الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تكدس وشح في الغذاء وقصف.. في "غزة" لا مكان للنزوح أكثر

  • مشاركة :
post-title
النازحون في خيمهم

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

النازحون والمناطق الآمنة، لعبة "القط والفأر"، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، داخل قطاع غزة، منذ أن بدأ هجومه الدامي في السابع من أكتوبر الماضي، ليتكدس عشرات الآلاف في مناطق صغيرة، محاولين العثور على أي وسائل للحياة، في ظل قصف مستمر حتى لتلك المناطق التي أعلنها الاحتلال "آمنة". 

يواصل الآلاف من الفلسطينيين نزوحهم إلى بلدة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، وفقًا للأمم المتحدة، فرارًا من القصف الإسرائيلي على سائر القطاع، إذ أدى الهجوم الجوي والبري للاحتلال لنزوح نحو 85% من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. 

وعن صعوبة إيجاد مكان في تلك المناطق تقول جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن الناس يستخدمون أي مساحة خالية لبناء الأكواخ، فيما ينام آخرون في العراء أو في سياراتهم.  

مزيد من النزوح

في تعليق سابق، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن إسرائيل تطلب من النازحين مزيدًا من النزوح، بهدف حشرهم وتحديد حركتهم باتجاه واحد.

وأكدت أن الاحتلال يسابق الزمن عبر تكثيف الاعتداءات وارتكاب أفظع الجرائم، بتدمير كل ما تبقى في القطاع شماله وجنوبه، في ظل تزايد الضغوط لوقف إطلاق النار.

وأشارت إلى أن هدف الاحتلال، واضح فهو يقوم بتحويل القطاع إلى ركام غير صالح للحياة، ليجبر مواطنيه بكل الوسائل على تركه.

رقعة شطرنج بشرية

ولخّصت جيما كونيل، التي تقود فريقًا إنسانيًا تابعًا للأمم المتحدة، ما يحدث في القطاع، بأنه "لا مكان آمن"، فالأمر يبدو وكأنها رقعة شطرنج بشرية، يفر بداخلها آلاف النازحين عدة مرات، في وقت لا يوجد أي ضمان لسلامتهم.

تقول "كونيل"، إن الجميع يتجهون جنوبًا، في محاولة للحصول على مكان آمن، وتحديدًا إلى رفح، ليبدو الأمر وكأنه يتم نقلهم حول رقعة شطرنج بشرية، لوجود أمر إخلاء في مكان ما.

وقالت "كونيل" إنها شاهدت طفلًا يبلغ من العمر تسعة أعوام، في مستشفى الأقصى بدير البلح، حيث تم نقل العديد من جرحى الغارات الجوية، مشيرة إلى أن هذا الطفل لم يكن في منطقة صدرت بشأنها أوامر إخلاء، بل في منطقة من المفترض أن تكون آمنة.

ويتجه الآلاف يوميًا إلى رفح، التي تقع في أقصى جنوب السهل الساحلي الفلسطيني، وتبعد عن مدينة غزة بمسافة 38 كيلو مترًا، وهي مدينة ذات مناخ شبه صحراوي، رغم قربها من البحر المتوسط، وتصل درجات الحرارة فيها إلى 10 درجات في الشتاء، وتبلغ مساحتها 151 كيلومترًا مربعًا من أصل 365 كيلومترًا هي مجمل مساحة قطاع غزة.

شهادات النازحين 

ويعاني الفلسطينيون النازحون داخل قطاع غزة العديد من الكوارث والأزمات، أبسطها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتكدس في المناطق التي لا يجدون فيها مأوى لهم، إلى جانب نقص المرافق الصحية وجوع الأطفال.

نقلت "سي إن إن"، عن بعض النازحين شهاداتهم ومحاولاتهم للبقاء على قيد الحياة في رفح، بعد إجبارهم على ترك منازلهم، إذ يقول أبو مصباح (عامل بناء يبلغ من العمر 51 عامًا من الشجاعية في شمال غزة) إنه يعول أسرة مكونة من عشرة أفراد، وتعد رفح هي المحطة الثالثة له ولأسرته في رحلة تكلفه كل ما يملك، مضيفًا: "منذ بداية الحرب، توقفت الأموال في كل غزة، الطريقة التي أعيش بها هي التسول هنا وهناك، وطلب المساعدة من أي شخص".

ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني، فسعر الملح أصبح أغلى بخمس عشرة مرة مما كان عليه قبل الحرب، والدقيق أصبح أغلى بأربعة أضعاف على الأقل، بحسب "مصباح".

يشير "مصباح" إلى أنه لا يستطيع تلبية احتياجات أسرته، فالإمدادات المحدودة من الخضار والفواكه لا يمكن تحملها، يتذكر كيف طلب أطفاله البرتقال لكنه لم يجلبه لهم لأنه لا يستطيع تحمل تكلفته، مؤكدًا أن عائلته تعاني الجوع باستمرار، وأنه كان يتسول الطعام في مدارس الأمم المتحدة التي تحولت إلى ملاجئ، كما أنه لجأ إلى منزل في رفح وفر لهم مساحة صغيرة للعيش فيها.

أما أم عمر (50 عامًا) فنزحت إلى رفح مع أسرة مكونة من 9 أفراد، وهي تعيش الآن في خيمة، مؤكدة أنهم لفترة من الوقت كانوا يخيّمون خارج مستشفى النصر، وخلال الهدنة عادوا لمنزلهم لفترة وجيزة ليجدوا جميع النوافد والألواح الشمسية مكسورة والمطبخ مدمر.

تعيش "أم عمر" مع أسرتها، عددهم 9، في خيمة مساحتها متران في متر واحد، اشتروها بأموالهم التي كانوا يدخرونها.

تقول المرأة الفلسطينية، إنهم كانوا يعتمدون على المعلبات التي ارتفعت أسعارها بأربعة أضعاف على الأقل، مضيفة: "الحياة صعبة ومهينة، كلمة مهينة ليست قريبة حتى من وصفها".

تشير إلى أن الأسرة تمكنت من الحصول على الدقيق من الأمم المتحدة، لكنهم لم يتمكنوا من خبزه لأنهم يعيشون في الشوارع.

أما محمد الزنين (33 عامًا من سكان بيت حانون) فيعتني بسبعة أشخاص، اعتاد تسليمهم المنتجات بعربة يجرها حمار، إذ تعيش أسرته في خيمة مؤقتة في رسة تابعة للأمم المتحدة في رفح.

وقال الزنين، إن الجيش الإسرائيلي منعه من إحضار عربته وحماره من الشمال، رغم أنه كان يحمل والدته المعاقة، وقال إنها ظلت في مكانها، وعلم أنها قتلت في منطقة كمال العدوان في شمال غزة.

وتحذر الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية، من تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، بسبب عدم كفاية الإمدادات الغذائية وسوء المرافق الصحية أو عدم وجودها من الأساس، إضافة إلى الاكتظاط وانتشار الأمراض المعدية، مؤكدة أن حجم المساعدات التي تدخل القطاع غير كافٍ على الإطلاق.