بعد 600 يوم من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي خلفت خسائر فادحة في القوات والمعدات والمدنيين، بجانب توقف الحياة بشكل شبه كامل في العديد من المناطق التي طالتها الحرب، مازالت أحلام السلام والخروج من نفق الصراع بعيدة المنال، ومع تشبث الطرفين بتحقيق أهدافهما، أصبحت أي محاولات للتهدئة أو التفاوض مجرد أقوال.
في 21 فبراير 2022، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا اعترفت باستقلال دونيتسك ولوهانسك، وبعد ثلاثة أيام، شن بوتين هجومًا عسكريًا على أوكرانيا، بدعوى حماية سكان منطقة دونباس من الحكومة الأوكرانية، وأدت الحرب إلى قيام القوات الروسية بمهاجمة المدن الكبرى والبنية التحتية في أوكرانيا.
خسائر مدنية ونزوح الملايين
وطبقًا لموقع statista العالمي للإحصائيات، فإن ما يقرب من 10 آلاف مدني أو أفراد غير مسلحين قد قتلوا منذ بداية الصراع حتى الآن، علاوة على الإبلاغ عن إصابة 17535 شخصًا، ومع ذلك أشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى أن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى، بجانب الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب، حيث نزح آلاف الأوكرانيين داخليًا أو فروا إلى الخارج، وسجلت دولة بولندا المجاورة أكبر عدد من المعابر الحدودية من أوكرانيا، بنحو 14.4 مليون حتى أغسطس 2023، تليها روسيا والمجر ورومانيا.
حرب السماء الأخطر بين الطرفين
ورغم اندلاع الحرب برًا وبحرًا وجوًا، إلا أن الصراع للسيطرة على السماء هو الأكثر عنفًا بين الطرفين خلال الحرب، حيث نقلت مجلة مجلة newsweek الأمريكية عن ميخايلو فيدوروف، وزير التحول الرقمي في كييف، قوله إن أوكرانيا تراقب عن كثب التقدم الذي تحرزه روسيا في تطوير الطائرات بدون طيار، والموارد الكبيرة التي تخصصها لها، كاشفًا عن أنها تسعى لتطوير عشرات الآلاف من الطائرات الاعتراضية لصد الذخائر الروسية العسكرية الجوية.
أطلقت كييف أيضًا حملة منفصلة لجمع التبرعات لحماية مدن البلاد والبنية التحتية من طائرات "شاهد" الانتحارية الروسية سيئة السمعة، مؤكدًا أن الوضع في الخطوط الأمامية يعتمد على الطائرات بدون طيار، وسيدعم التمويل شراء 5000 طائرة بدون طيار FPV مزودة بكاميرات حرارية ونهارية، بمدى يصل إلى 22 كيلومترًا، وستصل دفعة أولية مكونة من 3000 طائرة بعد وقت قصير من العام الجديد، على أن تتبعها الدفعة الثانية في فبراير 2024.
عقوبات لم تجد نفعًا لوقف الصراع
عقب الحرب فرضت الدول الغربية والولايات المتحدة، عقوبات على روسيا، استهدفت القيود القطاع المالي، والأفراد المرتبطين بالحكومة، وحظر الطيران، وصادرات منتجات التكنولوجيا الفائقة إلى روسيا، في محاولة منها لكبح التفوق الروسي على الأرض، وعلقت أيضًا شركات عالمية كبرى عملياتها في روسيا.
كان آخر تلك العقوبات، ما وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن، طبقًا لما نشرته صحيفة Abc News الأمريكية الجمعة الماضي بتوسيع نطاق حظر الاستيراد على بعض السلع الروسية، بجانب توجيه تهديد لأي شخص يدعم المجهود الحربي لروسيا، ولكن مع اقتراب انتهاء الحرب من عامها الثاني يبدو أن تلك العقوبات لم تجد نفعًا أمام الترسانة الروسية، سوى الإضرار الذي لحق بالعملة والتي سرعان ما تعافت مرة أخرى.
أحلام السلام بعيدة المنال
ووفقًا لمجلة newsweek الأمريكية، فإن قرار بوتين الأخير ضمن المرسوم الذي وقعه منتصف الشهر الحالي، بزيادة عدد القوات العسكرية بنسبة 15%، والذي أرجعه إلى تهديدات مرتبطة بالحرب في أوكرانيا والتوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي، يعتبر بمثابة إعلان رسمي باستمرار الحرب خلال 2024.
ونقل موقع ISW الخاص بدراسات الحروب في العالم، عن الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قوله أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، غير مهتم بتحقيق نصر إقليمي محدود في أوكرانيا، وسيواصل الحرب "حتى النصر النهائي"، وهو ما يعني أن القادم لا يبشر بالسلام أو وقف القتال.