تسود الأوساط الأمنية في بريطانيا حالة كبيرة من القلق، بعد أن شهدت الأشهر الست الماضية عاصفة من المواد المخدرة شديدة القوة التدميرية تسببت في سقوط 94 حالة وفاة بين المتعاطين.
ولفت تحقيق نشرته صحيفة "الإندبندنت" إلى أن "المخدرات تجتاح البلاد على الطريقة الأمريكية"، حيث انتشرت كميات ضخمة من المخدرات التي يروّج لها عدد من العصابات شديدة العنف. محذرًا من أن تشهد بريطانيا موجة كبيرة من الوفيات بسبب هذه "المخدرات المميتة"، حسب تعبير الصحيفة.
وتوصل التحقيق الصحفي إلى انتشار مواد أفيونية مُصنّعة تُسمّى Nitazenes، التي تُعادل تأثير الأفيون الطبيعي بـ500 مرة على الأقل، في أكثر من 20 منطقة بالمملكة المتحدة، منذ شهر سبتمبر الماضي.
كما يخشى عدد من نشطاء الصحة في البلاد من أن يؤدي هذا المخدر إلى كارثة متفاقمة أكبر من التي شهدتها البلاد في أعقاب انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في ثمانينيات القرن الماضي.
انتشار سريع
خلال الأشهر الماضية، ربطت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا NCA، ما يقرب من 54 حالة وفاة مرتبطة بانتشار المخدر الجديد -الذي أشار التحقيق الصحفي إلى تداوله وتوزيعه في صورة عدد من الأدوية القانونية- بين شهري يونيو وديسمبر؛ بينما ينتظر ما يقرب من 40 ضحية آخر تقارير فحص السموم من الطب الشرعي.
ويتوقع أحد الخبراء، الذين استعان بهم التحقيق، أن تشهد بريطانيا موجة وفيات ضخمة بسبب المخدر -الذي تم اكتشافه عام 1950 كمثبط للألم- بنفس الطريقة التي تشهدها الولايات المتحدة حاليًا.
وتنقل الصحيفة عن الدكتورة كاولين كوبلاند، مديرة البرنامج الوطني لمكافحة الوفاة بسبب المخدرات بالكلية الملكية في لندن، قولها إن أول انتشار لهذا المخدر في بريطانيا كان عام 2019، لكن التدفق الذي تشهده حاليًا بدأ في عام 2021.
وذكرت الصحيفة أن بريطانيا "لديها بالفعل مشكلاتها الخاصة بالمخدرات والوفيات الناتجة عنها. والآن نجد هذه الوتيرة المتسارعة مثلما يحدث في الولايات المتحدة".
مضاعفة الوفيات
تشير تقارير عدة إلى ارتفاع نسبة الوفيات جراء تعاطي المخدرات في بريطانيا والولايات المتحدة خلال العقد الأخير، حيث سجلت إنجلترا ومقاطعة ويلز 4907 حالة وفاة في عام 2022؛ بينما سجلت الولايات المتحدة أكثر من 70 ألف ضحية لتعاطي "الأفيونات" الصناعية.
وبينما أصدرت عددًا من السلطات الصحية في البلاد تحذيرات من عدم تداول الأدوية دون وصفة طبية، استطاعت الشرطة البريطانية في أكتوبر الماضي، ضبط أكثر من 150 ألف قرص مخدر من الأفيونات الصناعية، وهي الكمية الأضخم في تاريخ العاصمة، وكان يتم تصنيعها شرق لندن، التي رجحوا أنه يتم بيعها عبر شبكة الإنترنت المظلمة.
وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية إلى أن السلطات الأمنية في البلاد في حالة تأهب بسبب انتشار أنواع المخدرات التخليقية؛ لافتًا إلى أن بريطانيا قامت بتكوين فرق عمل بين قطاعات الحكومة، من أجل إحباط تهريب هذه المواد أو تداولها.