين الدول الأجنبية من أجل النفوذ في القارة، بسبب تنافس الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون للعمل كثقل موازن للاستثمارات الروسية والصينية والشراكات الأمنية.
بيلاروسيا وروسيا وإيران
ولا يتوقع المحللون وفقًا لـpolitico، أن تؤدي الانتخابات التشريعية في بيلاروسيا وإيران، أو الانتخابات الرئاسية في روسيا، إلى تغيير السياسة في تلك البلدان على الفور، لكن من المرجح أن تظهر احتجاجات حول هذه الأصوات التي قد تكون مدمرة ويصعب السيطرة عليها.
ولفتت المجلة أن مثل هذه الاضطرابات يمكن أن تصرف انتباه كل حكومة عن مشاركتها في الصراعات الدولية الكبرى، فبالنسبة لإيران ستفقد اهتمامها بالشرق الأوسط، وأيضًا بالنسبة لروسيا وبيلاروسيا، فإن التغيير الكبير في الحكومات سيؤثر على الصراع في أوكرانيا.
باكستان والهند
"انتخابات مثيرة للجدل".. هكذا وصفت politico، الانتخابات المقرر إجراؤها في تلك القارة، حيث من المنتظر أن تجري الهند انتخابات بين إبريل ومايو، التي يسعى خلالها حزب بهاراتيا بزعامة رئيس الوزراء مودي لاستمرار أغلبيته، لكن أحزاب المعارضة تتهمه بتقويض المؤسسات الديمقراطية في البلاد وسجن وترهيب الصحفيين واستخدام وكالات التحقيق الحكومية لاستهداف المعارضين.
كما لا تزال باكستان تتصارع مع تداعيات الإطاحة برئيس الوزراء عمران خان، الأمر الذي أثار احتجاجات واسعة النطاق في ذلك الوقت، وما زال يعكر صفو الدولة الواقعة في جنوب آسيا، ومع ذلك، دفع الخلاف حول حدود بعض الدوائر الانتخابية اللجنة الانتخابية الباكستانية إلى تأجيل الانتخابات العامة حتى فبراير 2024.
ويمكن للفائزين في الهند وباكستان إعادة تشكيل العلاقات الدولية، وتغيير الديناميكيات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الاستراتيجية، حيث تأمل الولايات المتحدة وحلفاؤها، في تعزيز العلاقات باعتبارها حصنًا ضد النفوذ الصيني والروسي. .
المملكة المتحدة
رغم أن ريتشي سوناك لديه مهلة حتى يناير 2025، لتحديد موعد إجراء الانتخابات، إلا أن politico، رجحت أن يتوجه سوناك إلى صناديق الاقتراع في وقت مبكر هذا العام، إذا تقلصت استطلاعات الرأي أو أصبح القتال الداخلي مستمرًا داخل جزب المحافظين الحاكم خارج نطاق السيطرة.
منافس سوناك الرئيسي، اعتبرته المجلة معتدلًا، وتعهد بمواصلة دعم بريطانيا لأوكرانيا وسط حربها مع روسيا، لكن فوزه يرجح إحداث تغيير في نهج المملكة المتحدة تجاه الاتحاد الأوروبي، بعد مغادرة الكتلة في عام 2020، وإعادة تشكيل أولويات الدفاع في المملكة المتحدة والبدء في التغييرات في سياسات الهجرة والمساعدات الخارجية.