قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إنّ الجامعة العربية تُثمن هذا التعاون الممتد على كل المستويات مع روسيا الاتحادية، التي تُعد الشريك الدولي الفاعل الذي يربطنا به تاريخ مديد من العلاقات السياسية، فضلًا عن مقومات تاريخية وثقافية تمثل أرضية صلبة يمكن البناء عليها من أجل تدعيم أواصر العلاقات بيننا، ولتعزيز قدرتنا سويًا على مواجهة الأزمات والتحديات المشتركة.
وأضاف "أبو الغيط" خلال كلمته في الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي، اليوم الأربعاء، أنّ العلاقات "العربية - الروسية" أثبتت فعاليتها على مر التاريخ، من خلال التعاون الوثيق والثقة المتبادلة، ولا زالت جامعة الدول العربية تسعى للمزيد من تطوير هذه العلاقات وتعميقها.
وتابع: "إنّ العلاقة مع روسيا تقوم على أساس من الندية والاحترام المتبادل والفهم المشترك للقضايا محل الاهتمام من جانب كل طرف، وليس بخافٍ ما مرت به المنطقة العربية في السنوات الأخيرة من تحديات أمنية وسياسية، وهزات تعرضت لها بعض دولها، إن تجاوز هذه الأزمات المعقدة في سوريا واليمن والسودان والصومال، يحتاج إلى تفهم وتعاون من القوى الدولية الكبرى، من بينها روسيا بكل تأكيد فهي شريك أصيل للكثير من دولنا بالجغرافيا والتاريخ وإرث التعاون السياسي الوثيق".
التحديات التي تواجه المنطقة
ومن بين التحديات التي تواجه منطقتنا، تظل القضية الفلسطينية همًا رئيسيًا وجُرحًا غائرًا في قلب أمتنا، وجمعينا يُتابع الجريمة التي تُرتكب اليوم بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من قتل لآلاف الأبرياء، جُلهم من النساء والأطفال إلى تدمير مُتعمد للبُنية الأساسية من المستشفيات والمدارس وتهجير للناس وإخراجهم من بيوتهم، وأقول إنّ العالم كله يُتابع وقائع هذه الجريمة النكراء، التي أعادت إلى الأذهان توحشًا وخروجًا على الحضارة كنا نظن أن البشرية تجاوزته وبرئت منه.
وأكد "أبو الغيط" أن جريمة غزة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ليست عارًا عليه فقط.. وإنما عار على كل من شارك بالتأييد أو الدعم أو الصمت على الجرائم.. لا مُسمى لما يجري في غزة سوى بأنه مذبحة وحرب إبادة وتطهير عرقي.
وذكر أنّ كل من يقف ضد وقف فوري لإطلاق النار في غزة يحمل على يديه دماء الأبرياء، الذين تزهق أرواحهم بلا جريمة أو ذنب.
تدمير المجتمع الفلسطيني
أضاف أنّ خطة الاحتلال صارت واضحة، وهي تدمير المجتمع الفلسطيني في غزة والقضاء على إمكانات الحياة في القطاع لفترة طويلة، أو تهجير أهله قسريًا، إذ يتحقق فصل الشعب عن أرضه، وتنتهي القضية الفلسطينية ويتم تصفيتها، وهو ما لن يكون أبدًا.
وإننا نُثمن عاليًا الدول التي اتخذت، ومن البداية، خيار الانحياز للجانب الصحيح من التاريخ، التي سمت الأشياء بمسمياتها، وعبّرت بوضوح عن موقف متوازن جوهره أن الاحتلال واستمراره هو لب المشكلة وأصل القضية، وأن تاريخ الصراع لم يبدأ في 7 أكتوبر الماضي، بل قبل ذلك بكثير.
مأساة غزة
وأشار أبو الغيط إلى أن معالجة مأساة غزة ومنع تكرارها، يتطلب حلًا جذريًا لمسببات اشتعالها، وأعني هنا تطبيق حل الدولتين بأسرع وقتٍ ممكن؛ فغزة جزء من القضية الفلسطينية، ومعالجة مشكلتها لا تكون سوى بمعالجة القضية وتسويتها، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لا حل سوى أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم وأن تكون لهم سيادة على أرضهم تطبيقًا لحق تقرير المصير، الذي ما زال قادة إسرائيل يتنصلون منه ويرفضونه ويعلنون على الملأ –وبلا خجل- أنهم سيستمرون في اغتصابه عبر ممارسة الاحتلال، وعلى كل من يسعى لتحقيق سلام مستدام، ومن بينها روسيا الاتحادية، لصالح شعوب المنطقة جميعًا، أن يُدرك أن الاحتلال هو أصل القضية وأن إنهاءه بداية الحل.