منذ ما يقرب من قرن من الزمان في مثل هذا اليوم عام 1918، خرجت للحياة الفنانة المصرية الراحلة مديحة يسري، لتكشف موهبتها التي انطلقت في عالم الفن، إبان حقبة الأربعينيات ليكون "ممنوع الحب" أول أفلامها.
لعب الحظ ووسامة شكلها دورًا كبيرًا في حياتها ليساعدها في أن تدخل قلوب الجمهور، حتى إنها حققت أكبر إسهام سينمائي، مقارنة بأقرانها، لتقدم ما يزيد عن 90 فيلمًا سينمائيًا، وبالرغم من ارتباطها الشديد بالشاشة الكبيرة، فإنها قررت الغياب عنها في نهاية التسعينيات، ليكون آخر أعمالها فيلم "الفرح" مع المخرج المصري هاني لاشين عام 1999.
شكّلت سمراء النيل دويتو ناجحًا مع الفنان محمد فوزي ليرتبطا فنيًا وإنسانيًا ليبدأ لقاؤهما بـ"قُبلة" في فيلم "قبلة في لبنان"، التي غيّرت مسار حياتهما ونتج عنها زواجهما، لتبدأ رحلتهما كثنائي فني وأزواج وشاركته في مشروعاته، وإنتاج الأفلام الملونة، وإنشاء أول مصنع للأسطوانات، لتكون هذه الفترة من أهم مراحل حياتهما الفنية، ويقدما أجمل الأفلام مثل "معجزة السماء" و"من أين لك هذا" وغيرها.
الكوميديا
كان لمحمد فوزي دور في اكتشاف مناطق جديدة بشخصية مديحة يسري الفنية، وأخرج منها لمسة كوميدية في عدد من الأفلام مثل "فاطمة وماريكا وراشيل"، و"بنات حواء"، و"تحيا الستات"، كما حاولت في الأفلام الأخيرة مناصرة المرأة، وإثبات قدرتها على منافسة الرجل.
وتقول مديحة يسري عن فوزي في لقاء تليفزيوني لها: "كان مرحًا، ويحب الحياة، وذكيًا في شغله وهو أول من قدّم أفلامًا ملونة، بدأها بفيلم للفنانة صباح، وهو الحب في خطر، كما فكّر في إنشاء أول مصنع للأسطوانات بعد أن لاحظ أننا نهدر أموالًا وعملة صعبة تخرج من مصر، فكان له دور كبير في الصناعة".
أزمة
"نهاية قصة" لم يكن مجرد اسمًا لفيلم شارك فيه الثنائي، ولكن وصفًا لنهاية مشوار حياتهما كزوجين بعد تعرض مديحة للخيانة من "فوزي"، وتُقرر الانفصال عنه، ولكن علاقتهما كأصدقاء لم تنقطع، خاصة بعد إنجاب ابنها عمرو منه، فلم تمنعه من التواصل مع والده.
صدمة عمرها
لم تكن هذه هي الصدمة الأولى في حياة مديحة يسري، بعد أن أبت الدنيا أن تتركها تنعم بحياة هادئة، فقررت أن توجه لها ضربة قاصمة بعد فقدان نجلها الوحيد عمرو في حادث سير، وهو في عمر العشرينيات، لتعصف هذه الأزمة بها وتُبعدها عن الساحة لفترة واعتزلت الجميع، حتى استطاعت فيما بعد العودة للاختلاط رويدًا رويدًا، ولكن ظل حزنها دفينًا بداخلها، إذ قالت في إحدى لقاءاتها التليفزيونية: "كان حبيب عمري وابن عمري، فلم يكن هناك شاب مثله وبأخلاقه، كما كان بطلًا لرياضة الكاراتيه لمدة 4 سنين، وتُقدم جائزة باسمه كل عام".
عدم الارتباط بعماد حمدي
حققت مديحة يسري ناجحًا مع الفنان الراحل عماد حمدي، وقدّما عددًا من الأفلام مثل "إني راحلة"، "قلب يحترق"، "وفاء"، "أقوى من الحب"، "حياة وموت"، "الخطايا"، "سلاسل من حرير" وغيرها، ورغم قربهما الفني ولكنهما لم يرتبطا عاطفيًا، لتكشف مديحة يسري عن السبب في لقاء تليفزيوني سابق لها: "عماد كان متزوجًا من الفنانة شادية ثم الفنانة نادية الجندي، وكان بمثابة أخ لي، ولم أشعر بأنه غريب بل مثل شقيقي، فهو الوحيد الذي كنت أشعر تجاهه بهذا الإحساس، وكان مباشرًا وصريحًا".
رفض العالمية
جاءت الفرصة لمديحة يسري لدخول العالمية، ولكن رفضها "العري" كان سببًا وراء اعتذارها، لتقول في حديث تليفزيوني لها: "رشحني مخرج إيطالي لتقديم فيلم يحمل اسم الأرز، وسافرت إلى إيطاليا، وقدّمتُ بروفة للدور، ولكن فُوجئتُ بأن تقديم الدور يتطلب أن أعري جزءًا من جسمي خلال سيري في مياه الأرز، فاعتذرتُ وقدَّمت الدور الفنانة اليونانية إيرين باباس".
وبالرغم من تركيزها في السينما، لكن كان للدراما نصيب من أدوارها لتقديم أشهر مسلسلاتها، وهو "هوانم جاردن سيتي" الذي شاركت فيه بجزأين من خلال شخصية خديجة هانم.
رحيل
رحلت سمراء النيل وهانم السينما المصرية بعد رحلة من العطاء لأكثر من 70 عامًا، إذ اعتزلت الفن في 2012 قبل رحيلها بنحو 6 سنوات لتفارق الحياة في 30 مايو 2018، ليخلّد اسمها بحروف من ذهب في عالم الفن.