مشوار فني حافل لدى المخرج المصري مروان حامد قدّم خلاله العديد من العلامات السينمائية البارزة، التي باتت أيقونات في عالم السينما المصرية والعربية، تعاون فيها مع كل الأجيال السينمائية بداية من عادل إمام ويسرا ونور الشريف وإسعاد يونس وخالد صالح في "عمارة يعقوبيان" الصادر عام 2006 وأولى أفلامه الروائية الطويلة، لتنطلق رحلته وتصبح كل محطة علامة مميزة تؤكد مدى إتقان وإبداع المخرج الشاب، وقدرته على تقديم قصص مميزة وشخوص مختلفة مثلت كل واحدة منهم نقلة فنية كبيرة.
مشوار مروان، صاحب الأفلام الأعلى تسجيلًا للإيرادات في السينما المصرية مثل "الفيل الأزرق 2" و"كيرة والجن"، كان دافعًا لإدارة مهرجان الجونة السينمائي في نسخته السادسة، لمنحه جائزة "الإنجاز الإبداعي" اعترافًا وتقديرًا بما قدمه لصناعة السينما المصرية والعربية، وضمن فعاليات اليوم الثاني للمهرجان أقيمت ندوة للمخرج الشاب حضرها نجوم وصنّاع السينما كان في مقدمتهم يسرا، يسري نصر الله، سلوى محمد علي، تامر حبيب، أحمد داش، محمد فراج، هنا شيحة، بسنت شوقي، هدى المفتي، صفي الدين محمود، أحمد حاتم، أبو، السيناريست مريم نعوم، والفنانة علا رشدي، تطرق خلالها إلى مشواره الفني وكواليس أعماله، وتفاصيل أخرى.
معهد السينما
البداية كانت من معهد السينما.. هكذا بدأ المخرج مروان حامد حديثه، مؤكدًا أن هذه التجربة استفاد منها كثيرًا ومنحته الفرصة للتعرف على أساتذة كبار، مشيرًا إلى أن السينما تتغير دائمًا على المستوى التقني وهذا ينعكس على طريقة السرد، لذلك فمرحلة الدراسة بالنسبة له لا تنتهي.
وأضاف بأنه قبل تصوير أى فيلم جديد يبحث بشكل موسع عن كل عناصر الفيلم، فالسينما هى لغة تواصل وتأثير بين العاملين في الصناعة.
ونوّه إلى أنه ليس شرطًا أن يكون العاملون في الصناعة خريجي معهد السينما ضاربًا المثل بوالده المؤلف وحيد حامد، إذ قال: "لم يدرس والدي السينما، لكنه كان طوال الوقت مهمومًا بما يقدمه للجمهور ويدرس ما حوله لكي تخرج أعماله بشكل صادق".
وتابع الحديث عن والده السيناريست الراحل وحيد حامد وقال إنه صاحب تجربة حياتية كبيرة منذ جاء من القرية إلى المدينة، وفترة تجنيده أثناء حرب 1967، فقد مر بتجارب قوية وثرية شكلت مصدر إلهام له في كتاباته، وأنه لا يزال في مرحلة اكتشاف ثراء والده.
وشدد على أن السينما تصل إلى عدد كبير من الجمهور لذلك على العاملين بها أن يكون لديهم وعي لما يقدمونه، ويلاحقون التطورات.
الإخراج والإنتاج
تطرق مروان حامد لعلاقة المخرج والمنتج، خصوصًا في الأعمال ذات الميزانية الكبيرة، مؤمنًا بأن الاثنين شريكين، وتابع: "عندما دخلت عالم الفن كنت أرى العديد من الفنانين ينتجون أعمالهم، خصوصًا فترة والدي، فهم كانوا محبين للسينما، وكانوا يريدون دائمًا أن يقدموا أفكارهم وما يدور داخلهم، ويجب على المخرج أن يكون مدركًا جيدًا للاقتصاد وأن يخفّض من طلباته بما لا يخل بالرؤية العامة للموضوع، فالفيلم الناجح سواء فى شباك التذاكر أو المهرجانات يساعد على زيادة إنتاج الأعمال السينمائية وهو ما يمنح فرص أكبر للعمالة".
إبراهيم الأبيض
قدّم "حامد" عام 2009 أحد أهم الأفلام المصرية في مسيرته وهو "إبراهيم الأبيض" الذي شارك في بطولته أحمد السقا، ومحمود عبد العزيز، وكشف عن كواليس تحضيره وقال: "الفنان والكاتب عباس أبو الحسن كتب العمل بدقة شديدة ووصف جيد لهذا العالم، وحينما قرأت السيناريو سألته هل تلك الحكايات موجودة بالفعل، فرد عليّ بملف به قصائص من جرائد عن حوادث من هذا العالم، وهذا كان بعيد عني واستهواني، وأصبحت متشوقًا لمعرفة هذا العالم لذلك استغرق الفيلم مني 8 سنوات، وإذا لم يكن لدى إحساس تجاه هذا العمل لم أكن لأقدمه".
وتابع: "أي عمل أقدمه يجب أن أدرسه جيدًا، خصوصًا أنني درست أعمال ألفريد هيتشكوك وكلاسيكيات قديمة أسست بداخلي كيفية تقديم الحكاية بصريًا وتحديدًا هذا النوع من الأعمال".
عمارة يعقوبيان
أما عن أول أفلامه "عمارة يعقوبيان" فروى حامد صعوبات تقديمه وقال: "لقد اختلف الإنتاج مع مُلاك عمارة يعقوبيان في وسط البلد، لذلك لم نستطع التوصل لأي اتفاق حول التصوير بالعمارة، وهو ما جعلني على الفور أقابل مهندس الديكور فوزي العوامري لصناعة عقار مشابه، قبل أن نجد عمارة رائعة في وسط البلد بالقاهرة، وتم الاستقرار عليها لتكون هي عمارة يعقوبيان، لذلك أقول لصنّاع الأفلام إن عليهم التحلي بمرونة تسمح لهم بتقديم ما يريدون في ضوء المعطيات المطروحة والمتاحة على الأرض للخروج بأفضل صورة".
الفيل الأزرق
وواجه مروان حامد تجربة جديدة ومختلفه في فيلم "الفيل الأزرق" الذي قدم منه جزءين ويستعد للثالث، وتمثل التحدي في استخدام الجرافيك، خصوصًا أنه كان يخشى الاقتراب من تلك المنطقة في أعماله، ويقول: "أحاول دائمًا تصوير التفاصيل الحقيقية، وأغلب ما قدمته في "الفيل الأزرق" كان حقيقيًا عدا ما يصعب تقديمه إلا بالجرافيك".
وأكد أنه لم يكن يتخيل أن هناك مكان مثل "عنبر 8 غرب" الذي قدمه في الفيلم، إذ قال: "لولا السينما ما كنت اقتنعت، فهي قادرة على أن تأخذنا لأماكن لا نتخيل أن نذهب إليها من قبل، واستعنا بطبيب نفسي من أجل معرفة الطريقة التي نتعامل بها ويكون لدينا تفاصيل أكثر عن الحالات".
وأشار إلى السينما ليست نقلًا للواقع كما هو، لكن هنا حرية في الاختيار، والممثل هو العنصر الرابط بين المخرج والجمهور، وكلما كان الممثل محترفًا وموهوبًا يحقق صلة الربط في توصيل فكرة الفيلم إلى المشاهد.
واستشهد بالفنان كريم عبد العزيز في فيلم "الفيل الأزرق" وأوضح أن شخصية "يحيى" كان من الممكن أن يعتبرها الجمهور مسؤولة عن موت زوجته وابنته بعد حادث السيارة الذي تسبب فيه بسبب تناوله للكحول، لكن الفنان كريم عبد العزيز استطاع أن يكسب تعاطف وتسامح الجمهور للشخصية عن طريق أدائه المحترف والمتميز.
الأصليين
بسؤال مروان حامد عن فيلم "الأصليين" الذي قدمه عام 2017، بطولة ماجد الكدواني وخالد الصاوي قال: "تعلمت من هذا الفيلم الكثير لأني تخيلت شكله وأنا أصنعه، وكان غير ما ظهر أمام الجمهور على شاشة السينما؛ لذلك حاولت التعلم من السلبيات التي حدثت، وشعرت أنه لا بد أن أكون أكثر وضوحًا، لكنني في النهاية أعتز بهذا العمل".