الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرجة "حمى البحر المتوسط": تمثيل فلسطين في الأوسكار خطوة مهمة.. والحصول على جائزة "كان" حلم تحقق (حوار)

  • مشاركة :
post-title
الفلسطينية مها الحاج

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

يُصاب وليد بالإحباط بعد أن فشل في أن يجد لنفسه مكانة أو يحقق حلمه في ظل معاناته من التخبط والإحباط، وفجأة يصاب نجله بمرض "حُمى البحر المتوسط"، ليكتشف أنه ليس مرضًا صحيًا، ولكنه انعكاس لواقع يعيشه كثير من الفلسطينيين في مدينة حيفا؛ من هذا المنطلق نسجت مها الحاج، مؤلفة ومخرجة الفيلم الفلسطيني "حمى البحر المتوسط"، بذكاء شديد أحداثه، لتحقق نجاحات كبيرة به، سواء بفوزه بجائزة في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، أو ترشيحه ليكون الفيلم الفلسطيني الذي ينافس على جوائز الأوسكار.

تكشف مها الحاج، في حوار مع موقع "القاهرة الإخبارية"، كواليس ترشيح فيلمها لتمثيل فلسطين في الأوسكار، كما تطرقت للصعوبات التي واجهها العمل، وكيف جمع الفيلم في إنتاجه 4 دول، وكيفية مواجهتها أزمة التمويل وتحديات أخرى أدَّت إلى أن تستغرق التجربة 5 سنوات، كما تحدثت عن مشروعها الجديد، وتفاصيل أخرى تحدثت عنها في هذا الحوار:

رُشّح فيلمكِ "حُمى البحر المتوسط" لتمثيل فلسطين في جوائز الأوسكار، كيف ترين أهمية هذه الخطوة؟

أرى أن ترشيح فيلمي لتمثيل فلسطين في مسابقة الأوسكار، خطوة مهمة، وأتمنى أن تكتمل على خير، خاصة أن هناك منافسة شديدة وسط أفلام قوية، ورغم ذلك كنت سعيدة للغاية بهذا الاختيار.

بالرغم من غرابة الاسم فإنه يتضمن رسائل عدة، هل كان مقصودًا؟

الفيلم يحتوي على أكثر من رسالة، فهو لا يتحدث فقط عن الاكتئاب أو الوضع الداخلي لفلسطين، ولكنه يتناول قضايا عدة، منها الاكتئاب والإحباط لوجود الاحتلال، فبطل العمل شاب لديه طموح ليكون كاتبًا روائيًا، ولكنه يفشل ولا يجد موضوعات يكتب عنها، وفي رأيي أن رسالة العمل المشاهد من يقررها ويستنبطها، بناءً على ما فهمه من الفيلم.

حقق الفيلم نجاحًا في مهرجانات عدة لكن تظل الجائزة الأهم هي أفضل سيناريو من مهرجان كان السينمائي.. حدثينا عن هذه الخطوة؟

فكرة قبول مشاركة الفيلم في المهرجان وحدها أسعدتني وأفتخر بها، والحقيقة أنه كان حُلمًا بالنسبة ليّ أن أحصل على جائزة من مهرجان كان السينمائي الدولي، خاصة أنني لم أتوقع نهائيًا أن أفوز بها.

كانت لحظات ترقب مُنتظرة عندما قدّمت الفيلم وأعطوني "جواب إجازة" بقبوله في مهرجان "كان"، وأعدّه شيئًا عظيمًا، ولكن عندما وصلت إلى هناك وعرض الفيلم بالمهرجان تولّد بداخلي حُلمًا جديدًا، وهو أن أحصل على جائزة منه، وأفتخر بهذه الجائزة التي منحتني دفعة معنوية، وكانت مهمة لي ككاتبة السيناريو ومهمة للفيلم لتسويقه ومهمة للمشاهد لأن يستمتع بعرضه.

ماذا اختلف هذه المرة خاصة أنه سبق لكِ المشاركة في مهرجان كان؟

بالفعل، شاركتُ في مهرجان "كان" لأول مرة عام 2016 بباكورة أفلامي الروائية الطويلة "أمور شخصية" الذي شارك بمسابقة" نظرة ما"، وهي المسابقة نفسها التي شاركت بها في فيلمي الثاني، ولكن الاختلاف في المرة الأولى هو أن الفيلم "أمور شخصية" لم يحصل على جائزة من المهرجان، بينما حصد جوائز أخرى عالمية، مثل جائزة مهرجان "حيفا" كأحسن فيلم، وجائزة من مهرجان فيلادلفيا السينمائي كأحسن فيلم، وجائزة النقاد بمهرجان بفرنسا.

وفي فيلم "حمى البحر المتوسط"، كانت أول جائزة له من مهرجان "كان" السينمائي، وجائزة أحسن فيلم بمهرجان "هونج كونج" وجائزة النقاد في مهرجان طوكيو، وتنويه خاص من مهرجان "أدنبرة"، وشارك في عدد من المهرجانات العالمية بالمسابقات الرسمية، وهذا في حد ذاته عظيم بالنسبة لي.

يواجه صُنّاع السينما في فلسطين صعوبات لتقديم أعمالهم، فما التحديات التي واجهتكِ في فيلمك الأخير؟

الصعوبات الرئيسية تكمن في عدم وجود صندوق لدعم السينما في فلسطين، فمثلًا في مصر ولبنان وتونس وغيرها من بلدان العالم، هناك دعم للأفلام، بينما في فلسطين نحصل على تمويل الأفلام من دول أوروبية أو عربية، وفيلمي الأخير إنتاج مشترك بين ألمانيا وفرنسا وقبرص وقطر، لأنه لا يوجد صندوق فلسطيني لتمويل الأفلام، فهذه هي بداية الطريق الشائك.

