يشهد قطاع غزة واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدة وقسوة في تاريخها المعاصر، فبينما يعاني سكانه من الحصار منذ عقود، تفاقمت آثاره بشكل كبير بسبب العدوان الوحشي الأخير، وقد بلغ مستوى المعاناة والمرض والجوع أبعادًا لم تسبق لها حدود، بحسب تحذيرات الجهات الإنسانية الدولية والشهادات الميدانية، خاصة أن سلاح الجوع بدأ ينهش في أجساد الكبار والصغار في القطاع المنكوب.
بحسب فيليب لازاريني، تحذيرات المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن سكان قطاع غزة يعانون مستويات مرتفعة ومزعجة من الجوع لم يسبق لها مثيل.
وفي شهادة حزينة، قال "لازاريني" إن الوضع الإنساني في غزة وصل مرحلة حرجة، حيث شهد بنفسه أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين وهم يعيشون في ظروف معيشية صعبة للغاية، وسط انعدام شبه كامل للسلع الأساسية.
وأشار إلى أنه شاهد أمرًا جديدًا تمامًا، وهو أن السكان يوقفون شاحنات المساعدات ويأخذون الطعام منها ويتناولونه على الفور، ما يدل على يأسهم وجوعهم.
وأضاف "لازاريني" أنه زار مدينة رفح جنوب قطاع غزة أخيرًا، وفوجئ بالزيادة الهائلة في أعداد اللاجئين، حيث وصل عدد سكان المدينة أكثر من مليون نسمة، فيما كان عددهم قبل الحصار نحو 200 ألف نسمة.
كما أشار إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها هؤلاء اللاجئون، حيث يضطرون للوقوف في طوابير لساعات طويلة من أجل استخدام المراحيض، فيما ينام الأطفال على الأرضيات الخرسانية دون أي بطانيات أو ملابس لتغييرها لأكثر من شهر.
وتأتي شهادة "لازاريني" بعد يومين من تصريحات نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو الذي لفت إلى استخدام إسرائيل لسلاح "الجوع" ضد غزة.
وأوضح "سكاو" أن الأمم المتحدة تدرس حاليًا الأدلة على استخدام الجوع كسلاح حرب في الصراع، مشيرًا إلى أنها لم تتوصل بعد إلى نتيجة نهائية.
لكنه أكد في الوقت ذاته أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تحدث مرارًا وتكرارًا عن حدوث انتهاكات متكررة للقانون الدولي، ولا سيما الهجمات على البنية التحتية المدنية والمخابز.
في حين قالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إن هناك 12 طفلًا في مستشفى كمال عدوان يعانون نقصًا كبيرًا في المواد الغذائية، فلا ماء لهم ولا غذاء، وهم محتجزون داخل الحاضنات.
وقبل أسبوع، حذرت الأمم المتحدة من أن نصف سكان غزة يعانون الجوع بينما تنهار العملية الإنسانية هناك.
كما وصفت المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قطاع غزة بأنه المكان الأخطر في العالم بالنسبة للأطفال، مشددة على أن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لوقف قتل وإصابة المزيد من الأطفال.
ووفقاً لإحصائيات رسمية فلسطينية، خلّف العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة حتى الجمعة الماضي أكثر من 18 ألف شهيد و51 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال. كما دمرت البنية التحتية بشكل كبير ما أدى لما وصفته مصادر رسمية بـ"كارثة إنسانية غير مسبوقة".
ومع اندلاع الحرب قامت إسرائيل بقطع كافة إمدادات الكهرباء والمياه والوقود والغذاء عن سكان القطاع. كما استهدفت الغارات الإسرائيلية المخابز والمصانع ومحطات مياه الشرب ما تسبب في مجاعة وأزمة إنسانية حادة.