تحاول القوى العظمى فرض سيطرتها على محيط القطب الشمالي - وفقًا للقانون الدولي لا تملكه أي دولة - بسبب زيادة أهميته الاستراتيجية عقب الثورة الصناعية التي ازداد معها فتح طرق تجارية جديدة تربط البلدان بعضها ببعض أكثر من أي وقت مضى، لكن الانقسام بين الدول في تحقيق مصالحها وفق أجندتها المطروحة هو الأمر السائد.
التقارب "الروسي - الصيني" لتنفيذ مشروعات الربط في القطب الشمالي، جعل مجلس العموم البريطاني يدق ناقوس الخطر، ويدعو الحكومة لمزيد من التركيز في المنطقة، وذلك على لسان لجنة التدقيق البيئي التابع له، وهو ما دفع بريطانيا لإعلان إنشاء مجموعة وزارية تضم في طياتها من يسمون بـ"كبار قادة القطب الشمالي" في جميع الوزارات، وفقًا لـ"telegraph البريطانية".
الصين وروسيا
في العقدين الماضيين، أعادت روسيا فتح سلسلة من قواعد الحقبة السوفيتية بالقطب الشمالي، وفي عام 2022 كانت لديها محطات للقوات البرية هناك أكثر من حلف الناتو العسكري، وتسعى روسيا وفقًا لـtelegraph البريطانية، إلى الربط بين ممرات النقل، التي تضمن تطوير خط عبر سيبيريا في المستقبل القريب؛ وتعزيز خط "ترانس بايكال" الأكثر ازدحامًا في العالم، الذي يربط جبال الأورال بالشرق الأقصى.
في الشهر الماضي أيضًا أبحرت ناقلتا نفط روسيتان من مورمانسك عبر القطب الشمالي إلى الصين للمرة الأولى؛ التي كانت أقصر في رحلتها لمدة 10 أيام من خلال ممر تجاري آخر، بجانب إنشاء قناة "تشيناي-فلاديفوستوك"، التي سيتم ربطها بممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، كما اتفقت الهند وروسيا على تدريب مشترك في المياه القطبية والقطب الشمالي.
في الوقت نفسه، لم تكن أعين بكين غائبة، وبينت اهتمامها بشكل متزايد لتلك المنطقة، إذ يفتح ذوبان الجليد طرق الشحن التي يمكن أن تقلل أوقات السفر بين أوروبا والصين بمقدار 11 إلى 14 يومًا، وذلك الاهتمام جاء ضمن مبادرة الحزام والطريق، التي تبنتها الصين كاستراتيجية عالمية لتطوير البنية التحتية والاستثمار.
قلق بريطاني وعودة للاهتمام
لجنة التدقيق البيئي للأبحاث القطبية في مجلس العموم البريطاني، كشفت في تقريرها الذي ألقاه جيمس جراي، رئيس حزب المحافظين، أن المخاوف تتمثل في أن المسائل المهمة المتعلقة بالقطب الشمالي لم تؤخذ على محمل الجد والإلحاح كما ينبغي في وايتهول، نسبة إلى الشارع الذي تتجمع فيه جميع الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة.
وقال رئيس المحافظين، إنهم فوجئوا بأنه على الرغم من أن سياسة القطب الشمالي في بريطانيا لها مكاتب تشمل عدة إدارات في الحكومة، إلا أن الوزراء المسؤولين لم يجتمعوا أبدًا، ويعتبر التفكير المشترك ضروريًا للمنطقة بعد زيادة الاهتمام والنشاط من روسيا والصين فيه.
مجموعة وزارية جديدة
وفي ردها على انتقادات مجلس العموم، كما أشارت telegraph البريطانية، أكدت الحكومة البريطانية في خطابها أنه وفقًا لما أثارته اللجنة فإنها تسعى إلى إنشاء مجموعة وزارية تضم وزراء تتعلق مناصبهم بالقطب الشمالي، تجتمع بشكل دوري للمساعدة في تعزيز تنسيق سياسة الحكومة حول القطب الشمالي، رافضة للمقترح الذي يطالب بإرسال سفينة حكومية إضافية إلى المنطقة للمساعدة في الأبحاث.
وتعليقًا على ذلك المقترح، نقلت الشبكة ترحيب ديفيد روتلي، وكيل الوزارة البرلمانية للأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبي وأقاليم ما وراء البحار، وأيضًا رئيس إدارة المناطق القطبية وما يُسمى بـ"كبار قادة القطب الشمالي" في وزارة الخارجية، بالفكرة، إذ أكد "روتلي" أن تلك الهيئة الجديدة ستؤدي إلى مزيد من التركيز داخل الحكومة على هذا الملف، والتفكير المشترك بين الوزراء المختلفين عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الوطنية للمملكة المتحدة في منطقة القطب الشمالي، لكن الشبكة أكدت أنه من غير الواضح متى سيتم إنشاء المجموعة الوزارية الجديدة لمنطقة القطب الشمالي أو عدد المرات التي ستجتمع فيها؟
التغير المناخي
يأتي ذلك في الوقت الذي حذّر فيه خبراء المناخ من ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي بشكل متكرر، إذ وصلت 30 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي في أعماق الشتاء، ويمكن أن يزيد ثانية وأكثر شيوعًا خلال السنوات المقبلة، نتيجة لتغير المناخ بفعل الثورة الصناعية والاحتباس الحراري، وفقًا لما نشرته telegraph البريطانية عن الأرصاد الجوية.