كوريا الجنوبية، صاحبة أدنى معدل مواليد في العالم، قد تجد نفسها قريبًا، بدون قوات كافية لإبقاء جيشها بكامل أفراده، بينما تتعامل مع التهديدات الجديدة في منطقة غرب المحيط الهادئ المتوترة بشكل متزايد، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، نقلًا عن محللين.
لا مفر من التخفيض
ولأنها حذرة دائمًا من التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، تحتفظ كوريا الجنوبية بقوة عاملة قوامها نحو نصف مليون جندي. ولكن مع معدل مواليد يبلغ 0.78 طفل فقط لكل امرأة على مدى العمر، قد تكون الحسابات الرقمية أكبر عدو لكوريا الجنوبية في الوقت الحالي، ويقول الخبراء إنه ليس أمامها خيار سوى تقليص حجم قواتها.
ونقلت الشبكة عن تشوي بيونج أوك، أستاذ الأمن القومي بجامعة سانج ميونج، قوله: "مع معدل المواليد الحالي لدينا، فإن المستقبل محدد سلفًا، وتقليص حجم القوة سيكون أمرًا لا مفر منه".
وأضاف أنه "للحفاظ على مستويات القوات الحالية، يحتاج الجيش الكوري الجنوبي إلى تجنيد 200 ألف جندي سنويًا".
لكن في عام 2022، وُلد أقل من 250 ألف طفل في كوريا الجنوبية، وبافتراض وجود تفاوت بين الذكور والإناث بنسبة 50 إلى 50، فإن هذا يعني أنه في غضون 20 عامًا، عندما يصل هؤلاء الأطفال إلى سن الالتحاق بالجيش، سيكون هناك نحو 125 ألف رجل فقط متاحين لـ200 ألف مكان مطلوب.
ولا يتم تجنيد النساء في كوريا الجنوبية، وتمثل المتطوعات 3.6% فقط من الجيش الكوري الحالي، وفقًا لأرقام وزارة الدفاع.
ومن المتوقع أن ينخفض العدد السنوي للأطفال حديثي الولادة أكثر، إلى 220 ألفًا في عام 2025 و160 ألفًا في عام 2072، وفقًا لهيئة الإحصاء الكورية.
وفي حين أن انخفاض معدل المواليد في كوريا الجنوبية كان يتصدر عناوين الأخبار في السنوات الأخيرة، إلا إنه اتجاه توقعه جيش البلاد واستعد له.
في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، قررت سول طوعًا خفض عدد الجنود العاملين من 674 ألف جندي في عام 2006 إلى 500 ألف بحلول عام 2020، استنادًا إلى فرضية مفادها بأن التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية سوف يتضاءل تدريجيا، ولتعزيز قوة نخبة عسكرية أصغر.
وحققت المؤسسة العسكرية الكورية الجنوبية هذا الهدف، حيث خفضت حجم القوات بنسبة 27.6% في غضون عقدين من الزمن، من عام 2002 إلى عام 2022.
الفرضية الخاطئة
لكن الفرضية القائلة بأن التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية سوف يتضاءل ثبت أنها خاطئة، بعد وصول كيم جونج أون، إلى السلطة في بيونج يانج في عام 2011.
فرغم من فترات الهدوء القصيرة أثناء تفاوض زعيم كوريا الشمالية مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة للحد من التوترات، فقد دفع إلى تعزيز هائل في القدرات العسكرية لكوريا الشمالية، وخاصة في برامجها للصواريخ الباليستية.
وبعد اختبار كوريا الشمالية لصاروخها الباليستي الخامس العابر للقارات هذا العام، حذر كيم من أن بلاده لن "تتردد" في شنّ هجوم نووي عندما يمارس العدو الاستفزاز بأسلحته النووية، في إشارة إلى نشر منصات أسلحة أمريكية ذات قدرة نووية في جميع أنحاء شبه الجزيرة الكورية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية في وقت سابق من هذا الشهر.
ولكن إذا هاجم "كيم" عبر خط العرض 38، الذي يقسم كوريا الشمالية والجنوبية بعد هدنة عام 1953 التي أوقفت الحرب الكورية، فإن الجيش الكوري الجنوبي هو الذي سيتحمل العبء الدفاعي الأكبر، حسبما ذكرت "سي. إن. إن".
التحول للتكنولوجيا
وحسب الشبكة، يقول الخبراء إن كوريا الجنوبية يجب أن تنظر إلى العلم لمواجهة التهديد الكوري الشمالي، ومعالجة أزمة القوى العاملة بالتحول التكنولوجي.
ونقلت الشبكة عن تشون إن بوم، وهو فريق سابق في الجيش الكوري الجنوبي: "لقد كانت لدى سلطات الدفاع الكورية سياسة طويلة الأمد مفادها بأننا سننتقل من جيش يركز على القوى البشرية إلى جيش موجه نحو التكنولوجيا".
ولفتت إلى أنه في عام 2005، أصدرت وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية خطة لتطوير جيشها إلى قوة تركز على العلوم والتكنولوجيا بحلول عام 2020، لكن التقدم كان ضئيلًا.