الصعوبة الثانية كانت بعد عرض الفيلم في المهرجانات الدولية، وهي عدم وجود دور عرض بفلسطين، ولكن مسارح ومؤسسات خاصة يمكن أن تعرض الفيلم بعد استئجار شاشة، فلا يوجد سينما بمفهومها الاحترافي، التي يأتي من ورائها عائد، ولكنها اجتهادات خاصة من مؤسسات وجمعيات وأفراد، وهذا يقهرني لأني في الأساس أقدم فيلمًا يحكي عن معاناتنا، وأحب أن يحضره كل الفلسطينيين من القدس ورام الله والضفة وغيرها، وللأسف أعداد الحضور تكون قليلة لأنه ليس لدينا دور عرض سينمائي.

ماذا عن تحديات التصوير؟

لم تكن لدينا مشكلة في مسألة التصوير لأنه صوّر في حيفا، وهي مدينتي التي أعيش فيها، والفيلم يحكي عن شخصيات يعيشون في حيفا، وهي مدينة يعيش فيها فلسطينيون وإسرائيليون، وهي تطل على البحر، ورغم جمالها والسحر الذي تحتويه لكن الشخصيات مكتئبة ومحاصرة وتعيسة وفاقدة البسمة، لأنها محتلة منذ عام 1948، فالفيلم يحكي عن هؤلاء الشخصيات، وصوّرنا المشاهد الخارجية بحيفا لمدة 3 أسابيع لنبرز جمالها، بينما صوّرنا المشاهد الداخلية لمدة أسبوعين بقبرص.

لماذا استغرق الفيلم فترة طويلة لخروجه إلى النور؟

استغرق أكثر من 5 سنوات، وهذا يرجع إلى التمويل، إذ تطلب الحصول عليه 4 سنوات كاملة لكي يكتمل إنتاجه، وكنت أجمع أموال الفيلم، رغم أنه منخفض التكلفة، فمثلًا كنتُ في حاجة إلى منتج ألماني ليشارك في عملية الإنتاج، لأنه من الصعب أن أحصل بمفردي على تمويل من الصندوق الألماني فهو يتكفل بهذا الأمر، والأمر نفسه ينطبق على المنتج الفرنسي والقبرصي، فلا أستطيع الحصول على تمويل من هذه الصناديق مباشرة، لذلك اشترك 4 منتجين من دول مختلفة في الفيلم.

هل فرض هؤلاء الممولون الأجانب شروطًا على الفيلم؟

لا بالعكس، السيناريو نال إعجابهم، وشجعوا العمل ودعموه بقوة.

إلى أي مدى كان الفيلم انعكاسًا للواقع؟

نعم، يعكسه بشدة، نحن كشعب أثرت علينا نكبة 1948 اجتماعيًا وسيكولوجيًا ونفسيًا وعلى روحنا، وهناك شيء حزين سيظل بداخل الشعب الفلسطيني كونه تهجر من بيوته، وهناك من ظل في بيوته مثلي وعائلتي، بينما هناك عائلات هُجّرت، ولذلك أنا في نهاية الفيلم أضع صورًا ومشاهد من بيوت هُجّرت وهُدمت ونرى حيفا كئيبة وحزينة، وأقوم بعمل تكريم لهذه البيوت المُهجّرة التي شُردت عائلاتها، ولا نعرف أين ذهبت، ولأي مخيم لاجئين وغيره، ولن يعود أهلها إليها بسبب الاحتلال، فالمدينة حزينة والشخصيات بالفيلم "تشربت" هذا الحزن والكآبة، ولا أقول إننا جميعًا مكتئبون، ولكن بداخلنا حزن.

اُختير الفيلم مؤخرًا ليكون في افتتاح مهرجان القدس السينمائي الدولي، كيف ترين هذه الخطوة؟

فخورة وسعيدة جدًا بعرضه في مهرجان القدس بغزة، ولن أستطيع الحضور لأنني ممنوعة من الذهاب إلى غزة، ولكنني متشوقة لرؤية أهل غزة للفيلم والاستمتاع به، وأن يكون هناك تواصل بيننا عن طريق الفن والسينما.

ماذا يشغلكِ عند كتابة أفلامكِ؟

عندما أكتب فيلمًا لا أفكر في مهرجانات أو جوائز أو من يحضره أو عدد المشاهدين، بينما أفكر فقط بالعمل الذي يخرج من القلب ويصل لقلب المشاهد، وأركز على طريقة سرد القصة، وعندما أنتهي من تصويره، ويكون جاهزًا للعرض وقتها أفكر في تسويقه بالمهرجانات وبيعه وغيرها من المراحل، فتكمن متعتي بالكتابة.

ماذا عن مشروعاتكِ المقبلة؟

أجري كتابة سيناريو جديد، ولكن تظل المشكلة نفسها، وهي البحث عن تمويل الذي يستغرق وقتًا طويلًا، فالفرق بين فيلمي الأول والثاني نحو 6 سنوات، فالفيلم الأخير استغرق ما يزيد عن 5 سنين، بينها عام للكتابة و4 سنوات تمويل و6 أشهر تصوير ومونتاج، والعمل على الصوت والموسيقى، وأتمنى في فيلمي الجديد ألا يأخذ الوقت نفسه.