مأساة حقيقية يتعايش معها سكان قطاع غزة، لا سيما الشمال، بعد أن بات بلا مستشفيات، في ظل وضع صحي أقل ما يوصف به أنه يمثل كارثة، وحالة من العدوان لم تخف وطأتها ولو برهة يلتقط فيها الفلسطينيون العزّل أنفاسهم.
وبينما تتمسك الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق نار في مقابل عقد صفقة ثانية لتبادل المحتجزين مع إسرائيل، يتمسك الاحتلال بمواصلة عملياته القتالية في القطاع حتى عودة كامل محتجزيه من غزة، والقضاء على حركة حماس، المحرك والمسؤول الرئيسي عن هجمات 7 أكتوبر المباغتة على إسرائيل.
مكررًا دعوته لوقف إطلاق النار في غزة، أدان رئيس منظمة الصحة العالمية، اليوم الأحد، "تدمير" النظام الصحي في القطاع، ووصفه بـ"المأساة".
كان تيدروس أدهانوم جيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، كتب على موقع إكس: "إن تدمير النظام الصحي في غزة هو مأساة"، مضيفًا "نحن مستمرون في الدعوة إلى وقف إطلاق النار الآن".
وفي السياق ذاته، أشاد المسؤول الأممي، بالعاملين الطبيين في غزة الذين يواصلون عملهم في ظل ظروف صعبة بشكل متزايد، متعهدًا بمواصلة دعم عملهم وتوصيل الإمدادات لهم.
قال تيدروس: "في مواجهة انعدام الأمن المستمر وتدفق المرضى الجرحى، نرى الأطباء والممرضات وسائقي سيارات الإسعاف وغيرهم يواصلون السعي لإنقاذ الأرواح".
تابع: "وسيواصل شركاؤنا في مجال الصحة العمل جنبًا إلى جنب معكم، لتوصيل الإمدادات، ودعم توفير الرعاية، ونقل المصابين بجروح خطيرة".
تدمير آخر مستشفيات الشمال
والجمعة الماضي، تعمّد جيش الاحتلال الإسرائيلي، تدمير مستشفى كمال عدوان، آخر المستشفيات العاملة في شمال قطاع غزة، وتجريف خيام النازحين بمدخل المنشأة الصحية بما فيها من مدنيين، ما أسفر عن استشهاد ثمانية مرضى بينهم طفل يبلغ من العمر تسع سنوات.
وانتقد المدير العام للصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، في بيان وقتها، ما وصفه بـ"التدمير الفعلي" لآخر مستشفيات شمال القطاع، وأدان مداهمات مستمرة على مدى أربعة أيام للمستشفى سبقت تدميره قبل أيام، تم خلالها اعتقال العديد من العاملين في مجال الصحة.
وكتب "تيدروس" على منصة التواصل الاجتماعي إكس وقتها:" كان النظام الصحي في غزة في حالة ركود بالفعل، كما أن خسارة مستشفى آخر يعمل بشكل محدود يمثل ضربة قاسية".
وشدد "يجب أن تنتهي الهجمات على المستشفيات والعاملين الصحيين والمرضى"، مضيفًا "يجب وقف إطلاق النار".
الجرحى ينتظرون الموت
وقال تقرير أوردته الصحة العالمية، الخميس الماضي، إن جرحى شمال غزة ينتظرون الموت، مع توقف آخر مستشفياته عن العمل.
ورصد التقرير الأممي حالة صعبة يعيشها الجرحى ممن يحتاجون للعمليات الجراحية، ولا يمكن نقلهم لمكان آمن، بوصفهم "ينتظرون الموت" مناشدًا بوقف إطلاق النار والسماح بدخول مزيد من المساعدات للقطاع.
9 مستشفيات من أصل 36
وفي أعقاب زيارة أجراها فرق الأمم المتحدة إلى مستشفى الأهلي العربي المعمداني والشفاء في جنوب القطاع، الأربعاء الماضي، أكد تقرير للمنظمة، أن 9 مستشفيات فقط لا تزال تمارس عملها بشكل جزئي، من أصل 36 مشفى، جميعها في الجنوب.
وأفاد التقرير بوجود 10 من الأطباء والممرضين المبتدئين بالمستشفى المعمداني، ممن يواصلون تقديم الإسعافات الأولية لنحو 80 مريضًا يحتمون حتى وقت إصدار التقرير بالكنيسة في مجمع المستشفى.
ورصد دكتور ريتشارد بيبركورن ممثل المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة والقائم بأعمال منسق الشؤون الإنسانية، الوضع المتدهور للمرضى في الجنوب، وحذر، حينها، من أن بعض المرضى مصابون بجراح بالغة وينتظرون إجراء عمليات جراحية منذ أسبوعين، بينما يتعرض من خضعوا للعمليات لمخاطر الإصابة بالالتهابات لعدم وجود المضادات الحيوية اللازمة، وشدد على الحاجة العاجلة لإجلاء هؤلاء المرضى لإنقاذ حياتهم.
متى تتهيأ الظروف لوقف إطلاق النار؟
وبينما يتفاقم الوضع الصحي الكارثي في القطاع، يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة عبر العمليات البرية، والغارات الجوية فوق المنازل والمنشآت المدنية والصحية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني.
ولا يزال مجلس الأمن عاجزًا عن تبني قرار ملزم بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفي آخر جولاته، الجمعة الماضي، تبنى قرارًا بتوسيع وصول المساعدات في القطاع.
وأيّد 13 عضوًا وامتنعت الولايات المتحدة وروسيا، قرارًا يسمح بـ"اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورًا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية".