بينما بلغ الخلاف بين تل أبيب وواشنطن أشده، وسط ضغوط وتقارير أممية تصف حجم الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، بـ"الكارثية"، تدفع إسرائيل عبر كبار مسؤوليها بتقارير تعتبر نسبة قتل الفلسطينيين مُقابل تصفية عناصر حركة حماس "إيجابية"؛ بالنظر لتحديات يفرضها القتال الدائر منذ هجوم 7 أكتوبر.
فلسطينيان مقابل مُسلح من حماس
عدّ مُتحدث باسم جيش الاحتلال، قتل إسرائيل لاثنين من المدنيين الفلسطينيين مقابل كل عنصر من حماس بأنها نسبة "إيجابية للغاية"، بالنظر لتحديات القتال في المناطق الحضرية.
وكشف مسؤولون عسكريون إسرائيليون، لوسائل إعلام أجنبية، أن جيش الاحتلال يعتقد أن مدنيين اثنين قُتلا في غزة مقابل كل عنصر من حركة حماس، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، في وقت سابق الاثنين.
وأكد المتحدث باسم جيش الاحتلال، جوناثان كونريكوس، صحة هذه التقارير، إذ قال: "أرقامنا سيتم تأكيدها"، بحسب ما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي تبرير مشين للقتل والجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين، دفع المتحدث باسم جيش الاحتلال باعتبار نسبة القتل سابقة الإشارة إليها "هائلة وإيجابية للغاية"، و"ربما فريدة من نوعها" في حال تمت مقارنة الصراع الدائر في قطاع غزة وآخر يدور في مناطق حضرية "بين جيش ومنظمة إرهابية تستخدم المدنيين كدروع بشرية لها، ومدمجة في السكان المدنيين"، على حد زعمه.
ولم تصدر إسرائيل إحصاءً بعدد من استهدفتهم من عناصر حركة حماس في قطاع غزة، إلا أن وزير دفاعها يوآف جالانت زعم في تصريحات للصحفيين السبت الماضي إن جيش الاحتلال قتل "آلاف الإرهابيين".
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لم تسمه وكالة الأنباء الفرنسية، عندما سُئل، في وقت سابق، عن حقيقة مقتل حوالي 5000 من عناصر حماس: "الرقم إلى حد ما صحيح".
أول اعتراف إسرائيلي
وتصريح "مدنيين مقابل كل عنصر من حماس" يُعد أول اعتراف من دولة الاحتلال بأعداد الضحايا الآخذة في التزايد بين الفلسطينيين المدنيين، جراء العدوان المتواصل منذ أكثر من شهرين في غزة، إذ دحضت من البداية تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، وصدرت للعالم رواية تبيعتها لحركة حماس وخضوعها لإمرته.
ووفق أحدث تقارير وزارة الصحة الفلسطينية الرسمية، ارتفع أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 15800 شهيد 70% من بينهم أطفال ونساء، إضافة لما يزيد على 41 ألفًا من الجرحى، وقرابة الألف أغلبهم أطفال في عداد المفقودين ومُرجح أنهم محتجزون تحت أكوام الركام والدمار الذي خلفه جيش الاحتلال بين المربعات السكنية التي سواها بالأرض.
ضغط دولي
وعلى ما يبدو تقطعت السُبل بإنكار إسرائيل لجرائمها في مواجهة التحرك الدولي لا سيما الأممي، مرددًا بإحصاءات خسائرها وما خلفته من آثار ودمار في كل محفل دولي، ورددت وكالات الأمم المتحدة مرارًا في إحاطتها أمام مجلس الأمن وفي تقارير منفصلة أنه "لا مكان آمن في غزة"، منددة بالوضع المأساوي الذي يعيشه مدنيو القطاع، خاصة الأطفال، إلى جانب سقوط الآلاف يوميًا جراء عمليات عسكرية انتقامية أخذت إسرائيل على عاتقها مواصلتها في القطاع حتى تمام القضاء على حركة حماس "وإن استغرق الأمر سنوات"، وفق تقدير رئيس الشاباك، رونين بار، في تسجيل مسرب نشرته القناة الـ 11 الإسرائيلية في وقت سابق، يوم الاثنين.
ومن جانبها، في أحدث تقاريرها، رسمت منظمة الصحة العالمية صورة قاتمة للوضع في غزة ودعت إسرائيل إلى "اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات، وفقًا لقوانين الحرب".
وإلى جانب التنديد بسقوط أعداد ضخمة من الضحايا بشكل يومي، وبوتيرة متسارعة منذ عودة العمليات القتالية مع انهيار الهدنة الجمعة الماضي، استنكرت الأمم المتحدة في أحدث تقاريرها، الاثنين، تسجيل 203 اعتداءات على المستشفيات وسيارات الإسعاف والإمدادات الطبية، منذ بدأ الهجوم، معتبرة النهج الإسرائيلي "غير مقبول" مضيفة: "هناك وسائل لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وينبغي إيجادها".
خطوط حمراء للدعم الأمريكي
وتقول الولايات المتحدة إنها تجري مناقشات مع إسرائيل كل يوم حول توخي الحذر والدقة في استهدافها لعناصر حماس، لكنها لم تخف خلافات باتت ظاهرة على السطح أقر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي أخيرًا، إذ قال إن أمريكا تدعم "بعض أهداف الحرب".
وخلافًا لما يتردد حول دعم أمريكي مطلق لإسرائيل لم ينف المُتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، وجود "خطوط حمراء" للدعم الأمريكي لإسرائيل تتعلق باستراتيجية الأخيرة العسكرية، إذ قال في لقاء تلفزيون مع قناة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية قبل يومين "لهذا السبب نواصل العمل - كما قال لويد أوستن، وزير الدفاع- مع نظرائنا الإسرائيليين، لحملهم على أن يكونوا حذرين ودقيقين ومحددين في استهدافهم قدر الإمكان".